أصبحت أحلام الراغبين فى العودة إلى السكن فى وسط القاهرة قريبة من التحقق بعدما أعلن القائمون على مشروع العاصمة الإدارية الجديدة أن نحو 19 وزارة سوف يتم نقلها إلى العاصمة الجديدة كمرحلة أولى، وهو ما سيسهم فى تفريغ القاهرة التاريخية من الزحام الشديد والتكدس والضوضاء، خاصة أن عدد العاملين بالمقار الرئيسية لتلك الوزارات يتجاوز نحو 70 ألف عامل.
ولكن هذه الأحلام سوف تصطدم بارتفاع كبير متوقع فى الأسعار عقب نقل الوزارات من قلب القاهرة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، حيث أكد خبراء تقييم ومثمنون عقاريون أن نقل عدد كبير من الوزارات من وسط البلد سوف يؤدى إلى ارتفاع أسعار جميع الوحدات سواء السكنى أو الإدارى أو الفيلات بنسب تتراوح بين 20 و ٪25 عن الأسعار الحالية التى شهدت ارتفاعات أيضا عقب قرارات الإصلاح الاقتصادى وفى مقدمتها تحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن الوقود وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، لافتين إلى أن منطقة وسط البلد وصلت فيها الأسعار سواء للسكنى أو التجارى لأرقام خيالية، وذلك بسبب نقص المعروض مقارنة بحجم الطلب المتزايد وتحديد الارتفاعات، مما لا يسمح بزيادة معدلات البناء وتوفير المزيد من الوحدات السكنية بتلك المنطقة الحيوية.
وأوضحوا أن إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة من شأنه أن يغير خارطة الثروة العقارية فى مصر عموما ووسط البلد بصفه خاصة، لافتين إلى أن انتقال الوزارات والمؤسسات الحكومية من وسط البلد الى العاصمة الجديدة يعنى ازدهار وسط البلد وعودة الروح الى هذه المناطق، مما يؤثر كذلك على التركيبة السكانية بعد نقل الوزارات، وهو ما سيمتد بدوره ويؤثر على الأسعار فى منطقة وسط البلد التى من المتوقع أن تشهد ارتفاعا أكثر خلال النصف الأول من 2019 وهو الموعد المبدئى المحدد لانتقال الوزارات للعاصمة الجديدة.
فى البداية أكد الدكتور رضا لاشين.. الخبير والمقيم العقارى، أنه من المفترض إعادة الاملاك الخاصة بكل وزارة الى المالك الأساسى لها فور انتقال هذه الهيئات والوزارات إلى المقرات الجديدة بالعاصمة الإدارية، لافتا الى ان ذلك يتطلب وجود إدارة خاصة لاستغلال هذه الأصول سواء تحويلها الى مبان إدارية أو تجارية.
وأضاف أن ذلك سيؤدى الى خلق توسعات جديدة بالمنطقة التجارية للقاهرة الخديوية سواء بمناطق: وزارة الإسكان، والإنتاج الحربى، والبحث العلمى، والتربية والتعليم، والتموين، والتجارة الداخلية والصحة، حيث يصل متر الأرض بتلك المناطق حاليا بنحو يتراوح بين 70 الى 80 ألف جنيه لمتر الأرض، لافتا إلى أنه إذا تم تحويل تلك الأصول الى مناطق تجارية فقد يؤدى ذلك لإعادة ترتيب أسعار المناطق التجارية المحيطة بهذه المناطق، بالإضافة الى إخلاء مجمع التحرير والذى يعد علامة مميزة بالمنطقة، حيث بلغ سعر المتر التجارى بمنطقة التحرير قرابة 130 ألف جنيه، كما ستؤثر أيضا على الأسعار بشوارع نوبار ومنصور والقصر العينى.
أما الخبير المثمن.. أحمد طوسون فأوضح أن وسط القاهرة عليه طلب متزايد وقوى جدا سواء من أجل السكن أو من أجل الحصول على وحدة إدارية أو محل تجارى، مؤكدا أن من يملك وحدة سكنية فى وسط القاهرة يرفض بيعها، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يتزايد الطلب على شراء وحدات سكنية فى وسط القاهرة بعد نقل الوزارات والسفارات وذلك لعودة الهدوء والاستقرار الى وسط المدينة.
وقال طوسون إنه من المتوقع أن تشهد هذه المنطقة ارتفاعات سعرية مدفوعة بعودة القاهرة كمحافظة سياحية تمتاز بسياحة التسوق وتمتلك العديد من الآثار، وألمح الى أن نقل الوزارات والهيئات الحكومية من منطقة وسط البلد الى العاصمة الإدارية الجديدة هو الحل الوحيد الواقعى للتغلب على أزمة الاختناقات المرورية بمنطقة وسط البلد.
من جانبه أوضح المهندس زكريا الجوهرى.. خبير التقييم العقارى وصاحب شركة زيكروتس للتقييم العقارى أن الميزة التجارية والجغرافية التى تتمتع بها منطقة وسط البلد لعبت دورا كبيرا فى ارتفاع الأسعار بدرجة كبيرة، كما أن ارتفاع الدولار أمام الجنيه وزيادة الطلب ضاعفا معدلات الزيادة، مشيرا إلى أن أسعار الوحدات السكنية تبدأ من 800 ألف جنيه وتصل إلى 2 مليون جنيه فى الشوارع الجانبية، أما الشوارع الرئيسية فتصل فيها أسعار الوحدات لأكثر من 4 ملايين جنيه، وفقا لأحدث التقييمات التى أجرتها شركة زيكروتس.
وتابع أن المحلات التجارية هى الأكثر رواجا فى منطقة وسط القاهرة، حيث يصل المقدم الخاص بمحل بنظام الإيجار القديم لحوالى 10 ملايين جنيه، فى شوارع مثل طلعت حرب وشريف و26 يوليو، أما فى منطقة قصر النيل فيصل إيجار المحل لحوالى 80 ألف جنيه بأحد المولات حسب المساحة وهناك محلات يبدأ إيجارها من 30 ألف جنيه وهى المحلات ذات المساحات الصغيرة.
ولفت إلى أن الأراضى تعد الأقل إقبالا لأنها لا تحقق أرباحا ملائمة للمستثمرين، نظرا للتقيد بارتفاعات محددة على اعتبار أن المنطقة أثرية، مما يمنعهم من البناء لأكثر من 5 أدوار، وذلك غير مُجد بالنسبة لهم، مضيفا أن سعر المتر لا يتجاوز 50 ألف جنيه، وهو رقم ضئيل جدا مقارنة بباقى الأسعار فى المناطق الحيوية
وأشار إلى أن هناك تأثيرات وتداعيات لنقل الوزارات إلى العاصمة الإدارية فى بداية 2019 منها ارتفاع الأسعار بنسب تتراوح بين 20 و٪25، وارتفاع قيمة الخلوات فى منطقة وسط البلد، هذا فضلا عن عودة أبناء الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة مرة أخرى إلى وسط البلد وظهور أصحاب المهن الراقية مرة أخرى مثل المهندسين والأطباء.
فيما قال الخبير المثمن العقارى محمد سليمان.. الأمين العام لجمعية المقيمين العقاريين أن وسط البلد من الأماكن التى ستتأثر بشكل مباشر بنقل الوزارات والمؤسسات الحكومية إلى العاصمة الإدارية الجديدة، حيث إن هذه المنطقة يوجد بها الكثير من الوزارات والهيئات الحكومية ومع انتقالها للعاصمة سيحدث انتعاشة كبيرة لوسط القاهرة وانتهاء الزحام والتكدس والضوضاء الرهيبة، وبالتالى من المتوقع أن ينعكس ذلك على أسعار العقارات سواء السكنى أو الإدارى والتى من المتوقع أن ترتفع بنسب تتراوح بين 20 و ٪25 بعد رحيل الوزارات.
وأشار إلى أن منطقة وسط البلد لاتزال المنطقة الوحيدة التى تتربع على عرش أسعار العقارات والوحدات السكنية على مستوى الجمهورية، حيث تستحوذ تلك المنطقة على أغلى عقارات ووحدات سكنية، خاصة المناطق الكائنة أمام نادى الجزيرة والتى تتعدى أسعار المتر السكنى فيها 17 ألف جنيه، وتليها مناطق كورنيش النيل ومنطقة وسط البلد التجارية، بينما تتباين أسعار عقارات وسط البلد من منطقة الى أخرى، فى حين أن هناك مناطق ارتفعت أسعار عقاراتها السكنية والتجارية خلال الفترة الأخيرة مثل منطقتى قصر النيل وطلعت حرب بعد تعويم الجنيه، ولفت إلى أن هناك سببا آخر وراء ارتفاع الأسعار فى منطقة وسط البلد، وهو طبيعة المنطقة ذاتها من حيث جودة ورقى التنظيم فى الشوارع ومستوى الساكن أو المقيم فى وسط البلد.