تراجع واردات الموانئ الأمريكية وسط حالة من الارتباك القضائي والتجاري


الجمعة 30 مايو 2025 | 07:11 مساءً
الرسوم الجمركية
الرسوم الجمركية
محمد خليفة

تشهد الموانئ الأمريكية انخفاضاً ملحوظاً في واردات البضائع، بمعدلات تقارب تلك التي سجلت خلال ذروة جائحة كورونا، ما يثير قلق مسؤولي الموانئ والتجار على حد سواء، وقد أُثيرت آمال كبيرة مع صدور أنباء عن تخفيف الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، والتي بدت في البداية بمثابة بارقة أمل.

تراجع واردات الموانئ الأمريكية 

أصدرت محكمة، يوم الأربعاء الماضي، قراراً يمنع تطبيق العديد من تعريفات ترامب الجمركية، مما دفع تجار التجزئة والموانئ للاحتفاء بهذا القرار الذي كان من المتوقع أن يعيد الحياة إلى حركة الشحن سريعاً، غير أن هذه الفرحة لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما أوقفت محكمة استئناف اتحادية القرار مؤقتاً في اليوم التالي، مما أدى إلى حالة من التذبذب وعدم اليقين.

ويُفسر هذا التذبذب القضائي السبب وراء عدم تدفق البضائع إلى الموانئ الأمريكية بشكل فوري، حتى مع صدور أخبار تخفيف التعريفات، وهو ما قد ينعكس قريباً على رفوف المتاجر، حيث يُتوقع تراجع كميات السلع المتاحة وزيادة في الأسعار للمستهلكين.

ففي أبريل الماضي، شهدت الواردات الأمريكية انخفاضاً حاداً بلغ 68.4 مليار دولار، وفق بيانات مكتب الإحصاء الأمريكي، بعد تخزين المتاجر لكميات كبيرة من البضائع في مارس تحسباً للرسوم الجمركية المرتفعة، لكن الانخفاض المفاجئ الأخير يشير إلى احتمال تقلص المخزون، مما قد يضع ضغطاً إضافياً على الأسعار مستقبلاً.

وأكد جوناثان جولد، نائب رئيس قسم سياسة سلسلة التوريد في اتحاد تجارة التجزئة الوطني، أن توقع عودة الأمور إلى طبيعتها فجأة لم يتحقق، مشيراً إلى أن الجميع ما زالوا يتوخون الحذر بسبب حالة عدم اليقين المستمرة.

تبعات خفض الرسوم الجمركية

لم تظهر علامات انتعاش ملموسة في أكبر الموانئ الأمريكية حتى بعد خفض الرسوم الجمركية على الواردات الصينية من 145% إلى 30% في وقت سابق من الشهر الحالي، إذ سجل ميناء لوس أنجلوس انخفاضاً بنسبة 30% في الواردات خلال الأسبوع الأخير من مايو مقارنة بالعام الماضي، كما شهدت موانئ الشمال الغربي انخفاضات مماثلة.

وجاء قرار المحكمة، في مانهاتن، ليزيد من حالة الفوضى، إذ قضى بمنع مجموعة واسعة من التعريفات الجمركية، بما فيها الرسوم على واردات الصين والمكسيك وكندا، وأصدر البيت الأبيض استئنافاً، وقررت محكمة الاستئناف الاتحادية إعادة تطبيق الرسوم مؤقتاً حتى صدور المرافعات النهائية.

وتمثل هذه التغييرات المتكررة تحدياً كبيراً لتجار التجزئة الذين يعتمدون على خطط واضحة ومدروسة للأشهر المقبلة، إذ وصف جولد الوضع بأنه "لعبة تنس طاولة ذهاباً وإياباً" تجعل التخطيط المستقبلي صعباً للغاية.

الرسوم الجمركية على الواردات الصينية

أشار جين سيروكا، المدير التنفيذي لميناء لوس أنجلوس، إلى أن رسوم 30% على الواردات من الصين تمثل عبئاً كبيراً على التجار، حيث يقتصر النشاط حالياً على شحن المنتجات المصنعة مسبقاً، مع توقف طلبات الإنتاج الجديدة.

وبالرغم من تحسن طفيف في حركة الحاويات بميناء لوس أنجلوس خلال يونيو، لا تزال الكميات أقل بنسبة 9.4% مقارنة بالعام الماضي، مع وجود رحلات شحن ملغاة، مما يعكس عدم استقرار في الأسواق.

ويواجه التجار ضغوطاً زمنية إضافية، مع اقتراب انتهاء مهلة التوقف المؤقت على الرسوم الجمركية في يوليو وأغسطس، وهو ما يجعل توقيت الطلبات والتصنيع ضيقاً للغاية.

مواجهة الرسوم الجمركية

من جهته، يرى دانيال هاكيت، خبير استراتيجيات النقل واللوجستيات، أن نفاد السلع من الرفوف غير متوقع، مؤكدا أن حالة عدم اليقين الحالية ستزيد من التكاليف على المستهلكين، مشيراً إلى أن عدة شركات كبرى أعلنت نيتها رفع الأسعار لمواجهة الرسوم الجمركية.

ويخلص هاكيت إلى أن "سلاسل التوريد تحتاج إلى الاستقرار واليقين، وحالة عدم اليقين هذه ترفع التكاليف على الجميع على الأقل."