مصر تقود تحوّلًا في مشهد الطاقة الأفريقي عبر برامج تمويلية بعد توليها رئاسة اتحاد الغاز


الاثنين 23 يونية 2025 | 08:33 مساءً
اتحاد طاقة الغاز
اتحاد طاقة الغاز
حسين أنسي

أعلنت مصر عن توجه استراتيجي طموح لدعم الدول الأفريقية التي تعاني من فقر حاد في إمدادات الطاقة، وذلك عبر برامج تمويلية ميسرة، تُطلقها خلال رئاستها المقبلة للاتحاد الدولي للغاز (2028 – 2031)، في خطوة غير مسبوقة تمثل أول قيادة لدولة من الشرق الأوسط وأفريقيا لهذا المنصب الدولي.

وجاء الإعلان بعد أن تولّت الجمعية المصرية للغاز والطاقة رسميًا منصب نائب رئيس الاتحاد الدولي للغاز، تمهيدًا لتسلُّمها رئاسة الدورة المقبلة، ما يضع مصر في موقع ريادي لتشكيل سياسات الغاز العالمية، وتوجيه استثماراته في اتجاهات أكثر عدالة واستدامة، لا سيما في القارة السمراء.

التحدي الأفريقي: فقر الطاقة

صرّح المهندس خالد أبو بكر، نائب رئيس الاتحاد الدولي للغاز حاليًا، أن أجندة مصر خلال الرئاسة المقبلة ستركز على قضايا رئيسية تتعلق بأسعار الطاقة، أمن الإمدادات، واستدامة التوسع في الاستخدامات، مشيرًا إلى أن ملايين المواطنين الأفارقة لا يحصلون على الحد الأدنى من الكهرباء، ما يتطلب تحركًا دوليًا سريعًا.

وأضاف أن مصر تُعد برامج تمويلية مرنة للدول الأفريقية، من خلال شراكات مع مؤسسات تنموية كبرى في القارة، وذلك لتأمين الإمدادات اللازمة وتنفيذ مشروعات الغاز الطبيعي والطاقة النظيفة.

تعاون مرتقب مع بنوك أفريقية

من جانبه، أكد المهندس كريم شعبان، عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد، أن هناك مشاورات قائمة مع كيانات تمويلية كبرى مثل بنك الطاقة الأفريقي والبنك الأفريقي للتنمية وبنك Afreximbank، لتمويل المشروعات المستهدفة. وأوضح أن أفريقيا تواجه أزمة تمويل مزمنة، تعيق تنفيذ مشروعات الطاقة والبنية التحتية، مما ساهم في بقاء نحو 600 مليون شخص بدون كهرباء، وأكثر من 900 مليون يعتمدون على وسائل طهي بدائية.

وأضاف أن الاستراتيجية المصرية تشمل تشجيع الاستثمار في مشاريع الطاقة منخفضة الكربون والطاقة المتجددة، كجزء من رؤية تنموية أوسع تنسجم مع أجندة أفريقيا 2063.

التحديات الآسيوية وسعر الغاز العالمي

في السياق ذاته، لفت شعبان إلى أن السوق الآسيوي يعاني من تذبذب في أسعار الطاقة وطلب متصاعد، لا سيما في الصين والهند. وتستهدف مصر ضمن استراتيجيتها العالمية إعادة التوازن بين العرض والطلب عبر تحفيز الإنتاج من دول مثل قطر والولايات المتحدة، بالإضافة إلى تشجيع الاتفاقيات الثنائية لتوفير إمدادات إضافية.

وأشار أبو بكر إلى أن أسعار الغاز الطبيعي العالمية تتجاوز السعر العادل بنحو 15–20% منذ خمس سنوات، متوقعًا ارتفاعها بشكل حاد في حال تصاعد التوتر العسكري في الشرق الأوسط، خاصة مع الحديث عن احتمالية تأثر الملاحة في مضيق هرمز.

نحو مستقبل طاقة نظيفة

من جهته، استعرض الدكتور محمد فؤاد، السكرتير العام للجمعية المصرية للغاز والطاقة، ملامح التوسّع في الرؤية المصرية للطاقة، والتي لم تعد تقتصر على الغاز الطبيعي فقط، بل تشمل التحول نحو التقنيات منخفضة الكربون والطاقة المتجددة، مشيرًا إلى تشكيل مجلس استشاري جديد يضم أبرز قادة القطاعين العام والخاص، بما يضمن تنسيق المبادرات مع السياسات الحكومية ودعم الاستثمارات الجديدة.

وتأتي هذه التحركات في وقت تتصاعد فيه الحاجة العالمية إلى حلول مبتكرة ومستدامة لأزمة الطاقة، ومع تصاعد المخاوف من اضطرابات جيوسياسية قد تُهدد سلاسل الإمداد، تسعى مصر لتقديم نموذج قيادي دولي يعتمد على التكامل الإقليمي والتمويل العادل والتنمية المستدامة.