أكد خبراء غربيون في مجال الطيران العسكري أن روسيا ستواجه سنوات من العمل لتعويض خسائرها في القاذفات النووية، التي تضررت جراء هجمات نفذتها طائرات مسيرة أوكرانية في مطلع الأسبوع الجاري، مشيرين إلى أن هذه الضربات تُعد عائقاً كبيراً أمام برنامج تحديث الطائرات الروسية، وهو برنامج متأخر بالفعل.
وأظهرت صور التُقطت بالأقمار الاصطناعية لعدد من المطارات الروسية في سيبيريا وأقصى شمال البلاد آثار أضرار كبيرة ناتجة عن تلك الهجمات، واحترقت عدة طائرات بالكامل، رغم تضارب الروايات بشأن العدد الدقيق للطائرات التي تعرضت للتدمير أو التضرر.
ونقل تقرير لوكالة "رويترز" عن مسؤولين أمريكيين أن الولايات المتحدة تُقدّر عدد الطائرات الحربية المتضررة بما يصل إلى 20 طائرة، وهو رقم يُمثّل حوالي نصف ما أعلنه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ووفقاً للمصدرين، فقد تم تدمير نحو 10 طائرات منها على الأقل.
ورغم أن الحكومة الروسية نفت يوم الخميس تدمير أي طائرات، مؤكدة أن "الأضرار سيتم إصلاحها"، فإن العديد من المدونين العسكريين الروس تحدثوا عن خسائر جسيمة لحقت بما يقارب 12 طائرة، ووجّهوا اتهامات بالإهمال إلى القادة العسكريين المسؤولين عن القواعد المستهدفة.
وفيما يتعلق بالقدرة النووية الروسية، رأى خبراء أن الهجمات الأخيرة لن تُحدث تأثيراً جوهرياً على ترسانة روسيا النووية، التي ترتكز بشكل رئيسي على الصواريخ الباليستية المطلقة من منصات أرضية أو من الغواصات.
غير أن جاستن برونك، خبير الطيران في مركز أبحاث RUSI في لندن، أوضح أن القاذفات المتضررة من طراز "تو-95 إم إس بير-إتش" و"تو-22 إم3 باك فاير" تُعد من مكونات الأسطول الروسي بعيد المدى، والذي لطالما استخدمته موسكو منذ بدء الحرب في إطلاق صواريخ تقليدية تستهدف المدن الأوكرانية، ومواقع الصناعة العسكرية، والقواعد، والبنية التحتية للطاقة.
وأشار برونك إلى أن روسيا فقدت الآن أكثر من 10% من أسطولها المجمع من قاذفات "بير-إتش" و"باك فاير"، إذا ما تم احتساب خسائر مطلع هذا الأسبوع إلى جانب ما فُقد في مراحل سابقة من الحرب.
وقال في تصريحه لـ"رويترز": "هذه الخسائر ستمثل ضغطاً كبيراً على واحدة من الركائز الرئيسة في القوات الجوية الروسية، التي كانت تعمل بالفعل بأقصى طاقتها التشغيلية".
قلق أوروبي من إعادة التسلح الروسي
وفي سياق متصل، حذّر المستشار الألماني فريدريش ميرتس، يوم الجمعة، من أن بعض المشرعين الأميركيين لا يدركون مدى اتساع حملة إعادة التسلح التي تقودها روسيا.
جاء هذا التحذير غداة لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض.
وخلال مؤتمر انعقد في برلين، قال ميرتس: "التقيت ببعض أعضاء مجلس الشيوخ الأميركيين في الكابيتول هيل، وناشدتهم النظر بعناية إلى ما تقوم به روسيا من إعادة تسلح".
وأشار إلى أن بعضهم "لا يدرك على الإطلاق ما يجري هناك الآن"، دون أن يُسمّي أولئك الأعضاء تحديداً.
وحولت روسيا مصانعها العسكرية إلى الإنتاج المستمر على مدار الساعة منذ بدء الحرب على أوكرانيا في فبراير 2022.
كما وقّعت موسكو صفقات تسليح مع كل من كوريا الشمالية وإيران، وهو ما دفع عدداً من المسؤولين الأوروبيين إلى التحذير من أن روسيا قد تكون على أعتاب امتلاك قدرة هجومية تؤهلها لمهاجمة دول تنتمي إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
في المقابل، تنفي روسيا تلك المزاعم، مؤكدة أن تدخلها العسكري في أوكرانيا يندرج تحت ما تسميه "عملية عسكرية خاصة" تهدف إلى حماية أمنها القومي من الغرب، الذي تصفه بالعدواني.
ويُعد ميرتس، الذي ينتمي إلى التيار المحافظ وتولى منصبه في مايو، من بين أحدث الزعماء الأوروبيين الذين يزورون ترامب بهدف إقناعه بمواصلة دعم أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، وأيضاً تعزيز أمن أوروبا من خلال بقاء الولايات المتحدة داخل حلف شمال الأطلسي.
وأشار ميرتس إلى أنه شعر بقدر من الاطمئنان خلال لقائه مع ترامب، لا سيما بعدما أبدى الأخير "رفضاً قاطعاً" عندما سُئل عن احتمال انسحاب بلاده من حلف الناتو.