فرض صندوق النقد الدولي شروطًا أكثر صرامة لمنح باكستان تمويلًا جديدًا خلال الفترة المقبلة، وسط تحذيرات من مخاطر اقتصادية متزايدة نتيجة التوترات التجارية العالمية والنزاع الإقليمي المستمر مع الهند.
تأتي هذه التحركات في الوقت الذي تسعى فيه باكستان إلى إنعاش اقتصادها المتعثر، الذي نجا بصعوبة من أزمة ديون في عام 2023، ويواجه ضغوطًا داخلية وخارجية متصاعدة.
إصلاحات شاملة شرط للحصول على تمويلات مستقبلية
في تقرير صدر مؤخرًا عن صندوق النقد ومقره واشنطن، شدد على ضرورة مصادقة البرلمان الباكستاني على الموازنة الفيدرالية للسنة المالية القادمة بحلول يونيو، على أن تتماشى مع اتفاقيات القرض المبرم مع الصندوق. كما أصرّ على تنفيذ إصلاحات شاملة على ضريبة الدخل الزراعي في جميع المقاطعات، ووضع خطة لإلغاء الحوافز الصناعية تدريجيًا بنهاية العام.
ومن بين المطالب الرئيسية الأخرى، دعا الصندوق إلى تعديل فوري في تعرفة الكهرباء والغاز، مشيرًا إلى أن الأسعار الحالية لا تضمن استرداد التكلفة الحقيقي في قطاع الطاقة، مما يهدد الاستدامة المالية. واقترح الصندوق أيضًا سن تشريع لتحويل جزء كبير من ديون القطاع، بهدف تقليل الضغط على شركات الكهرباء وتقليل العجز المتراكم.
تمويلات جديدة وسط ضغوط مالية شديدة
رغم التحديات، وافق صندوق النقد خلال الشهر الجاري على صرف دفعة جديدة بقيمة مليار دولار من برنامج إنقاذ أوسع يبلغ 7 مليارات دولار، تم الاتفاق عليه سابقًا. كما تم اعتماد تمويل إضافي بقيمة 1.4 مليار دولار لدعم جهود التكيّف المناخي في باكستان. إلا أن هذه القرارات لم تمر دون جدل، إذ أبدت الهند معارضة قوية لصرف الدفعات، في ظل تصاعد التوتر بين البلدين، خصوصًا بعد الهجمات الأخيرة في إقليم كشمير.
وأوضح صندوق النقد أن تصاعد التوترات السياسية والعسكرية بين باكستان والهند قد يشكل تهديدًا مباشرًا لأهداف البرنامج المالي والإصلاحي، محذرًا من أن استمرار أو تفاقم هذه الأزمات قد يؤدي إلى "مخاطر تتعلق بالسمعة، أو إساءة استخدام محتملة للتمويل المقدم".
أزمة ديون قائمة ومخاطر مستقبلية
وفقًا لتقديرات صندوق النقد، من المتوقع أن تحتاج باكستان إلى تمويل خارجي يتجاوز 100 مليار دولار حتى عام 2029، ما يعكس حجم التحديات التمويلية التي تواجهها البلاد في ظل تفاقم العجز، وارتفاع تكاليف خدمة الدين، واضطراب التجارة العالمية.
كما أشار الصندوق إلى أن الاقتصاد الباكستاني لا يزال يعاني من ضغوط مستمرة نتيجة مدفوعات الفوائد المرتفعة، وانخفاض احتياطيات العملات الأجنبية، ما يجعل استمرار الدعم الدولي أمرًا حاسمًا لتفادي الانهيار المالي.
وفي الوقت ذاته، حث صندوق النقد الحكومة الباكستانية على المضي قدمًا في الإصلاحات الاقتصادية والمالية الجريئة، وتعزيز الشفافية في استخدام التمويلات، لضمان استمرار الدعم الدولي في ظل بيئة سياسية وجيوسياسية محفوفة بالمخاطر.