حذر معهد الدراسات المالية في المملكة المتحدة (IFS)، وهو مؤسسة بحثية مستقلة، من أن القرار الأكثر أهمية الذي ستتخذه وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز في مراجعة الإنفاق متعددة السنوات، المقررة الأسبوع المقبل، سيكون متعلقًا بتوزيع الميزانية بين قطاع الرعاية الصحية وبقية الخدمات العامة.
من المتوقع أن تكشف ريفز في 11 يونيو عن حدود الإنفاق السنوي للوزارات الحكومية حتى نهاية مارس 2029، وهي فترة تمتد تقريبًا حتى نهاية ولاية الحكومة العمالية المتوقعة.
وأشار المعهد إلى أن هذه المراجعة ستكون الأولى من نوعها منذ عام 2015 التي تغطي فترة طويلة، باستثناء مراجعة عام 2021 التي كانت مخصصة لمواجهة تداعيات جائحة كورونا.
ويضيف تقرير المعهد أن إعلان ستارمر في فبراير رفع الإنفاق الدفاعي ليصل إلى 2.5 في المئة من الناتج القومي بحلول عام 2027، قد استنزف بالفعل معظم هامش الاستثمار العام المتاح الذي وفره مشروع ميزانية ريفز في أكتوبر الماضي.
وقالت الاقتصادية بي بويليو من المعهد «من المستحيل إعطاء الأولوية في الوقت ذاته للاستثمار في الخدمات العامة وتحقيق أهداف الحياد الكربوني ودعم النمو الاقتصادي».
كما أشارت إلى أن الحكومة ستكون مضطرة للاختيار ما بين دعم قطاع الصحة، الذي يعاني فترات انتظار طويلة وتراجع في الإنتاجية منذ جائحة كورونا أو دعم قطاعات أخرى تعاني هي الأخرى ضغوطاً كبيرة.
وبحسب الخطط المعلنة، فإن الإنفاق العام غير الاستثماري سيرتفع بواقع 1.2 في المئة سنوياً فوق معدل التضخم بين عامي 2026 و2029، أي بنصف معدل النمو في العام المالي الحالي والسابق.
ويرى المعهد أنه لا مجال لزيادة هذا الإنفاق، نظراً للقيود المفروضة على الاقتراض وغياب خطط واضحة لرفع الضرائب خارج إطار البيان السنوي للموازنة.
وفي حال استمرت الحكومة في نهجها المعتاد بزيادة الإنفاق على الصحة بوتيرة أسرع من بقية القطاعات بمعدل سنوي قدره 3.4 في المئة، فإن ذلك يعني تراجع الإنفاق في الوزارات الأخرى بنسبة 1 في المئة سنوياً بالقيمة الحقيقية.
أما إذا أبقت الحكومة على الزيادة بنحو 1.2 في المئة فقط كما في القطاعات الأخرى، فلن يكون ذلك كافياً لمواكبة التحديات الناتجة عن شيخوخة السكان أو تحسين جودة الخدمات المتراجعة.
وحذّر المعهد من أن تقليص الإنفاق قد يتطلب خفضاً في حجم الخدمات التي تقدمها الدولة، أو تقليص عدد العاملين في القطاع العام، أو تخفيضاً فعلياً في الأجور، كما شدد على ضرورة أن تكون الحكومة صريحة بشأن خططها للتقشف، وإلّا فإنها قد تخسر ثقة الأسواق المالية بقدرتها على ضبط مستويات الاقتراض.
يُذكر أن هذه المراجعة لا تشمل الإنفاق على المعاشات أو المساعدات الاجتماعية، إذ يجري تناول هذه البنود بشكلٍ منفصل من قِبل الحكومة.