«جبل الفأس».. موقع غامض يعيد المخاوف النووية الإيرانية إلى الواجهة


الجمعة 27 يونية 2025 | 10:52 مساءً
صورة تظهر قيام إيران بالحفر في جبل الفأس
صورة تظهر قيام إيران بالحفر في جبل الفأس
محمد خليفة

كشفت تقارير أمريكية حديثة عن تفاصيل مثيرة حول موقع نووي إيراني جديد يُعتقد أنه شديد التحصين ويصعب استهدافه، يُعرف باسم «جبل الفأس» أو «بيك أكس»، ويقع على بُعد نحو 90 ميلاً جنوب منشأة «فوردو» النووية، وعلى مسافة دقائق معدودة فقط من منشأة «نطنز» الشهيرة وسط محافظة أصفهان، ما يجعله في قلب شبكة المواقع النووية الحساسة في إيران.

جبل الفأس والنووي الإيراني 

بحسب المعلومات المنشورة، يبلغ ارتفاع «جبل الفأس» نحو 1608 أمتار فوق مستوى سطح البحر، أي أنه أعلى بنسبة تزيد على 50% من الجبل الذي يضم منشأة «فوردو»، والذي لا يتجاوز ارتفاعه 960 مترًا. 

وتشير التقديرات إلى أن غرف الجبل الجوفية تمتد إلى أعماق قد تتجاوز 100 متر تحت سطح الأرض، مقارنة بعمق يتراوح بين 80 و90 مترًا في «فوردو»، ويُعد هذا العمق والتحصين الجغرافي عاملاً معقداً للغاية أمام أي هجمات عسكرية محتملة، حتى باستخدام أقوى القنابل الأمريكية المخصصة لاختراق التحصينات مثل قنبلة «جي بي يو 57».

وتُرجّح تقارير استخباراتية أن إيران قد اختارت «جبل الفأس» ليكون مخبأً استراتيجياً لكميات من اليورانيوم المخصب، معتبرةً إياه موقعًا مثاليًا لإخفاء مخزوناتها من أي عمليات رصد أو استهداف. وتدعم صور الأقمار الاصطناعية هذه الفرضية، إذ أظهرت توسعاً سريًا وتحسينات كبيرة حول الجبل خلال السنوات الأربع الماضية، بما في ذلك بناء تحصينات جديدة وفتح أربعة مداخل للأنفاق - اثنان في الجهة الشرقية واثنان في الجهة الغربية - ما يضيف مزيداً من التعقيد لأي محاولة لاختراقه.

وتعزز هذه المعلومات الشكوك التي أثيرت مؤخرًا بشأن حقيقة الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني بعد الضربات الأمريكية والإسرائيلية، وبينما يتمسك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتأكيده أن الضربات الأخيرة دمّرت القدرات النووية الإيرانية بالكامل وأعادت البرنامج عقوداً إلى الوراء، كشفت تسريبات لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية أن الضربات لم تدمر المكونات الأساسية للبرنامج بل عطّلته لأشهر فقط، إذ نجحت طهران في نقل جزء من مخزونها من اليورانيوم المخصب وأجهزة الطرد المركزي قبل الضربة، كما أظهرت صور حديثة أن منشأة «فوردو» لم تُدمّر بالكامل كما أُعلن.

ويحذر محللون من أن بقاء «جبل الفأس» بعيداً عن أنظار المفتشين قد يعزز قدرة طهران على مواصلة تخصيب اليورانيوم سراً، خاصة مع استمرار البرلمان الإيراني في تعطيل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأضافت تصريحات المدير العام للوكالة رافاييل جروسي، المزيد من الغموض، بعدما كشف أن إيران ردت باقتضاب على تساؤلاته حول الأنشطة الجارية داخل «جبل الفأس» بعبارة واحدة: «هذا ليس من شأنكم».

وفي ظل هذه المؤشرات، تتزايد المخاوف من أن إيران قد تستخدم المنشأة الجديدة ليس فقط لصنع أجهزة الطرد المركزي، بل لتخصيب كميات أكبر من اليورانيوم في مكان أكثر تحصيناً، ما يصعب مهمة تدميره حتى باستخدام القنابل الخارقة للتحصينات.

وبينما يرى مراقبون أن «جبل الفأس» قد يصبح «الحصن السري» الجديد الذي يؤمن لطهران قدرة بديلة على استئناف تخصيب اليورانيوم سريعاً إذا تعرضت منشآتها الرئيسة لأي هجوم مستقبلي، تتصاعد الدعوات الدولية - وفي مقدمتها دعوة غروسي الأخيرة - لإلزام إيران بالسماح للمفتشين بالوصول الفوري إلى هذا الموقع وغيره من المواقع الغامضة، وسط تحذيرات من دخول البرنامج النووي الإيراني مرحلة جديدة أكثر تعقيداً وخطورة.