الناتو يرضخ لضغوط ترامب.. زيادات دفاعية غير مسبوقة وتجديد للالتزام الجماعي


الاربعاء 25 يونية 2025 | 04:57 مساءً
الناتو
الناتو
محمد شوشة

أعلن قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، التزامهم بزيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي استجابةً لمطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكدين في الوقت ذاته التمسك بالمبدأ الأساسي للدفاع الجماعي، في خطوة اعتُبرت انتصارًا دبلوماسيًا لترامب ومصدر طمأنة لحلفاء الولايات المتحدة داخل الحلف.

الناتو يتبنى زيادات دفاعية تاريخية

ورغم أن القمة، التي عُقدت في مدينة لاهاي الهولندية، صُممت لتتناسب مع جدول الرئيس الأمريكي وتوجهاته، إلا أن التزام ترامب الصريح بالمادة الخامسة من معاهدة واشنطن – والتي تنص على أن أي هجوم على أحد أعضاء الحلف يُعد هجومًا على الجميع – منح شركاء الناتو شعورًا بالارتياح بعد تصريحات أقل وضوحًا أدلى بها ترامب في اليوم السابق.

وفي بيان ختامي مكوَّن من خمس نقاط، أيد القادة هدفًا طموحًا لرفع الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، وهو ما يمثل استجابة مزدوجة: أولًا لمطالب ترامب المتكررة بزيادة الإنفاق الأوروبي، وثانيًا لمخاوف الأوروبيين المتزايدة من التهديد الروسي، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.

وأكد البيان الصادر عن الدول الـ32 الأعضاء في الحلف: "نؤكد من جديد التزامنا الصارم بالدفاع الجماعي، على النحو المنصوص عليه في المادة 5 من معاهدة واشنطن – بأن الهجوم على أحدنا يُعد هجومًا على الجميع".

وعندما طُلب من ترامب توضيح موقفه من هذه المادة، أجاب: "أنا متمسك بها، لهذا السبب أنا هنا، إذا لم أكن متمسكًا بها، لما كنت هنا من الأساس".

التهديدات الأمريكية بفرض رسوم جمركية

على الرغم من اتفاق غالبية الحلفاء حول توجهات القمة، برزت مداخلة حادة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي عبّر عن استيائه من التهديدات الأمريكية بفرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات الأوروبية، معتبرًا أن هذه السياسات قد تُعيق جهود الدول الأعضاء لزيادة إنفاقها الدفاعي.

وقال ماكرون: "لا يمكنكم أن تأتوا إلينا كحلفاء وتطلبوا منا أن ننفق المزيد، ثم تخوضوا حربًا تجارية ضدنا. هذا أمر شاذ".

الإنفاق في ظل التهديد الروسي

في رده على المخاوف المتعلقة بزيادة الإنفاق، قال الأمين العام الجديد لحلف الناتو، مارك روته، الذي استضاف القمة بصفته رئيس وزراء هولندا السابق، إن الحلف يواجه تهديدات حقيقية من روسيا، ما يستدعي تعزيز قدراته الدفاعية بشكل عاجل.

وأوضح روته: "ليس من السهل على الدول الأوروبية وكندا توفير الأموال الإضافية، لكن لا يوجد بديل في ضوء هذا التهديد الروسي، والوضع الأمني الدولي المتدهور، والحلف سيخرج من هذه القمة أقوى، وأكثر عدالة، وأكثر قدرة على الردع".

ويمثل الهدف الجديد للإنفاق قفزة كبيرة مقارنة بالهدف الحالي البالغ 2% من الناتج المحلي، ويتوقع أن تبلغ الزيادة مئات المليارات من الدولارات سنويًا، إذ ستوزع الدول الأعضاء هذه النسبة على 3.5% للإنفاق العسكري المباشر (القوات، الأسلحة، البنية التحتية)، و1.5% لتغطية نفقات أمنية أوسع مثل الأمن السيبراني، حماية خطوط الأنابيب، وتحديث البنية التحتية لنقل المعدات العسكرية الثقيلة.

إسبانيا تتحفظ لكن لا تداعيات معلنة

وفيما وافق جميع الأعضاء على البيان الختامي، أعربت إسبانيا عن عدم نيتها تحقيق نسبة الـ5%، مبررة ذلك بأنها قادرة على الوفاء بالتزاماتها الدفاعية عبر إنفاق أقل.

وتعامل روته مع هذا التحفظ ضمن ترتيبات دبلوماسية مرنة مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، في محاولة لتجنب أي صدع داخلي، خاصة في ظل رغبة واضحة في تقديم القمة كنصر دبلوماسي لترامب.

وأعلنت الحكومة الإسبانية لاحقًا أن موقفها لن يؤدي إلى أي تداعيات أو خلافات داخل الحلف.

زيلينسكي يلتقي ترامب والكرملين يهاجم

من جانبه، اضطر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الاكتفاء بحضور عشاء القادة عشية القمة دون المشاركة في الجلسة الرئيسية، لكنه التقى ترامب بشكل منفصل بعد انتهاء القمة الرسمية.

في المقابل، صعّد الكرملين من لهجته تجاه نتائج القمة، متهمًا الناتو باتباع سياسة عسكرة متفشية وتصوير روسيا كشيطان الجحيم، لتبرير الزيادة الهائلة في ميزانيات الدفاع بدول الحلف. 

الناتو
الناتو