سجّل الروبل الروسي، اليوم الخميس، أعلى سعر صرف له مقابل الدولار الأمريكي منذ عامين، في ظل موجة تفاؤل ناتجة عن استئناف المحادثات بين موسكو وكييف في تركيا، وتراجع الطلب المحلي على العملات الأجنبية داخل روسيا.
الروبل الروسي
يعكس هذا الارتفاع الملحوظ تحسّن الثقة في العملة الروسية، وسط مؤشرات سياسية واقتصادية توحي بانفراجة محتملة في الحرب المستمرة منذ عام 2022، وارتفع سعر صرف الروبل إلى 80.2237 مقابل الدولار الأميركي في السوق المحلية، وهو أقوى مستوى تسجله العملة الروسية منذ 31 مايو 2023، وفق بيانات صادرة عن بنك روسيا المركزي.
ويأتي هذا الأداء اللافت بعدما اعتمد البنك منذ يونيو الماضي على معاملات ما بين البنوك لتحديد السعر الرسمي للعملة، بعد أن شُلّت بورصة موسكو عن العمل جراء العقوبات الأميركية التي فرضت عليها.
تفاؤل سياسي يدعم الروبل الروسي
ساهمت التوقعات بانفراج سياسي في تعزيز الروبل، إذ أعلنت الرئاسة الروسية مساء أمس الأربعاء، أن الرئيس فلاديمير بوتين سيرسل وفدًا منخفض المستوى برئاسة مساعده فلاديمير ميدينسكي إلى إسطنبول، للمشاركة في أول محادثات مباشرة مع الجانب الأوكراني منذ انهيار جولة المحادثات السابقة عام 2022.
وكانت تلك الجولة قد توقفت وسط تبادل اتهامات بين الطرفين بشأن مسودة بروتوكول تفاوضي، ادّعى بوتين لاحقًا أن كييف وافقت عليه إلى حدّ كبير، وهو ما نفته الحكومة الأوكرانية.
ويُذكر أن الجهود السياسية الراهنة تحظى بدعم دولي، لا سيما مع المساعي التي يبذلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للضغط نحو إنهاء النزاع، وهو ما خلق بيئة إيجابية انعكست على أداء الروبل خلال العام الجاري.
عوامل اقتصادية مكمّلة
على الصعيد الاقتصادي، تشير بيانات بنك روسيا إلى أن الطلب المحلي على العملات الأجنبية آخذٌ في التراجع، حيث انخفض إلى أدنى مستوياته منذ فرض العقوبات على بورصة موسكو وتعليق تداول الدولار واليورو، وعزى البنك هذا الاتجاه إلى تراجع شهية السوق لاقتناء العملات الأجنبية، وهو ما يخفف الضغط عن العملة المحلية ويعزز استقرارها.
كما ساهم استقرار تدفقات العملات الأجنبية من المصدرين في دعم الروبل، رغم الانخفاض الكبير في أسعار النفط، وبحسب بيانات البنك المركزي، فإن مبيعات العملات المرتبطة بعائدات التصدير انخفضت بنسبة لا تتجاوز 2%، مما يشير إلى استمرار الشركات في تحويل إيراداتها إلى الروبل بوتيرة شبه ثابتة.
أسعار الفائدة في روسيا
من ناحية أخرى، حافظ بنك روسيا على سعر الفائدة الرئيسي عند مستويات مرتفعة بهدف كبح جماح التضخم، وخلقت هذه السياسة بيئة مواتية لتجارة الفائدة، ما جذب رؤوس أموال واستثمارات إلى السوق الروسية، وأسهم في تعزيز قيمة العملة المحلية.
وعلى الساحة المالية العالمية، يُعد الروبل الروسي أحد أفضل الأصول أداءً منذ بداية عام 2025، حيث سجّل مكاسب تجاوزت 40% خارج الأسواق الرئيسية، متفوقًا حتى على الذهب، ويعكس هذا الأداء تحسّنًا ملحوظًا في الثقة بالاقتصاد الروسي، على الرغم من استمرار العقوبات الغربية وتصاعد التوترات الجيوسياسية.
وفي ضوء كل هذه العوامل السياسية والاقتصادية المتداخلة، يُعد ارتفاع الروبل الحالي أكثر من مجرد تحسن طارئ، بل هو مؤشر محتمل على تحوّل أعمق في مسار الحرب، والمشهد المالي في روسيا على حد سواء.

