شهدت أسعار السيارات الجديدة والمستعملة بمختلف فئاتها في مصر تراجعات ملحوظة خلال الفترة الأخيرة، مدفوعة بعدة أسباب أهمها تراجع الطلب مقابل المعروض المتزايد، واستئناف شركات السيارات فتح اعتمادات مستندية من البنوك مرة أخرى بعد توافر العملة.
وبادر عدد من شركات ووكلاء السيارات بمصر بإجراء تخفيضات على أسعار جميع فئات السيارات بمعدلات تراوحت بين 5 و15%، وفقا للمعروض المتاح من كل فئة ومعدلات الطلب عليها، بحسب تجار سيارات.
وقال عدد من الوكلاء وأعضاء بشعبة السيارات، إن هناك حالة من الركود تسيطر على سوق السيارات في مصر منذ العام الماضي، بسبب الارتفاعات الكبيرة في الأسعار وتراجع المعروض في نفس الوقت.
وأشارت المصادر إلى أن تراجع الطلب يفوق تراجع المعروض النسبي، وهو ما دفع الشركات لإجراء تخفيضات جزء كبير منها يتمثل في الأوفر برايس الذي أضافته على أسعار السيارات العام الماضي.
التصنيع المحلي والمنافسة خفضا الأسعار
وقال رئيس رابطة تجار السيارات في مصر، أسامة أبو المجد إن جميع فئات السيارات شهدت تراجعا في الأسعار، ولكن السيارات التي تصل قيمتها مليونا وأقل كانت صاحبة التراجع الأكبر والذي تراوح بين 10 و15%.
وعزا أبو المجد التراجع إلى افتتاح وتشغيل 3 مصانع سيارات في مصر خلال الشهرين الماضيين، والتي أنتجت بالفعل سيارات بأسعار مناسبة ومنافسة للسيارات في الفئة السعرية مليون جنيه، مثل سيارة بروتون ساجا بسعر 650 ألف جنيه، وسيارة أخرى تتبع ماركة جيلي بسعر 850 ألف جنيه، بجانب السيارة فئة أوبترا بسعر 720 مليون جنيه، وهو ما خفض أسعار فئات عديدة من السيارات التي يطلق عليها "الاقتصادية".
وأضاف أبو المجد أن تزايد المعروض من السيارات وظهور بدائل متعددة أمام المستهلك دفع التجار والوكلاء لخفض هوامش أرباحهم وإجراء بعض العروض والتسهيلات في السداد، وهو ما سيصب في صالح المستهلك بشكل خاص وصناعة السيارات بشكل عام.
ومن جانبه، قال عضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية ورئيس مجموعة السبع أتوموتيف، علاء السبع، إن تسعير السيارات خاضع بشكل رئيسي للعرض والطلب، مثلها كباقي السلع الاستهلاكية، لذا فان تراجع الأسعار منطقي، في ظل تزايد المعرض وارتفاع المنافسة.
وأضاف السبع، أن التراجع في الأسعار يتراوح بين 4 و5% فقط على جميع فئات السيارات، موضحا أن أغلب الشركات طبقت هذا التخفيض عن طريق عروض وخصومات لفترات محددة، بهدف تمرير المعروض الزائد للمستهلكين.
واستبعد السبع حدوث مزيد من التخفيضات قريبا على أسعار السيارات، موضحا أن التراجع الحالي يتسق مع معدلات العرض والتي لا تزال تشهد تباطؤ نسبيا.
وأعلنت مجموعة جي بي أوتو الوكيل الحصري لعلامة هافال التجارية في مصر مؤخرا، عن خفض أسعار سيارات العلامة الصينية في مصر خلال يناير الماضي، وذلك على عدد من الطرازات بنسب تراوحت بين 40 و60 ألف جنيه وكذلك أعلنت الشركة العالمية للتجارة والتوكيلات «EIT» وكيل «كيا» في مصر منذ أيام، عن تخفيض أسعار سيارات "كيا سبورتاج" موديل 2025 بقيمة تتراوح بين 150 إلى 175 ألف جنيه لبعض الفئات.
استئناف الاستيراد يزيد المعروض
وقال رئيس شعبة وكلاء وموزعي وتجار السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة، نور الدين درويش، إن تراجع الطلب على شراء السيارات في ظل النمو النسبي للمعروض منذ بداية العام الحالي مقابل العام الماضي، انعكس على الأسعار حاليا ودفعها للانخفاض.
وأضاف درويش إلى أن استئناف الوكلاء عمليات فتح اعتمادات مستندية بالبنوك وتنفيذ عمليات استيراد جديدة خلال الشهور الأخيرة عزز من المعروض وأنهى ظاهرة الأوفر برايس، وبالتالي شهدت الأسعار تراجعا على مختلف الفئات من السيارات بمعدلات متقاربة.
"التراجع في الأسعار لم يسبب خسائر لتجار السيارات وخاصة المستوردة، لأن جزءً كبير منه يتمثل في إلغاء الأوفر برايس أو تنازل عن جزء بسيط من هامش الأرباح" بحسب رئيس الشعبة.
ومن جانبه قال أحد وكلاء السيارات في مصر إن عمليات استيراد السيارات أصبحت أفضل، ولكن لم تعد بعد لمعدلاتها السابقة، وعلى الرغم من ذلك أحدثت زيادة في المعروض من السيارات وهو ما أوقف ظاهرة الأوفر برايس وخفض الأسعار بمعدلات بلغت بالفعل على بعض الفئات 150 وأكثر من 200 ألف جنيه.
وأشار السبع أيضا إلى أن إعادة فتح وكلاء السيارات للاعتمادات المستندية بالبنوك وانخفاض بعض التكاليف والمصروفات المصاحبة لذلك ساهم في زيادة المعروض وأعطى مؤشرات طمأنه للسوق، بجانب زيادة المنافسة بعد ظهور بعض أنواع السيارات التي يتم تجميعها محليا.
الهبوط يصيب السيارات المستعملة
وأكد رئيس رابطه تجار السيارات أسامة أبو المجد على أن تراجع السيارات الجديدة انعكس بشكل سريع على تسعير المستعمل الذي تراجع بمعدلات كبيرة، بعد مرحلة أسعار جزافية استغل فيها أصحاب المستعمل تراجع المعروض ورفعوا الأسعار بشكل مبالغ فيه.
وأشار إلى أن ظهور خريطة تسعير جديدة للسيارات المستعملة بعد ظهور سيارات جديدة بأسعار أقل من المستعمل خلال العام الماضي، وهو ما وضع السيارات المستعملة في مأزق يدفعها لخفض الأسعار بمعدلات كبيرة.
واتفق معه رئيس الشعبة نور الدين درويش، مؤكدا على أن أسعار السيارات المستعملة استجابت بالفعل للتراجع في أسعار السيارات الجديدة، مشيرا إلى أن التسهيلات في السداد ومد أجال البيع بالتقسيط ببعض الشركات سيقلل مستويات تسعير السيارات المستعملة الفترة المقبلة ويدفع أسعارها للتراجع.
وأشار إلى أن المضاربات التي شهدها سوق المستعمل الفترة الأخيرة معتمدا على تراجع قدرة الوكلاء على الاستيراد ساهمت في تشويه عمليات التسعير، وهو ما توقف بالفعل بعد التحسن في مستويات المعروض والتغلب على أزمة العملة في مصر.