أعلنت الحكومة الكويتية تفويض كل من الهيئة العامة للاستثمار وبنك الكويت المركزي لتنفيذ عمليات الاقتراض، وذلك بموجب قرار رسمي نُشر اليوم الأحد في الجريدة الرسمية لدولة الكويت، في خطوة جديدة نحو تنظيم السياسة المالية وتعزيز قدرة الدولة على إدارة احتياجاتها التمويلية.
وبحسب القرار، الذي وقعته وزيرة المالية نورة الفصام، تم تكليف الهيئة العامة للاستثمار بتنفيذ عمليات الاقتراض الخارجي في الأسواق المالية الدولية، بينما أُنيط بـبنك الكويت المركزي تنفيذ عمليات الاقتراض الداخلي من داخل الدولة، سواء بالدينار الكويتي أو بالعملات الأجنبية القابلة للتحويل.
يأتي هذا التفويض في سياق تطبيق مرسوم قانون الدين العام الصادر في مارس الماضي، والذي يمثل تحولًا جوهريًا في السياسة المالية للكويت، حيث يسمح للدولة بإصدار أدوات مالية بآجال استحقاق تصل إلى خمسين عامًا، وحدد سقفًا للدين العام لا يتجاوز 30 مليار دينار كويتي (ما يعادل نحو 97.36 مليار دولار أمريكي).
تفاصيل القرار الحكومي
تنص المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 37 لسنة 2025 على أن يتولى بنك الكويت المركزي، بالتنسيق مع وزارة المالية، تنفيذ عمليات الاقتراض من السوق المحلي باستخدام أدوات وآليات مالية معترف بها، سواء كانت بالدينار الكويتي أو بالعملات الأجنبية المتاحة للتحويل.
أما المادة الثانية، فقد أسندت إلى الهيئة العامة للاستثمار مهمة تنفيذ الاقتراض الخارجي من الأسواق العالمية، بالتنسيق أيضًا مع وزارة المالية، على أن تتم تلك العمليات وفقًا للأساليب المالية الدولية المعتمدة.
ويمثل هذا القرار تتويجًا للجهود الحكومية الرامية إلى إعادة إحياء أدوات الدين العام وتحديث السياسات التمويلية، في وقت تسعى فيه الكويت إلى العودة لأسواق الدين العالمية للمرة الأولى منذ عام 2017، حين أصدرت آخر سنداتها الدولية.
خلفية القانون وتأخر إقراره
يُذكر أن إقرار قانون الدين العام ظل معلقًا لعدة سنوات، بسبب خلافات متكررة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ما تسبب في تجميد أدوات التمويل الحكومية وأعاق دخول الكويت إلى أسواق الدين لف فترة طويلة، رغم تكرار الدعوات من المؤسسات الاقتصادية لضرورة وجود إطار تشريعي منظم للاقتراض.
ويُنتظر أن تُسهم عودة الكويت إلى سوق الدين الدولية في دعم التمويل الحكومي، وتنويع مصادر الدخل، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها الميزانية العامة نتيجة لتقلبات أسعار النفط، وهو المصدر الرئيسي للإيرادات في الدولة.
خطوة نحو تنويع أدوات التمويل وتعزيز السيولة
يرى مراقبون أن هذا القرار يشير إلى جدية الحكومة الكويتية في تفعيل أدوات التمويل الحديثة وتخفيف الضغط على الاحتياطات السيادية، مع الاستفادة من التصنيفات الائتمانية القوية للبلاد في الحصول على تمويل ميسر من الأسواق العالمية.
ومن المتوقع أن تبدأ الهيئة العامة للاستثمار خلال الفترة القادمة في التحضير لأول إصدار خارجي ضمن الإطار الجديد، والذي سيُحدد توقيته بناءً على الأوضاع المالية والاقتصادية العالمية.
هذه الخطوة تمثل بداية لمرحلة مالية جديدة في الكويت، توازن بين الانضباط المالي ومرونة أدوات التمويل، بما يتناسب مع المستجدات الاقتصادية الإقليمية والدولية.