اليابان تسابق الزمن لتأمين اتفاق مع أميركا يحمي صادراتها الحيوية قبل قمة السبع


السبت 14 يونية 2025 | 05:17 مساءً
اليابان وأمريكا
اليابان وأمريكا
وكالات

في سباق مع الزمن وقبل انطلاق قمة مجموعة السبع في كندا، صعّدت اليابان والولايات المتحدة من وتيرة محادثاتهما التجارية في محاولة للتوصل إلى اتفاق يحول دون فرض مزيد من الرسوم الجمركية التي تهدد قطاعات رئيسية من الاقتصاد الياباني، وعلى رأسها صناعة السيارات.

وفي هذا السياق، عقد كبير المفاوضين اليابانيين ريوسي أكازاوا، أمس الجمعة سلسلة لقاءات مهمة في العاصمة الأميركية واشنطن، من بينها اجتماع استمر 70 دقيقة مع وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، تلاه لقاء ثانٍ مع وزير الخزانة سكوت بيسنت دام نحو 45 دقيقة. 

تأتي اللقاءات بعد إعلان رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا عن اتصالات مباشرة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب لحث واشنطن على التراجع عن الرسوم الجمركية المفروضة على الصادرات اليابانية.

وصرّح أكازاوا في أعقاب الجولة السادسة من المفاوضات بأن النقاشات مع الجانب الأميركي كانت "عميقة ومثمرة"، وشملت قضايا تتعلق بتوسيع التبادل التجاري الثنائي، والتدابير غير الجمركية، بالإضافة إلى التعاون في مجال الأمن الاقتصادي، وهي مسألة باتت محوراً أساسياً في العلاقات الاقتصادية بين الدول الكبرى.

ورغم التقدم في الملفات، رفض أكازاوا الإفصاح عما إذا كان الطرفان قريبان من إعلان اتفاق نهائي خلال قمة مجموعة السبع، مشيرًا إلى أن المشاورات لا تزال جارية وأنه قد يرافق رئيس الوزراء إيشيبا إلى القمة المقرر انعقادها يوم الأحد في كندا.

وتسعى طوكيو إلى انتزاع تعهد أميركي مكتوب باستثنائها من الرسوم الجمركية الإضافية، لا سيما تلك المتعلقة بصناعة السيارات وقطع الغيار، وهي قطاع يمثل نحو ثلث صادرات اليابان إلى الولايات المتحدة، ويُعد من أكبر مصادر التوظيف في البلاد.

وكانت إدارة ترمب قد فرضت في وقت سابق رسوماً جمركية بنسبة 25% على واردات السيارات والأجزاء، بالإضافة إلى رسوم أخرى بنسبة 50% على الصلب والألمنيوم. 

وتواجه اليابان تهديدًا جديدًا بارتفاع إضافي في الرسوم، قد يبلغ 24% بدءًا من 9 يوليو، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق شامل.

تهديد مباشر لصناعة السيارات اليابانية

الرسوم المحتملة تُنذر بخسائر فادحة لشركات كبرى مثل "تويوتا" و"هوندا" و"نيسان"، التي تُقدَّر خسائرها الجماعية جراء التعريفات الحالية بأكثر من 19 مليار دولار في السنة المالية الجارية. ووفقًا لمصادر قريبة من الوفد الياباني، فإن أحد أهداف الجولة الأخيرة هو تجنب مزيد من التصعيد في هذا القطاع الحساس.

في خضم هذه التطورات، ظهرت قضية جديدة على طاولة النقاش تمثلت في صفقة استحواذ شركة نيبون ستيل اليابانية على نظيرتها الأميركية United States Steel. 

وأفادت تقارير أن البيت الأبيض قد عرض اتفاقًا مقترحًا بشأن الصفقة يشمل ضمانات أمنية، في خطوة تُفهم على أنها بادرة إيجابية تجاه الاستثمار الياباني داخل الولايات المتحدة.

وفي تعليق رسمي، قال وزير التجارة والصناعة الياباني يوجي موتو إن هذه الصفقة من شأنها "تعزيز قدرات صناعات الصلب في البلدين، ودفع عجلة الابتكار التكنولوجي، وتوطيد الشراكة الاستراتيجية بين طوكيو وواشنطن".

ترقّب لاتفاق.. و"ضبابية" التوقيت

لا تزال الرؤية غير واضحة بشأن توقيت التوصل إلى اتفاق تجاري، إذ رفض أكازاوا التعليق على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستُمدد المهلة المحددة قبل فرض الرسوم الشاملة، رغم أن وزير الخزانة الأميركي كان قد لمح مؤخرًا إلى إمكانية التمديد للدول التي تُظهر نية تفاوضية جادة.

أكازاوا وصف أجواء التفاوض بأنها "ضبابية"، مشبهًا الوضع بـ"صباح شتوي قد ينقشع فيه الضباب فجأة، أو يظل معلقًا لفترة أطول من المتوقع". 

وأضاف أن "المفاوضات يمكن أن تُثمر عن نتائج مفاجئة أو تأخذ وقتًا أطول من المأمول، ولهذا يُفضَّل عدم إصدار أي تصريحات استباقية".

وتسود أجواء من الترقب والحذر في الأوساط السياسية والاقتصادية داخل اليابان، لا سيما أن أي إخفاق في التوصل إلى اتفاق مع واشنطن سيُفاقم التحديات الاقتصادية التي تواجهها طوكيو، وسط مخاوف متزايدة من دخول البلاد في حالة ركود فني، بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات العامة.

وتحاول الحكومة اليابانية استثمار سجلها كأكبر مستثمر أجنبي في الولايات المتحدة، لتقديم نفسها كشريك اقتصادي موثوق، في وقت تتجه فيه إدارة ترمب إلى إعطاء الأولوية للشركات والاستثمارات التي تعزز الإنتاج المحلي وتوفر وظائف للأميركيين.

ومع اقتراب قمة مجموعة السبع، يتزايد الضغط على الجانبين لحسم النقاط العالقة، وسط إدراك مشترك بأن الوصول إلى تفاهم قبل التصعيد الجمركي هو الخيار الأفضل لجميع الأطراف.