ما وجه الشبه بين رئيس رئيس كوريا الجنوبية الجديد وترامب؟


الاربعاء 04 يونية 2025 | 02:53 مساءً
رئيس كوريا الجنوبية الجديد
رئيس كوريا الجنوبية الجديد
وكالات

أمضى لي جاي ميونغ، السياسي اليساري الجريء والعنيد الذي أصبح رئيسا لكوريا الجنوبية، حياته وهو ينهض مجددا بعد كل كبوة ليواصل القتال.

كان لي يصارع من أجل البقاء وهو يرقد على سرير في وحدة العناية المركزة، بعد أن طعن في رقبته مطلع 2024.

وبالنسبة لكثير من السياسيين، قد يدفعهم مثل ذلك الحادث لوضع حد لمسيرتهم في العمل العام، لكن هذه الأزمة زادت حماس لي وإصراره على القتال.

محاولة اغتيال لي جاي مينونغ

وتذكرنا هذه الواقعة بما حدث للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الذي نجا هو الآخر من محاولة اغتيال في 2024.

ويجد لي في الإخفاقات والمعارضة التي يواجهها دافعا سياسيا ومصدرا للتحفيز، رافضا مجرد التفكير في التراجع أو الاستسلام.

وقال لي عند خروجه من المستشفى بعد 8 أيام من العلاج في أعقاب الهجوم الذي وقع في مدينة بوسان الساحلية: "بما أن شعبي أنقذ حياتي، فسأكرس بقية عمري لخدمتهم وحدهم. إذا استطعنا أن نعيد بناء سياسة تقوم على الاحترام والتعايش، فلن أشعر بأي ندم، حتى لو استغرق ذلك ما تبقى من حياتي".

أثبت لي أنه يتمتع بالمثابرة والالتزام الكافي لمحاولة توحيد الأمة، واستعادة النمو في الاقتصاد الكوري المتباطئ، وعقد صفقات مع ترمب بشأن التجارة والقوات الأمريكية. رغم ذلك، فإن شخصيته المثيرة للانقسام قد تبقى العقبة الوحيدة التي يصعب عليه تجاوزها.

قال ليف-إريك إيزلي، أستاذ الدراسات الدولية في جامعة إيهوا النسائية في سيول: "لقد أثبت أنه ناج سياسي، بعد الفضائح القانونية، والتكتيكات المشكوك فيها من المعارضة، وحتى التهديدات التي استهدفت حياته. لكن فوزه لا يعود إلى أي مقترحات سياسية بعينها، بل هو نتيجة لانهيار يون المدوي".

فاز لي بنسبة 49.4% من الأصوات، بينما حصل مرشح حزب "قوة الشعب" كيم مون-سو على 41.2%، وذلك وفقا للنتائج النهائية التي أعلنتها اللجنة الوطنية للانتخابات، وهو هامش أضيق من ذلك الذي أظهرته استطلاعات الخروج المبكر. وأعلنت اللجنة لي رئيسا للبلاد رقم 21 في كوريا الجنوبية اليوم، ومن المتوقع أن يؤدي اليمين الدستورية في الساعة 11 صباحا بتوقيت سيؤول، بحسب وكالة "يونهاب" للأنباء.

قيادة اقتصاد كوريا الجنوبية

في حملته الأخيرة للفوز بمنصب الرئاسة، قدم لي نفسه بوصفه زعيما أكثر مرونة ونضجا، قادرا على التصدي لتحديات قيادة رابع أكبر اقتصاد في آسيا وسط بيئة أمنية تزداد توترا. وابتعد عن مطالباته السابقة بالدخل الأساسي الشامل والرعاية الصحية المجانية الشاملة، وكذلك عن تصريحاته اللاذعة تجاه الولايات المتحدة الأمريكية واليابان.

رغم ذلك، من المرجح أن تشهد حكومته زيادة في الإنفاق العام، وتعزيزا لحماية العمال، ومحاولات للحد من نفوذ التكتلات العائلية التي تدير الشركات الكبرى في كوريا الجنوبية، وإن كان ذلك دون تحقيق أحلام بعيدة كما كان يطمح سابقا. كما أنه يدعم الإصلاح الدستوري لتمكين الرئاسة من فترتين، بالإضافة إلى إغلاق محطات الطاقة العاملة بالفحم في البلاد.

أما على صعيد السياسة الخارجية، فقد خفف أيضا من لهجته، مشيرا إلى أنه سيواصل البناء على العلاقات الثلاثية مع الولايات المتحدة واليابان. لكنه لا يزال يفضل نهجا أكثر توازنا في التعامل مع واشنطن وبكين، ويبقي الباب مفتوحا لإمكانية فتح حوار مع بيونغ يانغ.

الرئيس الكوري الجديد.. نشأ في أسرة فقيرة

نشأ لي في فقر مدقع ضمن أسرة عاملة في مدينة سيونغنام، التي تبعد نحو 20 كيلومترا جنوب شرق سيؤول. بدأ العمل في مصنع للقلائد وهو في سن الثانية عشرة تقريبا، بعد تخرجه من المدرسة الابتدائية. خلال عمله لدعم أسرته، تعرض لحادث أثناء استخدام الآلات، ما أدى إلى تهشم مرفقه الأيسر، تاركا ذراعه مشوها حتى اليوم.

لكن هذه الانتكاسة المبكرة، إلى جانب حرمانه من التعليم الثانوي، لم تثنه عن مواصلة الطريق. ومن خلال الدراسة الذاتية، تمكن من اجتياز امتحان نقابة المحامين، ليصبح محاميا في أوائل العشرينيات من عمره. بعد سنوات من العمل ناشطا في قضايا العمال، دخل عالم السياسة من خلال أدوار تنظيمية داخل الأحزاب الليبرالية.

الرحلة إلى رئاسة كوريا الجنوبية

برز اسم لي حين تولى منصب عمدة سيونغنام، وهو المنصب الذي شغله من 2010 حتى 2018. خلال تلك الفترة، زاد من تمويل بعض خدمات الرعاية الطبية العامة، وأغلق منشأة لذبح الكلاب، وطبق نموذجا أوليا لمنح دخل أساسي للشباب.

سرعان ما بدأ يفكر بما هو أبعد من حدود سيونغنام، إذ خاض دون نجاح الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي في 2017 لاختيار مرشح الرئاسة. ثم أصبح لاحقا حاكما لإقليم غيونغي المجاورة بسيؤول، والذي يضم 13.7 مليون نسمة، ويحتضن منشآت رئيسية لصناعة أشباه الموصلات لشركتي "سامسونغ إلكترونيكس" و"إس كيه هاينكس".

حظي أداؤه خلال فترة تفشي كوفيد-19 حين كان حاكما للإقليم بتقدير واسع، ما مهد الطريق أمامه لخوض انتخابات الرئاسة الكورية الجنوبية من جديد. نجح هذه المرة في نيل ترشيح الحزب الديمقراطي، رغم أن برنامجه الانتخابي بدا أكثر راديكالية مقارنة بسياسات الرئيس المنتهية ولايته ومنافسه مون جاي إن. إلا أن لي خسر الانتخابات أمام يون في 2022 بفارق يقل عن 1%.

من هو رئيس كوريا الجنوبية الجديد؟

بحسب مسؤول في الحكومة الكورية الجنوبية طلب عدم الكشف عن اسمه، فإن الأشخاص الذين عملوا مع لي يصفونه بأنه شخص مليء بالعيوب والنواقص، لكنه ذكي ويتخذ قرارات عملية.

أكسبه أسلوبه المباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتكتيكاته الحادة الكثير من الخصوم على مر السنوات، فيما تزايدت مستويات انعدام الثقة حياله مع تراكم القضايا القضائية ضده.

قالت ساكاتا من جامعة "كاندا" إن ميول لي الشعبوية قد تجعله يفاجئ حتى أعضاء حزبه بعد توليه السلطة، مشبهة إياه بترامب.

وتابعت: "بغض النظر عما يخطط له الخبراء الاستراتيجيون، يبقى القرار بيد الزعيم. لذلك فهناك دائما مخاطرة شبيهة بما يحدث مع ترامب".