أظهرت محاضر اجتماع البنك المركزي الأوروبي، الذي عُقد بين 3 و5 يونيو، أن صناع السياسات قرروا خفض أسعار الفائدة الشهر الماضي بهدف تجنب تشديد غير مبرر للسياسة النقدية، في ظل حالة من عدم اليقين المتزايد بشأن التجارة العالمية.
أسعار الفائدة في البنك المركزي الأوروبي
وفقًا للحسابات التي نُشرت اليوم الخميس، خفّض المركزي الأوروبي أسعار الفائدة للمرة الثامنة خلال عام واحد، لكنه ألمح إلى توقف مؤقت في مسار التيسير النقدي، خاصة مع عودة التضخم لمستواه المستهدف، في وقت ما زالت فيه السياسات التجارية الأمريكية المتقلبة تثير كثيرًا من الشكوك.
وأكدت المحاضر أن آفاق الاقتصاد العالمي ما تزال تكتنفها درجة عالية من عدم اليقين، محذرة من أن التوترات التجارية قد تتسع وتتصاعد لفترة ليست قصيرة.
ورجّحت الحسابات أن دورة خفض الفائدة ستتوقف مؤقتًا، إذ يرى أغلب صناع القرار أن البيانات الأساسية وكذلك وضوح الصورة بشأن المحادثات التجارية الأمريكية لن تتوفر قبل الاجتماع المقبل في 24 يوليو.
وتشير تقديرات المستثمرين كذلك إلى خفض آخر وحيد للفائدة على الإيداع عند مستوى 2% قبل نهاية العام، على أن تبدأ دورة رفع الفائدة مجددًا بحلول أواخر 2026.
وبيّنت الحسابات أن مؤشرات شهري أبريل ومايو كشفت عن علامات تباطؤ نسبي في الاقتصاد العالمي، ورغم نجاح المركزي الأوروبي في تحقيق هدف التضخم تقريبًا، حذر بعض الأعضاء مثل أولي رين وماريو سينتينو وبيير وونش من خطر تراجع التضخم إلى مستويات منخفضة جدًا، وهو ما قد يتطلب المزيد من الدعم النقدي.
ومن المتوقع أن يتراجع نمو الأسعار مؤقتًا إلى أقل من مستهدف البنك المركزي البالغ 2% خلال الفترة المقبلة بفعل قوة اليورو وتراجع تكاليف الطاقة والواردات الصينية الرخيصة، قبل أن يعود التضخم تدريجيًا إلى الهدف.
اليورو عملة الملاذ الآمن
أوضحت المحاضر أن خفض الفائدة جاء لضمان عدم إطالة أمد التراجع المؤقت للتضخم، كما لاحظ الأعضاء أن اليورو شهد ارتفاعًا ملحوظًا بلغ نحو 14% أمام الدولار منذ بداية العام، ما جعله يلعب دور عملة الملاذ الآمن بدلًا من الدولار في ظل التقلبات الأخيرة.
لكن هذا الصعود القوي للعملة الموحدة قد يُكبّد اقتصاد منطقة اليورو خسائر إضافية على صعيد الصادرات، وهو ما دفع صناع السياسات لتكثيف تحذيراتهم هذا الأسبوع بشأن المخاطر المحتملة لقوة اليورو.
كما وصفت الحسابات أداء أسواق السندات الحكومية في منطقة اليورو خلال اضطرابات أبريل المرتبطة بالحرب التجارية التي شنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ «المرن للغاية».
وبينما نبّه البعض إلى أن تراجع العولمة، والتحول الأخضر، وشيخوخة السكان قد تزيد الضغوط التضخمية لاحقًا، حذرت الحسابات من أن المركزي الأوروبي قد يجد نفسه أمام تحديات جديدة إذا ما ارتفع التضخم مجددًا فوق المستهدف في المستقبل القريب.