بصيص أمل للبنانيين.. استرداد تدريجي للأموال ضمن خطة إنقاذ شاملة


الاثنين 14 ابريل 2025 | 04:35 مساءً
جمعية مصارف لبنان - أرشيفية
جمعية مصارف لبنان - أرشيفية
ميسون أبو الحسن

في أول تصريح له لوسائل الإعلام العالمية، كشف وزير الاقتصاد اللبناني عامر البساط عن خطة لإعادة أموال المودعين تدريجيًا كجزء أساسي من أي عملية إصلاح مالي شاملة، تهدف إلى انتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية الخانقة، مؤكدًا أن عبء الإصلاح سيتقاسمه كل من الدولة والبنك المركزي والبنوك المحلية.

تمثّل حماية حقوق المودعين، حجر الزاوية في المساعي الرامية إلى كسر حالة الجمود التي تُعيق تنفيذ الإصلاحات الضرورية للحصول على تمويل جديد من صندوق النقد الدولي، وهو ما يُنظر إليه كطوق نجاة للاقتصاد اللبناني المنهار، ومع ذلك، يواجه المسؤولون منذ سنوات صعوبات جمة في التوصل إلى اتفاق نهائي، في ظل رفض البنوك المحلية تحمل الجزء الأكبر من الخسائر أو القبول بعمليات دمج قسري.

وفي مقابلة حصرية مع "تليفزيون بلومبرغ"، صرحّ البساط قائلاً: "تشكل حماية المودعين عنصراً بالغ الأهمية ضمن الأهداف التي وضعناها، قد يتطلّب ذلك أدوات أو تأجيلات أو مرور بعض الوقت لنتمكن من سداد أموال المودعين، لكن الفكرة الرئيسية تتمثل في ألا يخسر أي شخص وديعته، لكن الأمر قد يستغرق وقتًا".

"حل جماعي" ضروري لإنقاذ لبنان

أشار المسؤول التنفيذي السابق في شركة "بلاك روك" إلى أن الأزمة المالية الحادة التي عصفت بالبلاد منذ عام 2019، والناجمة عن الانخفاض الحاد في التدفقات الدولارية القادمة من الخارج، تستدعي "حلًا جماعيًا" تشارك فيه جميع الأطراف المعنية، مشددًا في الوقت نفسه على ضرورة ضمان استمرار قدرة القطاع المصرفي والبنك المركزي على تنفيذ السياسة النقدية بفاعلية، مؤكدًا أن "هناك حدًا لما يمكننا فرضه على كلٍ من هذه الأطراف".

يذكر أن لبنان كان قد تخلف عن سداد سندات دولية بقيمة تقارب 30 مليار دولار في عام 2020، وذلك في ذروة الأزمة المالية التي أدت إلى خسارة العملة المحلية معظم قيمتها، وارتفاع معدل التضخم إلى مستويات قياسية ثلاثية الأرقام، وتبخر مدخرات عمر عدد كبير من المودعين.

ويعلّق الوزير البساط آمالًا كبيرة على قانون رفع السرية المصرفية، الذي حظي بموافقة مبدئية من الحكومة الأسبوع الماضي، ومن المتوقع أن يقره البرلمان خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

ويُنتظر أن يُمكّن هذا القانون الحكومة من الحصول على صورة أوضح لحجم فجوة رأس المال في كل بنك على حِدة.

وتجدر الإشارة إلى أن البنك المركزي كان قد بدأ منذ عام 2016 في استخدام مليارات الدولارات من أموال المودعين لتمويل عجز الموازنة ودعم استقرار سعر الصرف.

التوترات العالمية تلقي بظلالها على لبنان

تشير التقديرات إلى أن الفجوة المالية الإجمالية في لبنان تبلغ نحو 70 مليار دولار، وهو ما يتجاوز ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد الوطني.

ورغم الجهود التي تبذلها الحكومة اللبنانية لإصلاح الاقتصاد، أقر الوزير البساط بأن التوترات التجارية العالمية وتداعياتها السلبية على الأسواق تمثّل مخاطر كبيرة، وقد يكون لها "تأثير كبير نسبيًا" على تحويلات المغتربين اللبنانيين، الذين يشكّلون واحدة من أكبر الجاليات المهاجرة في العالم.

كما أكد على أن الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار الهش بين حزب الله -المدعوم من إيران- وإسرائيل يمثل عنصرًا بالغ الأهمية لاستقرار البلاد.

وفي ختام تصريحاته، كشف الوزير عن عزم الحكومة تنظيم مؤتمر للمستثمرين في شهر سبتمبر القادم، مُعربًا عن أمله في أن يبرز المؤتمر صورة جديدة للبنان، و"يعلن للعالم أنه عاد إلى الساحة والأعمال".

وتأتي هذه التصريحات بمثابة بصيص أمل للمودعين اللبنانيين، الذين عانوا طويلًا من تداعيات الأزمة الاقتصادية، في انتظار خطوات عملية تترجم هذه الوعود إلى واقع ملموس.