وسط تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، ومع توالي الضربات الجوية الإسرائيلية على أهداف إيرانية، تتزايد التحذيرات من أن تطور الصراع إلى حد إسقاط النظام في طهران قد يترك أثرًا بالغًا على أسواق النفط العالمية، ويدفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، في سيناريو يُخشى أن يتجاوز تداعيات ما شهدته ليبيا عام 2011.
ورغم مرور أكثر من أسبوع على القصف الإسرائيلي المكثف لإيران، لم تُسجّل حتى الآن اضطرابات فعلية في إمدادات النفط، لكن أسعار الخام بدأت تشهد ارتفاعًا تدريجيًا بنحو 10%.
وقد بقي خام برنت دون حاجز 80 دولارًا للبرميل، ما يعكس "ضبط النفس" النسبي في السوق حتى اللحظة، بحسب تقرير لشبكة CNBC.
احتمالات التصعيد تنذر بصدمة في سوق الطاقة
لكن مع تصاعد حدة المواجهات، وتزايد مؤشرات زعزعة الاستقرار داخل إيران، يحذر خبراء الطاقة من أن أي انهيار محتمل للنظام الإيراني قد يفضي إلى فوضى في سوق النفط، ويؤدي إلى انقطاع الإمدادات وارتفاع كبير في الأسعار.
ناتاشا كانيفا، رئيسة أبحاث السلع العالمية في "جيه بي مورغان"، أوضحت في مذكرة للعملاء أن سيناريو عدم الاستقرار السياسي في إيران قد يرفع أسعار النفط بنحو 76% في ذروته، مقارنةً بما قبل الأزمة، ويستقر لاحقًا عند مستويات أعلى بنسبة 30% عن الأسعار المعتادة، بناءً على تجارب تاريخية شبيهة في دول نفطية أخرى.
وتشير بيانات "جيه بي مورغان" إلى أن أسعار النفط تضاعفت تقريبًا في أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979، كما شهدت قفزة كبيرة خلال الثورة الليبية عام 2011 عندما أطاح الحراك الشعبي بالرئيس معمر القذافي.
أهداف إسرائيل: تغيير داخلي للنظام؟
في هذا السياق، قال سكوت موديل، الرئيس التنفيذي لشركة "رابيدان إنرجي غروب" والضابط السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، إن الحملة الإسرائيلية لا تقتصر على تقويض البرنامج النووي الإيراني، بل قد يكون هدفها الأعمق هو زعزعة المؤسسة الأمنية بشكل يسمح بتمهيد الطريق لتغيير داخلي للنظام، دون تدخل خارجي مباشر.
ورغم نفي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يكون إسقاط النظام هدفًا رسمياً، إلا أن تصريحاته الأخيرة لم تستبعد إمكانية حدوث ذلك نتيجة تصاعد الصراع.
خطر تعطيل مضيق هرمز يلوح في الأفق
من جانبها، حذرت حليمة كروفت، رئيسة استراتيجية السلع في "آر بي سي كابيتال ماركتس"، من أن أي تهديد وجودي للنظام في طهران قد يدفعه إلى اتخاذ إجراءات حادة تشمل استهداف منشآت الطاقة الإقليمية أو تلغيم مضيق هرمز، الذي يمر من خلاله نحو 20% من صادرات النفط العالمية.
وقالت كروفت إن هناك تقارير عن تعمّد إيران التشويش على أجهزة الملاحة الخاصة بالسفن، فيما أصدرت بعض الجهات مثل قطر للطاقة ووزارة النقل البحري اليونانية تحذيرات لتجنب المرور عبر المضيق.
توقعات بارتفاع الأسعار إلى 100 دولار للبرميل
ووفقًا لتقديرات شركة "رابيدان"، فإن هناك احتمالًا بنسبة 70% بأن تنضم الولايات المتحدة إلى الضربات الإسرائيلية على منشآت نووية إيرانية، وفي هذه الحالة قد ترتفع أسعار النفط بحدود 4 إلى 6 دولارات.
أما إذا ردت إيران باستهداف البنية التحتية للطاقة في الخليج، فقد تقفز الأسعار فوق حاجز 100 دولار للبرميل، وفقًا لما ذكره بوب ماكنالي، مستشار الطاقة السابق في إدارة جورج بوش الابن.
وأكد ماكنالي أن تعطيل مضيق هرمز، حتى لأسابيع قليلة، سيُحدث صدمة طويلة الأمد في سوق النفط، تتجاوز توقعات الأسواق بشأن قدرة الأسطول الأميركي الخامس على احتواء الأزمة سريعًا.