هجوم ثالث على جسر القرم.. أوكرانيا تفجّر دعائمه تحت الماء وروسيا تؤكد استمرار حركة المرور


الاربعاء 04 يونية 2025 | 06:15 مساءً
هجوم ثالث على جسر القرم
هجوم ثالث على جسر القرم
محمد شوشة

يواصل جسر القرم، الشريان الحيوي الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم، التعرض لهجمات متكررة ضمن تصاعد لافت في الضربات التي تستهدف البنى التحتية الحيوية في العمق الروسي، ففي الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، دوّى انفجار تحت الماء هزّ دعامات الجسر، في هجوم وصف بأنه فريد من نوع"، أعاد التوتر إلى الواجهة وطرح تساؤلات جديدة حول قدرة موسكو على حماية منشآتها الاستراتيجية في ظل حرب تتجاوز خطوط الجبهة التقليدية.

الحرب الروسية الأوكرانية

أكد الكرملين، اليوم الأربعاء، وقوع انفجار على جسر القرم عقب هجوم شنّته أوكرانيا، مشيرًا إلى أن الانفجار لم يسفر عن أي أضرار ملموسة، وأن حركة المرور على الجسر الحيوي مستمرة بشكل طبيعي.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، في تصريحات صحفية: "نعم، وقع انفجار، لكنه لم يتسبب في أي ضرر، وحركة المرور على الجسر مستمرة، ويواصل نظام كييف محاولاته لاستهداف البنية التحتية المدنية في روسيا".

وأضاف بيسكوف أن السلطات الروسية تتخذ إجراءات احترازية في مواجهة هذا النوع من التهديدات المتكررة.

أوكرانيا تؤكد العملية وتكشف التفاصيل

جاء تأكيد الكرملين متزامنًا مع إعلان جهاز الأمن الأوكراني مسؤوليته عن تنفيذ هجوم على الجسر، هو الثالث من نوعه منذ اندلاع الحرب الشاملة في فبراير 2022.

وصرّح الجهاز، أمس الثلاثاء، بأن العملية كانت فريدة من نوعها، وقد استغرقت شهورًا من التحضير، وتم تنفيذها من خلال زرع متفجرات تحت دعامات الجسر المغمورة بالمياه وتفجيرها بدقة عند الساعة 4:44 صباحًا بالتوقيت المحلي.

وأوضح البيان أن عملاء الجهاز استخدموا 1100 كيلوجرام من المواد المتفجرة، مما ألحق أضرارًا كبيرة بالأعمدة الداعمة للجسر، من دون تسجيل أي إصابات في صفوف المدنيين.

جسر كيرتش هدف رمزي واستراتيجي

يُعد جسر القرم، المعروف أيضًا باسم جسر كيرتش، شريانًا حيويًا لروسيا، يربط أراضيها مباشرة بشبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو عام 2014، وقد افتُتح الجسر رسميًا عام 2018 بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبلغت تكلفة إنشائه نحو 3.7 مليار دولار.

ولا يحمل الجسر أهمية لوجستية فقط، باعتباره خط إمداد رئيسي للقوات الروسية في جنوب أوكرانيا، بل يُنظر إليه أيضًا باعتباره رمزًا سياسيًا واستراتيجيًا لطموحات بوتين في فرض سيطرة دائمة على القرم.

تكرار الاستهداف وارتفاع الكلفة

يمثل هجوم الثلاثاء ثالث استهداف كبير للجسر منذ بدء الحرب، ففي أكتوبر 2022، انفجرت شاحنة مفخخة فوق الجسر، ما أدى إلى اشتعال النيران وانهيار جزء منه، ثم في يوليو 2023، أعلنت أوكرانيا عن تنفيذ عملية تفجير بواسطة طائرة بحرية مسيرة تجريبية.

وفي كل مرة، سارعت موسكو إلى إصلاح الجسر وإعادة تشغيله، لكن الاستهداف المتكرر يعكس نقطة ضعف استراتيجية في العمق الروسي.

وقد توقفت حركة المرور على الجسر لفترة وجيزة صباح الثلاثاء، قبل أن تُستأنف تدريجيًا، لتعود بشكل كامل مساء اليوم نفسه، بحسب ما أفادت به وسائل إعلام روسية.

هجوم آخر بطائرات مسيرة

لم يكن هجوم جسر القرم الحدث الأبرز الوحيد هذا الأسبوع، فقبل يومين، شنّت أوكرانيا هجومًا واسعًا باستخدام طائرات مسيرة استهدف أسطول موسكو من قاذفات القنابل النووية في مطارات بعيدة داخل الأراضي الروسية.

وقال رئيس جهاز الأمن الأوكراني، فاسيل ماليوك، إن الهجوم ألحق خسائر تُقدّر بنحو 7 مليارات دولار، ودمّر 34% من حاملات صواريخ كروز الاستراتيجية الروسية، وهي نفس الطائرات التي استخدمت لقصف المدن الأوكرانية منذ بدء الحرب.

وأضاف الجهاز أن ماليوك أشرف أيضًا على تنفيذ هجوم الثلاثاء على جسر القرم، في إشارة إلى تصعيد ملحوظ في تكتيكات الحرب الهجومية التي تتبناها كييف.

موقف موسكو وتحذيرات سابقة

من جهتها، اعتبرت موسكو أن أي استهداف لجسر القرم يشكّل تجاوزًا للخطوط الحمراء، محذرة مرارًا من عواقب وخيمة على من يقف وراء هذه العمليات.

وتتهم روسيا حلفاء كييف الغربيين، وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا، بتوفير التكنولوجيا والمعلومات الاستخباراتية التي تُستخدم في مثل هذه العمليات.

وفي رد فعلها على الهجوم الأخير، أوقفت السلطات الروسية الملاحة البحرية مؤقتًا قبالة سواحل سيفاستوبول، كبرى مدن شبه الجزيرة، بحسب ما نقلته وكالة "ريا نوفوستي" الرسمية. 

الحرب الروسية الأوكرانية
هجوم ثالث على جسر القرم