في أول قداس له بعد انتخابه بابا للفاتيكان، احتفل البابا ليو الرابع عشر صباح الجمعة في كنيسة سيستين الشهيرة، مؤكدًا رغبته في أن تكون الكنيسة الكاثوليكية "منارة نور" في عالم يعيش ليالي مظلمة من الشك والاضطراب، محذّرًا من أن غياب الإيمان يقود إلى فقدان المعنى والرحمة وتدهور الكرامة الإنسانية.
البابا ليو الرابع عشر يدعو لكنيسة مضيئة
بدا بابا الفاتيكان الجديد، وهو الكاردينال الأمريكي السابق روبرت بريفوست، هادئًا ومتواضعًا خلال القداس الذي حضره الكرادلة الذين انتخبوه قبل أقل من 24 ساعة، مرتديًا ثوبًا أبيض وذهبيًا بسيطًا، وتحدث ببضع كلمات بالإنجليزية قبل أن يلقي عظته باللغة الإيطالية بطلاقة، داعيًا إلى أن يكون "خادمًا أمينًا" لكنيسة تضم أكثر من 1.4 مليار كاثوليكي حول العالم، وفقًا لرويترز.
وأشار البابا، البالغ من العمر 69 عامًا، إلى التحديات التي تواجه الكنيسة والمجتمع، مؤكدًا أن الإيمان بات يُنظر إليه أحيانًا كأمر "سخيف" ومقتصر على الضعفاء، محذرًا من نتائجه المأساوية مثل تآكل القيم الأسرية والرحمة، والانتهاكات المستمرة للكرامة الإنسانية.
موعد تنصيب بابا الفاتيكان الجديد
أعلن الفاتيكان أن قداس التنصيب الرسمي سيُقام في ساحة القديس بطرس يوم الأحد 18 مايو، بحضور زعماء العالم ورجال الدين من مختلف الأطياف، وسط توقعات بأن يجتذب الحفل مئات الآلاف، كما حدث في تنصيب البابا فرانسيس عام 2013، وسيبقي البابا الجديد على كبار مسؤولي الفاتيكان في مناصبهم مؤقتًا إلى حين البت في التعيينات النهائية.
وجاء انتخاب البابا بعد اجتماع مغلق دام يومين، انتهى مساء أمس الخميس بإعلان الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة سيستين، دون تسريبات حول تفاصيل التصويت، كما تقتضي التقاليد الصارمة للسرية.
تحديات وميراث ثقيل للبابا ليو الرابع عشر
يرث البابا الجديد إرثًا معقدًا من سلفه الراحل البابا فرانسيس، الذي توفي الشهر الماضي عن 88 عامًا، ومن أبرز التحديات التي سيواجهها: عجز في ميزانية الفاتيكان، وخلافات داخل الكنيسة حول قضايا مثل دور النساء، وحقوق المثليين، والمطلقين، إضافة إلى الترتيبات الخاصة بالعام المقدس، الذي سيجلب ملايين الحجاج إلى روما.
أول بابا من الولايات المتحدة
يُعد ليو الرابع عشر هو أول بابا من الولايات المتحدة، إذ وُلد في شيكاغو، لكنه يحمل أيضًا الجنسية البيروفية بعد أن خدم لعقود في شمال بيرو، حيث كان مبشرًا ثم أسقفًا لتشيكلايو بين عامي 2015 و2023، وقد خرج سكان المدينة البيروفية إلى الشوارع احتفالًا بانتخاب "ابنهم"، ودقت أجراس الكنائس ابتهاجًا.
وأثار انتخاب ليو الرابع عشر، جدلًا بسبب خلفيته الأمريكية، إذ كان يُستبعد تقليديًا أن يتولى أمريكي بابوية الفاتيكان، بسبب حساسية إدارة الكنيسة العالمية من قلب قوة عظمى، إلا أن جذوره اللاتينية ومعرفته العميقة بالجنوب العالمي أعطت بعدًا توافقيًا لترشيحه.
إشارات إلى العدالة الاجتماعية
اختار البابا اسم "ليون"، نسبةً إلى البابا ليون الثالث عشر، الذي عُرف بدفاعه الصريح عن العدالة الاجتماعية في نهاية القرن التاسع عشر، في إشارة رمزية إلى المسار الذي ينوي أن يسلكه.
يُذكر أن ليون الرابع عشر أصبح كاردينالًا حديثًا في عام 2023، وكان حتى وقت قريب مسؤولًا عن اختيار الأساقفة حول العالم بتكليف من البابا فرانسيس، مما جعله لاعبًا رئيسيًا في تشكيل مستقبل الكنيسة، رغم شخصيته المعروفة بالخجل وابتعاده عن الأضواء.
علاقة البابا المعقدة مع السياسة الأمريكية
رغم تهنئة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للبابا الجديد، فإن ليو لديه تاريخ في انتقاد سياسات ترامب ونائبه جي دي فانس، حسب منشورات سابقة له على منصة X، ما يفتح الباب أمام علاقة غير تقليدية بين الفاتيكان والبيت الأبيض في المرحلة المقبلة.




