في خطوة استراتيجية جديدة، دشّن العراق مشروع "طريق التنمية" العملاق الذي يهدف إلى تحويل البلاد إلى مركز لوجستي وتجاري يربط بين آسيا وأوروبا، بما يعزز من مكانة العراق على خارطة التجارة العالمية. المشروع يأتي كمبادرة اقتصادية طموحة ستفتح أبوابًا واسعة للاستثمار والتنمية، وترسم خارطة طريق جديدة لمستقبل النقل والاقتصاد الإقليمي.
تفاصيل المشروع: ربط الجنوب بالشمال بخطوط حديثة
يمتد المشروع على مسافة تصل إلى 1200 كيلومتر، حيث ينطلق من ميناء الفاو في أقصى الجنوب العراقي، ويمر عبر عشر محافظات عراقية حتى يصل إلى الحدود مع تركيا في الشمال. ويشمل "طريق التنمية" إقامة شبكة متطورة من السكك الحديدية والطرق السريعة، مع إمكانية إضافة خطوط لنقل الطاقة والاتصالات مستقبلاً.
تُقدّر التكلفة الإجمالية للمشروع بحوالي 17 مليار دولار، ومن المتوقع أن يحقق عوائد سنوية تصل إلى 5 مليارات دولار فور اكتمال تنفيذه، مما يجعله رافدًا مهمًا للاقتصاد الوطني العراقي وموردًا جديدًا يضاف إلى الإيرادات غير النفطية.
الأهداف الاقتصادية والاستراتيجية: ربط القارات وتنويع الاقتصاد
يهدف "طريق التنمية" إلى تقليص زمن نقل البضائع بين آسيا وأوروبا بشكل كبير، إذ من المتوقع أن يختصر زمن الشحن بين ميناء شنغهاي الصيني وميناء روتردام الهولندي من 33 يومًا إلى 15 يومًا فقط.
كما يسعى العراق، من خلال هذا المشروع، إلى تنويع اقتصاده بعيدًا عن الاعتماد شبه الكامل على النفط، وتعزيز التكامل الإقليمي عبر تحسين البنية التحتية لقطاع النقل.
وبحسب التصريحات الرسمية وتقارير متطابقة من مصادر مثل "العربي الجديد" و"سبوتنيك عربي" و"الشرق"، يُعد المشروع بمثابة شريان حيوي للتجارة العالمية، يربط المشرق العربي بالغرب الأوروبي ويمكّن من استقطاب استثمارات نوعية.
دعم إقليمي ودولي واسع النطاق
شهد مؤتمر إطلاق المشروع مشاركة فعّالة لعشر دول عربية وإقليمية، من بينها السعودية وقطر والكويت والأردن وتركيا وإيران، وهو ما يعكس حجم الدعم الكبير الذي يحظى به المشروع إقليميًا ودوليًا.
وتطمح هذه الدول إلى الاستثمار فيه والمساهمة في إنجاحه، لما له من أهمية اقتصادية كبرى في المنطقة، خاصة في ظل الرغبة المشتركة لتعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي.
مراحل التنفيذ: جدول زمني طموح حتى عام 2050
وُضِع جدول زمني واضح للمشروع، يقسمه إلى ثلاث مراحل أساسية:
المرحلة الأولى ستُنجز بحلول عام 2028.
المرحلة الثانية بحلول عام 2038.
المرحلة الثالثة بحلول عام 2050.
ومع التقدم في مراحل المشروع، يُتوقع أن تصل القدرة الاستيعابية للنقل عبر هذا الطريق إلى نحو 400 ألف حاوية سنويًا، وفقًا لما أكدته تقارير من "طريق الشعب" و"الشرق".
التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية: فرص عمل وتحفيز الاستقرار
من المتوقع أن يوفر "طريق التنمية" أكثر من 100 ألف فرصة عمل مباشرة للعراقيين، إلى جانب تحفيز إنشاء مصانع ومراكز لوجستية على امتداد مساره، ما يعزز من النمو الاقتصادي ويخفف معدلات البطالة.
استراتيجيًا، سيُسهم المشروع في ترسيخ مكانة العراق كمركز رئيسي للتجارة والنقل في المنطقة، ما يفتح آفاقًا واسعة أمام إعادة بناء الدولة وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي.
التحديات والفرص: نظرة متوازنة نحو المستقبل
رغم ما يحمله المشروع من فرص اقتصادية وتنموية هائلة، إلا أنه يواجه تحديات كبيرة تتعلق بتمويله واستكمال البنية التحتية اللازمة، فضلاً عن التحديات الأمنية التي لا تزال تلقي بظلالها على بعض المناطق العراقية. لكن التعاون الإقليمي والدولي القوي المتوقع، مع تضافر الجهود الحكومية، يمكن أن يسهم في تجاوز هذه العقبات وتحويل المشروع إلى قصة نجاح جديدة للعراق والمنطقة بأسرها.