بينما كان تأثير «كوفيد-19» محدودًا على بعض القطاعات الاقتصادية فى مصر، وأبرزها التعليم وسوق الأسهم أو الإنفاق الرأسمالى، كان للوباء أثر بالغ على قطاعات أخرى، حيث تباطأت أعمال الإنشاء والبناء مع تصاعد انتشار الوباء، حيث تقول تقارير إن نمو القطاع سيكون أبطأ من المتوقع خلال الأعوام المقبلة.
وحتى من قبل إجراءات الإغلاق المصاحبة لانتشار الفيروس، أفاد اثنان من أبرز اللاعبين فى القطاع، وهما شركتا أوراسكوم كونستراكشون وحسن علام، بأن نمو القطاع يتجه للتباطؤ.
وفى الربع الأول من 2020 انكمش قطاع الإنشاءات فى مصر بنسبة 9.1% وهو ما يمثل 91.35 مليار جنيه من الناتج المحلى الإجمالى، بحسب الأسعار الجارية وطبقا لبيانات وزارة التخطيط.
وعلى سبيل المقارنة، انكمش قطاع الزراعة بنسبة 1.9%، والنقل والتخزين والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمعدل 8.4%، والمياه والصرف الصحى بنسبة %13.2، والبترول والتعدين 27.7% والفنادق والمطاعم 20.7%، والكهرباء 17.3%، وإيرادات قناة السويس 16.7% خلال نفس الربع.
ومن ناحية الوظائف، يبدو تأثير «كوفيد-19» محدودًا على قطاع الإنشاءات مقارنة بقطاعات أخرى، فطبقًا للجهاز القومى للتعبئة العامة والإحصاء، خسر القطاع 288 ألف وظيفة، وهو أقل من نصف عدد الوظائف التى فقدها قطاع التجارة بالتجزئة والجملة وهو 624 ألفًا.
ولعبت المشروعات القومية التى تديرها الدولة فى مجال البنية التحتية وأبرزها العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة ومدينة الجلالة، دورًا كبيرًا فى الحد من خسائر الوظائف فى القطاع، وفق ما ذكره أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، عبدالمطلب عبدالحميد.
وكان كل من حسن وعمرو علام الرئيسين التنفيذيين لمجموعة حسن علام القابضة، توقعًا فى خلال مارس الماضى، أن تتدخل الحكومة بمجرد السيطرة على الجائحة «بإعادة إطلاق الدورة الاقتصادية وضخ السيولة المالية فى الاقتصاد وإعادة الناس للعمل مرة أخرى لتحسين المناخ الكلي»، مشيرين إلى أن قطاع الإنشاءات الأفضل لتحقيق ذلك.
ومن المنتظر أن يتغلب القطاع على الانكماش الحالى خلال السنوات المقبلة، على الرغم من خضوع توقعات النمو لمراجعة بشكل موسع، حيث توقع تحليل لشركة جلوبال داتا فى يونيو الماضى، أن ينمو قطاع الإنشاءات المصرى بمتوسط 9.6% بين عامى 2020 و2024.
وكانت الشركة توقعت فى وقت سابق أن ينمو القطاع بنسبة 11.3% فى المتوسط بين 2019 و2023 بدعم من برنامج التنمية الحضرية للقاهرة.
كما توقعت «فيتش سوليوشنز» نموًا وصفته بالقوى خلال عام 2020 بنسبة 7.5%، وذلك فى تقرير خلال أبريل الماضى، على الرغم من تخفيضه من 9.7% فى تقرير سابق.
وإبان صدور التقرير كانت العديد من المواقع الإنشائية مغلقة مع تصاعد عدد الحالات المصابة بالفيروس وإجراءات الغلق التى فرضتها الحكومة للحد من انتشاره.
وقالت «فيتش» إن صحة تلك التوقعات تعتمد على «قدرة البلد على استئناف الأعمال فى موعدها فى وقت لاحق خلال العام».
وعلى الرغم من انخفاض التوقعات تقول «فيتش» إن مصر تسبق نظيراتها فى المنطقة من ناحية نمو قطاع الإنشاءات، فطبقًا للتقرير من المتوقع أن ينكمش قطاع الإنشاءات الإماراتى بنسبة 1% فى 2020 " مع تأثير كوفيد-19 وسوق النفط الضعيفة على مستويات الإنتاج وعلى الرؤى بشأن حالة الاقتصاد فى البلاد"، وفى السعودية، وهى واحدة من الأسواق الرئيسية الأخرى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من المتوقع أن ينكمش قطاع الإنشاءات خلال العام الجارى بنسبة 1.7% بسبب "القدرة المحدودة للقطاع على الاستمرار" خلال الجائحة.
وخفض التقرير أيضًا توقعاته لنمو قطاع الإنشاءات بالعراق بنسبة 6% وكذلك المغرب والجزائر والبحرين وإيران والكويت والأردن وعمان وقطر وليبيا واليمن بنسب تتراوح بين 2% و4%، حيث ترجع «فيتش» ذلك بشكل كبير إلى تقلبات سلاسل الإمداد العالمية.
وتعد تخمة المعروض من الأسمنت هى العائق الرئيسى لقطاع الإنشاءات المصري، حيث يعانى سوق الأسمنت من فائض فى المعروض مقارنة بالطلب منذ شهور، إذ تعمقت الأزمة مع تداعيات «كوفيد-19» طبقًا لشركة جلوبال داتا.
وتوقع العديد من مصنعى الأسمنت، تحدثت معهم إنتربرايز فى أبريل، أن يضطروا للإغلاق بعد قرار شركات الوطنية للأسمنت وأسمنت طرة وأسمنت النهضة بالإغلاق إما مؤقتًا أو بشكل دائم العام الماضى، وطبقًا للتقرير انخفض الطلب على الأسمنت على أساس سنوى بنسبة 3% فى مارس و8% فى أبريل بعد ارتفاعه إلى 8 % فى يناير و9% فى فبراير.
ولا تتوقع »جلوبال داتا" أن يستمر انكماش قطاع الإنشاءات المصرى على المدى الطويل، ويتوقع التقرير أن يحقق القطاع تعافيًا بفضل سلسلة المشروعات القومية التى تشرف عليها الحكومة، بما فى ذلك العاصمة الإدارية الجديدة، التى يتوقع الانتهاء من الحى السكنى والحى التجارى بها بنهاية 2021 وبداية 2022.