يتوقع أن يُبقي بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على أسعار الفائدة معلّقة حتى سبتمبر على الأقل، وسط استمرار مخاطر عودة التضخم، بحسب ما أظهره استطلاع أجرته وكالة "رويترز" لآراء عدد من الاقتصاديين.
أسعار الفائدة الفيدرالية
تشير التوقعات إلى أن البنك لن يُقدِم على أي تغيير في معدلات الفائدة قبل مرور شهرين إضافيين على الأقل، في ظل حالة من الغموض تكتنف المفاوضات التجارية، واحتمالات ارتفاع التضخم بفعل سياسات الرسوم الجمركية التي يتبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويُنتظر أن تنتهي فترة تعليق الرسوم الجمركية، التي تمتد 90 يومًا، في التاسع من يوليو المقبل، وهي مهلة لم يحرز خلالها أي تقدّم ملموس في المفاوضات التجارية، ما جعل الخبراء الاقتصاديين يحجمون عن تعديل تقديراتهم الهشة أصلًا.
الاقتصاد الأمريكي والرسوم الجمركية
تتفاقم المخاوف بشأن الوضع المالي الأمريكي مع استمرار إصدار كميات ضخمة من السندات، وهو ما يغذّيه مشروع قانون لخفض الضرائب صادق عليه مجلس النواب، دون أن يمرّ بمجلس الشيوخ، ويزيد هذا الوضع من القلق، خصوصًا في ظل غياب مؤشرات واضحة على ضغوط تضخمية كبيرة في سوق العمل، بحسب البيانات التي صدرت يوم الجمعة، والتي أظهرت استقرارًا نسبيًا في هذا القطاع الحيوي، مما يوفّر مبررًا لبنك الاحتياطي الفيدرالي للاستمرار في تثبيت سعر الفائدة دون استعجال.
وشارك في استطلاع رويترز، الذي أجري بين 5 و10 يونيو، 105 اقتصاديين، توقّع 103 منهم أن تُبقي اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية ضمن النطاق الحالي البالغ 4.25% إلى 4.50%، وهو المستوى الذي استقر عنده منذ بداية العام، بينما أفاد 55% من هؤلاء (أي 59 خبيرًا) أن خفض سعر الفائدة سيُستأنف في الربع الثالث، على الأرجح في سبتمبر، ما يتماشى مع تسعير عقود الفائدة المستقبلية، وهي ذات النسبة المسجلة في استطلاع الشهر الماضي.
وفي تعليقه على هذا التوجه، قال جوناثان بينجل، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في "يو بي إس"، إن البنك المركزي الأمريكي سيواصل التريث في قراراته طالما لم تظهر إشارات قوية على تغير الأوضاع.
وأضاف: "ما دام سوق العمل يبدو على ما يرام، فإننا نتوقع أن تواصل اللجنة التوقف عن التحرك، مع استخدام لغة الخطاب لتعزيز مصداقيتها في مكافحة التضخم، ولا يوجد ما يدعو لتغيير التوجه في الوقت الراهن".
وعبّر بينجل عن تشاؤمه بقوله: "المنطقة الرمادية تبدو أكثر فحماً الآن.. واللجنة تواجه قدراً كبيراً من عدم اليقين".
الرسوم الجمركية على واردات الألمنيوم والصلب
يُعزى القلق المتصاعد بشأن التضخم إلى سياسات الحماية التجارية، خاصة بعد أن رفعت الإدارة الأمريكية الرسوم الجمركية على واردات الألمنيوم والصلب من 25% إلى 50%، وتتواصل المحادثات التجارية بين مسؤولين أمريكيين ونظرائهم الصينيين في لندن بهدف تحقيق انفراجة، فيما يعتقد المستهلكون أن ضغوط الأسعار ستتصاعد في السنوات المقبلة، ويتوقع الاقتصاديون أن يظل التضخم أعلى من هدف البنك البالغ 2% حتى عام 2027 على الأقل.
وتتوقع شريحة كبيرة نسبتها 42% من المشاركين في الاستطلاع (44 من أصل 105) أن يُبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير حتى الربع الرابع من عام 2025 أو بعده، ويتوقع 20 منهم عدم تنفيذ أي خفض خلال العام الجاري.
معدلات التضخم في الولايات المتحدة
يرى جيمس إيجلهوف، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في "بي إن بي باريبا"، أن الرسوم الجمركية المرتفعة ستظل قائمة، وستؤدي إلى تضخم ممتد حتى عام 2026، مضيفًا أن "الاحتياطي الفيدرالي لن يرى ضرورة كبيرة لخفض الفائدة، فالدروس المستفادة من التاريخ تؤكد أن التضخم إذا ترسّخ، يصبح التخلص منه صعبًا ومكلفًا للغاية.
ورغم اختلاف التقديرات بشأن المستوى الذي ستصل إليه الفائدة بحلول نهاية 2025، فإن حوالي 80% من الاقتصاديين (85 من أصل 105) يتوقعون أن تتراوح بين 3.75% و4.00% أو أعلى، في حين دعا الرئيس دونالد ترامب إلى خفضها فورًا إلى مستوى 3.25% - 3.50%.
ويُتوقع أن يضيف مشروع قانون الضرائب والإنفاق، الذي وقّعه ترامب ويجري العمل على تمريره في الكونغرس، ما يقرب من 2.4 تريليون دولار إلى الدين القومي، الذي بلغ حاليًا 36.2 تريليون دولار، مما يقلل احتمالات تخفيض الفائدة في المستقبل القريب.
وأشار بيل آدامز، كبير الاقتصاديين في بنك "كوميريكا"، إلى أن الحوافز المالية الجديدة تُضعف مبررات دعم الاقتصاد عبر تخفيض الفائدة، مضيفًا: "السياسة المالية تدفع العجز إلى الأعلى.. ما يواصل الضغط التصاعدي على أسعار الفائدة طويلة الأجل، وهي رياح معاكسة تضرب قطاعات تعتمد على الاقتراض مثل سوق الإسكان والاستثمارات التجارية".
الاقتصاد الأمريكي
على صعيد الأداء الاقتصادي، يُتوقع أن ينمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 1.4% فقط في 2025، بعد انكماشه بنسبة 0.2% في الربع الأخير بسبب اتساع العجز التجاري، مقارنة بنسبة نمو بلغت 2.8% في عام 2024، في حين لم يطرأ تغيير على توقعات النمو للعام المقبل، التي بقيت عند 1.5%.