في تصعيد جديد يهدد استقرار حركة الملاحة في البحر الأحمر، قُتل بحاران وأصيب آخرون في هجوم استهدف سفينة شحن يونانية ترفع علم ليبيريا قبالة السواحل اليمنية، في هجوم يحمل بصمات جماعة الحوثي، وسط مخاوف من تعرض السفينة للغرق بعد أضرار جسيمة لحقت بها، وذلك بعد يومين فقط من إعلان الجماعة إغراق سفينة «ماجيك سيز» في المنطقة نفسها.
وبحسب ما أكدته مصادر أمنية غربية ويمنية، فإن الهجوم وقع باستخدام زوارق مسيرة وقوارب سريعة استهدفت سفينة الشحن «إتيرنيتي سي»، حيث أعلن وفد ليبيريا خلال اجتماع للمنظمة البحرية الدولية في لندن عن مقتل اثنين من أفراد الطاقم في الهجوم، في أول حادث دموي منذ يونيو 2024 الذي شهد مقتل أربعة بحارة في هجمات مماثلة.
وتشير التقارير إلى أن السفينة التي يبلغ طاقمها 22 شخصًا تعرضت لهجوم متواصل منذ مساء الاثنين جنوب غربي مدينة الحديدة، حيث تسببت الهجمات المتكررة في أضرار جسيمة بالسفينة، وأفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية بأن السفينة فقدت قوة الدفع وأصبحت محاطة بزوارق صغيرة تهاجمها بشكل متواصل.
وفي حين لم تعلن جماعة الحوثي مسؤوليتها رسميًا عن الهجوم الأخير حتى الآن، فإن الهجوم يأتي بعد تبني الجماعة إغراق سفينة «ماجيك سيز» اليونانية التي ترفع علم ليبيريا، حيث أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، استهداف السفينة باستخدام زورقين مفخخين، وخمسة صواريخ، وثلاث طائرات مسيرة، بزعم انتهاك السفينة حظر دخول المواني الإسرائيلية.
وأشارت مصادر ملاحية إلى أن الجماعة حاولت في البداية قرصنة السفينة قبل أن يتطور الموقف إلى استخدام الأسلحة الثقيلة بعد مواجهة مع طاقم الحماية المسلحة على متنها، الأمر الذي أدى إلى تصاعد حدة الهجوم وتسبب في إصابات وأضرار بالغة.
وفي السياق ذاته، وصف وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني الهجوم بأنه "عمل إرهابي" يهدد أمن الملاحة الدولية وإمدادات الغذاء والطاقة عبر أحد أهم الممرات المائية العالمية، محذرًا من كارثة إنسانية وبيئية في حال تعرض السفينة للغرق.
وأوضح الوزير اليمني أن الهجوم وقع عند الثامنة مساء الأحد بتوقيت اليمن باستخدام زورقين وطائرات مسيرة، أسفر عن إصابة اثنين من الطاقم وفقدان اثنين آخرين، فيما يعتقد أن محركات السفينة تعطلت وبدأت في الانجراف.
واتهم الإرياني إيران بدعم الجماعة الحوثية لتصعيد هذه الهجمات في البحر الأحمر، داعيًا الأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ موقف صارم تجاه هذه التهديدات التي تقوض الأمن الإقليمي والدولي.
تأتي هذه الهجمات بعد وساطة عُمانية أسفرت في مايو الماضي عن اتفاق على وقف استهداف السفن الأميركية مقابل تعليق الحملة العسكرية الواسعة بقيادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بينما استمرت الجماعة في استهداف السفن المرتبطة بالموانئ الإسرائيلية، في ظل ارتفاع وتيرة الهجمات التي تجاوزت 150 هجومًا منذ نوفمبر 2023.
وفي سياق متصل، أعلنت شركة الأمن البحري البريطانية «أمبري» أن صور الأقمار الصناعية أظهرت تعرض أرصفة بميناء الحديدة لأضرار جراء غارات إسرائيلية ضمن سلسلة ضربات انتقامية، مشيرة إلى تضرر سفينتين تحملان علم باربادوس دون إصابات بين الطاقم.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن إطلاق موجة جديدة من الضربات تحت مسمى «الراية السوداء» ضد مواقع تابعة للحوثيين في الحديدة، مؤكدًا عبر تصريحات وزير الخارجية جدعون ساعر أن إسرائيل ستواصل الرد بقوة على أي استهداف لمصالحها في البحر الأحمر.
ويشير مراقبون إلى أن إسرائيل تواجه صعوبات في الحصول على معلومات استخبارية دقيقة حول مواقع قيادات الجماعة، ما يدفعها لتكثيف ضرباتها على البنية التحتية الاقتصادية والموانئ اليمنية كوسيلة للردع، بينما تواصل جماعة الحوثي استهداف السفن التجارية في تصعيد يهدد أمن الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب، ويثير المخاوف من أزمات إنسانية وبيئية جديدة في المنطقة.