الصراع التجاري بين الصين والولايات المتحدة يهدد بجعل أوروبا "سوق تصريف" للبضائع الرخيصة


الجمعة 16 مايو 2025 | 01:45 مساءً
الصراع التجاري بين الصين والولايات المتحدة يهدد بجعل أوروبا "سوق تصريف" للبضائع الرخيصة
الصراع التجاري بين الصين والولايات المتحدة يهدد بجعل أوروبا "سوق تصريف" للبضائع الرخيصة
وكالات

في ظل تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، تلوح في الأفق أزمة جديدة تهدد الاتحاد الأوروبي، حيث تشير البيانات الاقتصادية إلى أن الفائض التجاري الصيني مع الاتحاد بلغ 90 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 — وهو رقم قياسي يثير القلق بشأن تحوّل أوروبا إلى سوق للسلع الرخيصة الصينية التي تواجه قيودًا أمريكية متزايدة.

ومع فرض واشنطن رسوم جمركية مرتفعة على المنتجات الصينية، تسعى بكين إلى إعادة توجيه صادراتها نحو أوروبا، ما يجعل القارة العجوز أمام معضلة تجارية متزايدة قد تُقوّض صناعاتها المحلية.

أوروبا في مرمى "التحويل التجاري".. وتحذيرات من موجة إغراق جديدة

أوضح ماكسيم دارميت، كبير الاقتصاديين في شركة "أليانز تريد"، أن الأسواق الأوروبية "ستشهد زيادة في الشحنات الصينية"، في الوقت الذي تُصر فيه بكين على الحفاظ على حصتها في السوق العالمية.

الخطورة لا تكمن فقط في تدفق البضائع الرخيصة، بل في احتمال تآكل القدرة التنافسية الأوروبية، في ظل التقدم السريع للشركات الصينية في سلاسل القيمة، خصوصًا في قطاعات مثل السيارات الكهربائية والإلكترونيات.

لقاء صيني فرنسي في باريس.. وحديث عن الحوار وسط الخلافات

شهدت العاصمة الفرنسية اجتماعًا حساسًا بين نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ ووزير المالية الفرنسي إريك لومبارد، حيث ناقش الطرفان التوترات التجارية المتزايدة.

وأكد الجانب الفرنسي وجود خلافات واضحة بشأن التجارة والاستثمار، خصوصًا حول الرسوم الجمركية الأوروبية على السيارات الكهربائية الصينية ورد الصين بفرض رسوم على المشروبات الكحولية الفرنسية، ما كلّف قطاع الكونياك ملايين الدولارات.

تحولات سريعة في التجارة الألمانية الصينية.. من العجز إلى الفائض

أظهرت البيانات تحولًا لافتًا في التجارة بين الصين وألمانيا، حيث انتقل الميزان التجاري من عجز تجاوز 18 مليار دولار لصالح برلين عام 2020 إلى فائض بلغ 12 مليار دولار لصالح بكين عام 2024، وسط توقعات بتجاوز الفائض 25 مليار دولار هذا العام.

ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى ارتفاع صادرات الصين من السيارات الكهربائية والتقليدية إلى أوروبا، في وقت تشهد فيه الصادرات الأوروبية إلى الصين تباطؤًا حادًا نتيجة لانكماش الطلب المحلي الصيني وارتفاع المنافسة الداخلية.

تحذيرات من انهيار نموذج التجارة المفتوحة.. والمطالب تتزايد للحماية

أشارت أليسيا غارسيا هيريرو، كبيرة الاقتصاديين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى "ناتيكسيس"، إلى أنه في عصر الحمائية لم يعد بالإمكان الحفاظ على نظام التجارة الحرة، قائلة: "لا يمكنك الحفاظ على تجارة مفتوحة بالكامل لأنها ببساطة ستقضي على صناعتك".

وأضافت: "نحتاج إلى فرض حواجز، ليس فقط على السيارات الكهربائية، بل على أي قطاع يملك فيه الاتحاد الأوروبي فرصًا للتطور".

انخفاض اليوان يفاقم المشكلة.. والصادرات الصينية تزداد جذبًا

انخفض اليوان الصيني مقابل اليورو إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من عقد، مما يجعل المنتجات الصينية أرخص نسبيًا للمستهلكين الأوروبيين، ويُزيد من قدرة الصين على الإغراق التجاري في الأسواق الأوروبية.

وفي هذا السياق، أكدت المفوضية الأوروبية أنها "تراقب المخاطر المحتملة لتحول مسار التجارة"، ومن المنتظر أن تُطرح نتائج أولية للنقاش خلال اجتماع وزراء التجارة في بروكسل هذا الأسبوع.

هل تتجه أوروبا نحو سياسة حمائية؟

يرى خبراء أن الاتحاد الأوروبي مضطر لاتخاذ خطوات أكثر صرامة لدعم الصناعة المحلية وفرض حواجز جمركية وغير جمركية، لحماية السوق الأوروبية من التدفق المفرط للسلع الصينية الرخيصة.

وحذّر دارميت من أن "أوروبا قد تجد نفسها مضطرة للانخراط في سياسات حمائية متزايدة"، مؤكدًا أن المواجهة التجارية بين الصين وأمريكا لن تبقى ثنائية بل ستطال الجميع، وأولهم الاتحاد الأوروبي.