أقر مجلس النواب الأمريكي اليوم الخميس مشروع قانون الضرائب الذي اقترحه الرئيس دونالد ترامب، بفارق ضئيل في التصويت، لتتقدم حزمة ضخمة بتريليونات الدولارات تهدف إلى تجنب زيادة ضريبية مع نهاية العام، وذلك على حساب زيادة عبء الديون الأميركية.
والآن، يُحال مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ، حيث تُطالب مجموعات من الجمهوريين بإجراء تغييرات واسعة النطاق. ويعتزم المشرعون التصويت على الموافقة بحلول أغسطس. ويشمل المشروع زيادة في سقف الدين الأميركي قدرها 4 تريليونات دولار، والتي تتوقع وزارة الخزانة الأميركية أن تجنّب الولايات المتحدة التخلف عن السداد في أغسطس أو سبتمبر، مما يضيف مزيداً من الإلحاح إلى الجدول الزمني.
قوبل تصويت مجلس النواب بأغلبية 215 صوتاً مقابل 214 صوتاً، مع امتناع عضو واحد عن التصويت، بترحيب من قبل الجمهوريين في المجلس. وجاء ذلك عقب هجوم شرس من ترمب، الذي زار مبنى الكابيتول لحشد الجمهوريين، وتواصل هاتفياً مع المشرّعين حتى وقت متأخر من الليل، واستدعى الممتنعين عن التصويت إلى المكتب البيضاوي. وأصدر مكتب الميزانية التابع له بياناً وصف فيه رفض أي مشرّع جمهوري لدعم الحزمة بأنه "خيانة عظمى".
أجرى رئيس مجلس النواب مايك جونسون ومساعدوه جولات من المفاوضات في قاعة المجلس لموازنة مطالب المشرعين من الولايات ذات الضرائب المرتفعة، والذين يطالبون بزيادة الإعفاءات الضريبية على مستوى الولاية والمحليات. أصر المحافظون المتشددون على تخفيضات أكبر في الإنفاق، بينما أبدى الجمهوريون من الدوائر المتأرجحة قلقهم من خفض ميزانية برنامج "ميديكيد".
ومن شأن هذا الإجراء أن يجنب تضرر النمو في الولايات المتحدة في وقتٍ يعاني الاقتصاد من تأثير أقوى زيادات في الرسوم الجمركية منذ ما يقرب من قرن، رغم أنه من المتوقع أن يضيف مئات المليارات سنوياً إلى العجز.
تمديد تخفيضات ولاية ترمب الأولى
مشروع القانون سيمدد التخفيضات الضريبية التي أقرها ترمب خلال ولايته الأولى -والتي كان من المقرر أن تنتهي في 31 ديسمبر- إلى جانب إعفاءات ضريبية جديدة بما في ذلك رفع الحد الأقصى للخصم من الضرائب المحلية والولايات إلى 40 ألف دولار، وإعفاء الإكراميات وأجور العمل الإضافي مؤقتاً من الضرائب.
التخفيضات في برامج شبكة الأمان الاجتماعي -مثل كوبونات الطعام والتغطية الصحية لبرنامج "ميديكيد" للفقراء والمعاقين- قد تزيد من الفوارق الاقتصادية بين المواطنين مع حصول الأميركيين الأثرياء على أكبر حصة من التخفيضات الضريبية.
تعهد الديمقراطيون بإرغام الجمهوريين في مجلس النواب على دفع الثمن في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل، ووصفوا هذا الإجراء بأنه يعاكس نهج روبن هود، إذ يأخذون المال من الفقراء ويعطونه للأغنياء.
قال زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز من نيويورك: "إن عملية الاحتيال الضريبية التي ينفذها الحزب الجمهوري ستضر بالأسر العاملة أكثر من غيرها، في حين ستقدم تخفيضات ضريبية ضخمة للمليارديرات من أمثال إيلون ماسك".
ردّ الجمهوريون بأن ناخبيهم سيستفيدون من إقرار الأولوية التشريعية القصوى لترمب لهذا العام (أي قانون الضرائب) وسوف تتم مكافأتهم سياسياً.
تخفيضات الإنفاق
تمكن أعضاء كتلة الحرية المحافظة للغاية من إدراج صياغة جديدة في مشروع القانون من شأنها تسريع وقف الاعتمادات الضريبية للطاقة النظيفة التي تم تمريرها في عهد إدارة بايدن، والتي كان يتعين دخولها حيز التنفيذ قبل 2029 وأن تُنفذ خلال 60 يوماً من إقرار مشروع القانون. وتمكن المتشددون أيضاً من تقديم تاريخ بدء متطلبات العمل الجديدة لبرنامج "ميديكيد" إلى ديسمبر 2026 بدلاً من 2029 في النسخة الأولية من الحزمة.
وقد يشكل تسريع متطلبات العمل الجديدة لبرنامج "ميديكيد" أزمةً في انتخابات التجديد النصفي، التي ستجري بعد شهر واحد فقط، مع حرص الديمقراطيين على انتقاد الجمهوريين لتقييد الفوائد الصحية للأسر ذات الدخل المنخفض.
تمكن جونسون أيضاً من عقد صفقة مراوغة مع المشرعين من الولايات ذات الضرائب المرتفعة بشأن خصم الضرائب على مستوى الولاية والمحليات. سترفع هذه الصفقة الحد الأقصى من 10,000 دولار إلى 40,000 دولار للأفراد والمُقدمين المشتركين للإقرارات الضريبية بدءاً من هذا العام، مع إلغاء تدريجي لمن يزيد دخلهم السنوي عن 500,000 دولار. سيزداد الحد الأقصى بنسبة 1% سنوياً لمدة عشر سنوات.
وتمت إضافة مزايا أخرى لولايات مثل تكساس، والتي ستكون المستفيد الرئيسي من 12 مليار دولار من المبالغ المستردة لنفقات أمن حدود الولاية التي تكبدتها في السنوات الأخيرة. كما ألغى زعماء الحزب الجمهوري نصاً كان من شأنه أن يخفض معاشات التقاعد الفيدرالية من خلال تحديد المزايا على أساس أعلى خمس سنوات من الراتب بدلاً من أعلى ثلاث سنوات، في خطوة أشاد بها النائب الجمهوري مايك تيرنر من ولاية أوهايو، الذي وصف خفض معاشات التقاعد بأنه "غير عادل".
تفرض الحزمة أيضاً زيادات ضريبية على جهاتٍ أبدى ترمب استيائه منها، مثل جامعة هارفارد، والمهاجرين. ستدفع الجامعات الخاصة ذات الأوقاف الكبيرة ضريبةً بنسبة 21% على صافي دخل الاستثمار لكل طالب، بزيادة عن المعدل الحالي البالغ 1.4%. وسيدفع المهاجرون ضريبةً جديدةً على تحويلاتهم المالية إلى الدول الأجنبية.
مشروع القانون سيزيد الإنفاق العسكري بمقدار 150 مليار دولار، ويضيف 175 مليار دولار أخرى لقوانين الهجرة، وكلاهما من أهم أولويات ترمب. كما يتضمن العديد من الأحكام الأخرى التي تؤثر على الرعاية الصحية، وإنتاج الطاقة، والتصنيع، مما يُعيد توجيه الحكومة بعيدًا عن مخاوف تغير المناخ لصالح الوقود الأحفوري.
ويتضمن ذلك إلغاء معظم الاعتمادات الضريبية للسيارات الكهربائية بما في ذلك لشركة "تسلا" الرائدة في السوق بحلول نهاية 2025، واستبدالها بتخفيض ضريبي على فائدة قروض السيارات للمركبات المصنعة في الولايات المتحدة، وهي الخطوة التي دعمها ترمب والسيناتور بيرني مورينو من ولاية أوهايو.
التعديلات الأخيرة على مشروع القانون شملت تغيير اسم حسابات التوفير الجديدة المخصصة للأطفال المولودين خلال السنوات القليلة المقبلة، بحيث سيتم تمويلها بمبلغ ألف دولار من الحكومة. وباتت تسمى بحسابات "ترمب" بدلاً من حسابات "ماغا".
وقال أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون إنهم سيضغطون لإجراء تغييرات جوهرية قبل الموافقة على الحزمة.
يرغب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين في إجراء تخفيضات ضريبية دائمة، وهي الآن مؤقتة بموجب الحزمة، وخاصةً التخفيضات التي تُفيد الشركات. وحذّر بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين من أي تخفيضات في برنامج "ميديكيد"، بينما طالب آخرون بتخفيضات أكبر بكثير في الإنفاق العام.