سجّلت الولايات المتحدة في مارس الماضي عجزًا تجاريًا غير مسبوق، وسط موجة استيراد ضخمة من قبل الشركات الأمريكية التي سارعت لتأمين السلع قبل دخول رسوم جمركية موسعة حيّز التنفيذ ضمن سياسة الرئيس دونالد ترامب.
فقد كشفت بيانات وزارة التجارة الأمريكية عن قفزة بنسبة 14% في العجز التجاري خلال مارس، ليبلغ 140.5 مليار دولار، وهو أعلى مستوى في تاريخ الولايات المتحدة، مقارنة مع متوسط توقعات عند 137.2 مليار دولار، وفق استطلاع أجرته "بلومبرج".
واردات استباقية تحطم الأرقام القياسية
بلغت قيمة الواردات الأمريكية مستوى قياسيًا عند 419 مليار دولار، بزيادة 4.4%، مقابل ارتفاع محدود في الصادرات بنسبة 0.2% فقط. وشهدت الواردات من السلع الاستهلاكية أعلى زيادة لها على الإطلاق، إلى جانب ارتفاع ملحوظ في شحنات المعدات الرأسمالية والمركبات.
هذا الاندفاع نحو الاستيراد يُفسر، بحسب محللين، على أنه رد فعل استباقي من القطاع الخاص قبيل فرض الرسوم الجمركية التي أعلن عنها ترامب في الثاني من أبريل، مما عمّق العجز التجاري وساهم في انكماش الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من 2025.
الاقتصاد ينكمش لأول مرة منذ 2022
تراجع الاقتصاد الأمريكي بمعدل سنوي بلغ 0.3% في الفترة ما بين يناير ومارس، في أول انكماش يُسجل منذ عام 2022. وساهم صافي الصادرات، أي الفارق بين الصادرات والواردات، في خفض النمو الاقتصادي بنحو 5 نقاط مئوية، وهي أكبر مساهمة سلبية تُسجل على الإطلاق في هذا الجانب.
مؤشرات على تراجع مؤقت في الواردات
رغم الزيادة الهائلة في الواردات، ترى "بلومبرغ إيكونوميكس" أن هذه الموجة الاستباقية بدأت بالانحسار بالفعل، مشيرة إلى انخفاض الشحن البحري من الصين إلى الولايات المتحدة منذ منتصف أبريل. كما أظهرت بيانات معهد إدارة التوريد تراجعاً في واردات الشركات المصنعة ومزودي الخدمات.
توازنات جديدة في التجارة الثنائية
على صعيد الشركاء التجاريين، سجّلت أمريكا تراجعاً في العجز التجاري مع كندا بعد تعديله موسمياً، بينما بقي العجز مع المكسيك قرب مستوياته القياسية المُسجلة في فبراير. وارتفع العجز مع أيرلندا إلى 29.3 مليار دولار، في حين شهدت التجارة مع الصين تحسناً من خلال تقلّص العجز معها.