أوضح مصرفيون ان تحريك أسعار الفائدة يعد العنصر المتغير الرئيسى فى سياسة البنك المركزى لإدارة سياسة الأسعار والتضخم مؤكدين ان المركزى استعان بنحو 6 ادوات للسيطرة على التضخم بخلاف تحريك أسعار الفائدة.
واضافوا ان هذه الأدوات، إلى جانب تحريك أسعار الفائدة، تمثلت فى عمليات السوق المفتوح من خلال استخدام محفظة اذون الخزانة والسندات الحكومية، وتنظيم الائتمان، وسياسة القروض الانتقائية مثل مبادرة البنك المركزى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وعمليات مقايضة العملة الأجنبية مثل «اليوان» والاحتياطى الالزامى، إلغاء القيود على التحويلات للخارج.
وأشاروا الى ان البنوك المركزية بامتلاكها لهذه الادوات تستطيع التحكم فى مستويات التضخم ومواجهة الضغوط التضخمية.
وتوقعوا انخفاض معدلات التضخم بداية من نوفمبر المقبل الى مستوى 20٪ على ان تصل الى ما يقارب من 14٪ خلال الربع الاخير من عام 2018
وكان البنك المركزى المصرى قد قرر رفع أسعار الفائدة بواقع 200 نقطة خلال الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية، وارجع قراره الى محاولة السيطرة على التضخم علما بأن المركزى قام برفع أسعار الفائدة منذ تحرير سعر الصرف فى نوفمبر الماضى وحتى الآن بواقع 700 نقطة اساس.
ومن جانبه قال عمرو طنطاوى.. العضو المنتدب لبنك مصر- إيران: إن البنك المركزى المصرى استخدم تحريك أسعار الفائدة كاداة للسيطرة على ارتفاع معدلات التضخم وهى تعد الأداة المناسبة من وجهة نظرى ضمن أدوات أخرى يمكن ان تستخدمها أى سياسة نقدية مع الأخذ فى الاعتبار ان بعض هذه الأدوات ليست فى يد المركزى منها على سبيل المثال تعظيم إيرادات الدولة من النقد الأجنبى وزيادة حجم السيولة من العملة الأجنبية من خلال زيادة الاستثمارات الأجنبية والتصدير وعودة السياحة، مما يؤدى إلى تقليل حجم الطلب على العملة الأجنبية، وبالتالى تتحسن قيمة العملة المحلية ويحدث انخفاض فى أسعار السلع، لاسيما أن النسبة الأكبر من السلع مستوردة من الخارج، وبالتالى تبدأ معدلات التضخم فى الاتجاه نحو منحنى هبوطى.
وأوضح أن البنك المركزى اتخذ إجراء مهماً، وهو إلغاء القيود على تحويلات الأموال للخارج ما أدى إلى بث الطمأنينة بين المستثمرين الأجانب، حيث يتمكن أى مستثمر من تحويل الأموال فى أى وقت دون أى قيود أو شروط وهذا الإجراء سيؤدى إلى جذب مزيد من الاستثمارات الأجنببية المباشرة ولكن الوضع يتوقف على القوانين المكملة واللائحة التنفيذية الجديدة التى يناقشها البرلمان حاليا.
وأشار إلى أن القروض الانتقائية تعد إحدى أدوات السياسة النقدية للسيطرة على التضخم، لافتا إلى أن البنك المركزى يتبع هذة السياسة عن طريق تحفيز البنوك على تمويل قطاعات معينة أبرزها مبادرة البنك المركزى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة حيث طالب المركزى البنوك بتخصيص 20٪ من الائتمان لصالح ذلك القطاع، كما أنه وفى إطار دعم هذا القطاع قام المركزى بتثبيت أسعار الفائدة على مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وعدم المساس بها، بالإضافة إلى توسيع مفهوم المبادرة حتى تستوعب أكبر شريحة ممكنة من العملاء مؤكدا على دورها فى خفض نسب التضخم إذا تم تفعلها بشكل جيد.
وقال هانى جنينه المحلل والخبير المالى بأحد بنوك الاستثمار سابقا إن البنوك المركزية فى العالم تستخدم أسعار الفائدة كأداة للتحكم والسيطرة على معدلات التضخم وذلك بحسب مستويات السيولة المحلية لديها.
وأشار إلى أن بعض البنوك المركزية الأخرى تتبع سياسة سعر الصرف فى السيطرة على التضخم وعلى رأسها البنوك المركزيه بدول الخليج، حيث ترتبط معدلات التضخم فى هذه الدول إلى حد كبير بمعدلات التضخم فى أمريكا وأوروبا، وذلك لأن أغلب السلع والمنتجات فى هذه الدول يتم استرادها من الخارج، وبالتالى سياسة تثبيت سعر الصرف تعد هى الأداة الرئيسية للسيطرة على التضخم فى هذه الدول، لافتا إلى أن سياسة ثبات سعر الصرف كانت الأداة الأساسية للبنك المركزى المصرى للسيطرة على التضخم قبل قرار التعويم.
وأوضح جنينة أن أبرز أدوات السيطرة على التضخم وأكثرها شهرة هى عمليات السوق المفتوح حيث يستخدم البنك المركزى هذه الاداة فى سحب أو ضخ السيولة من خلال استخدام محفظة أذون الخزانة والسندات الحكومية وبالتالى إذا كان البنك المركزى فى حاجة إلى سيولة يقوم بطرح أذون الخزانة على البنوك وسحب السيولة لفترة مؤقتة وهى اداة تستخدم بصورة دورية أو يومية فى كثير من بلدان العالم.
ووفقا لجنينة فإن سياسة عمليات السوق المفتوح فى مصر ما زالت تحت التطوير لاسباب تتعلق بنوعية محفظة أذون الخزانة والسندات التى يمتلكها البنك المركزى، مع الوضع فى الاعتبار صعوبة تداولها، وبالتالى اعتمد البنك المركزى على طرح العطاءات الدورية وبفائدة مرتفعة جعلت البنوك تفضل شراء أذون الخزانة على الإقراض، وهو ما أدى إلى عدم خروج السيولة خارج القطاع البنكى والاحتفاظ بها داخل البنك المركزى، وتعد العطاءات الدورية أولى خطوات البنك المركزى لإدارة السياسة النقدية والتحكم المباشر فى السيولة الفائضة لدى البنوك مشيرا إلى أن 99٪ من إدارة السيولة فى مصر تتم من خلال العطاءات خاصة بعد قرار تحريك أسعار الفائدة.
وأضاف أن سياسة تخفيض الاقراض تأتى كخطوة تالية للعطاءات الدورية التى يستخدمها البنك المركزى المصرى لسحب فائض السيولة من البنوك خاصة فى ظل الطلب الكبير على الإقراض وهو ما ينعكس على معدل السيولة الكلى.
وأكد أن السياسة النقدية لابد وان تتمتع بدرجه عالية من الكفاءة، بحيث يصبح أى تغير قصير الأجل فى أسعار الفائدة الذى يحدده البنك المركزى يقابلة تغير فى أسعار الفائدة التى تحددها البنوك متوسطة وقصيرة الأجل.
وفيما يتعلق باستخدام عمليات المقايضة كأداة من أدوات السياسة النقدية قال إن هذه الوسيلة تتم على آجال محددة ومؤقتة وتستخدم فى العديد من الدول وهذا النموذج يستخدم بآلية معينة، حيث تقوم البنوك بوضع الفوائض الدولارية كوديعة بالبنك المركزى على أن يقوم الأخير بدفع فائدة يمكن أن تصل إلى 3٪ ويتم استبدال الوديعة الدولارية بما يعادلها بالجنيه، ويتم وضعها هى الأخرى بالبنك المركزى حتى لا يحدث زيادة للسيولة داخل السوق.
وتوقع ان تنخفض معدلات التضخم بداية من نوفمبر القادم إلى مستوى 20٪ على أن تصل إلى ما يقارب من 14٪ خلال الربع الأخير من عام 2018.
وأشار إلى وجود أداة أخرى ضمن ادوات السياسة النقدية وهى أداة الاحتياطى الالزامى، علما بأنها تعد أداة تقليدية و قديمة و بدأت تندثر فى العالم، والاحتياطى الالزامى هو نسبة الودائع التى تضعها البنوك فى البنوك المركزية والمقدرة بنحو 10٪ وهى أداة غير مستحبة لانها تعد نوعا من انواع الضريبة التى تفرض على البنوك وبالتالى تضع عبئاً مالياً عليها.
ولفت إلى أن سياسة «التدخل اللفظى» تعد من أدوات السياسة النقدية وهى أداة ظهرت بالتزامن مع الأزمة المالية العالمية وتستخدم هذه الأداة من قبل مسؤلى البنوك المركزية فى محاولة للتحكم فى توقعات السوق وذلك من خلال التصريحات.
قال هانى فرحات محلل الاقتصاد الكلى فى بنك الاستثمار سى آى كابيتال إن استخدام سياسة تحريك سعر الفائدة وخفض سعر الصرف ابرز الأدوات التى يمكن استخدمها فى الحالة المصرية مؤكداً أهمية هاتين الأداتين بالإضافة إلى رفع الاحتياطى الإلزامى للبنوك، وسحب السيولة النقدية من السوق.
وأضاف أن مبادرات البنك المركزى وعلى رأسها مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة تساهم فى زيادة الإنتاج وزيادة المعروض فى السوق من السلع والخدمات رافضا توقع معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة.
ومن جانبه أكد سيد القصير.. رئيس مجلس إدارة البنك الزراعى المصرى أن سعر الفائدة هو العنصر المتغير الرئيسى فى سياسة البنك المركزى فى إدارة سياسة الأسعار والتضخم وأرى أن ارتفاع معدلات التضخم يمكن التعامل معها بأكثر من جانب أولا: تقليل حجم السيولة الموجودة فى السوق لأنها ستشجع على الادخار، وبالتالى سينخفض الطلب وتنخفض الأسعار.
ثانياً: التحسن فى قيمة العملة المحلية مع انخفاض أسعار الصرف سيدفع أصحاب المصانع والمصدرين على زيادة التصدير مما يؤدى إلى زيادة التدفقات من العملة الأجنبية.
ثالثاً: زيادة أسعار الفائدة ستؤدى إلى زيادة نسبة المدخرات ودخول شرائح جديدة للقطاع البنكى وتصبح ضمن منظومة الشمول المالى الذى يستهدفه البنك المركزى.
رابعا: مبادلة العملة الأجنبية بالعملة المحلية بعد زيادة أسعار الفائدة أدى إلى القضاء على ظاهرة الدولرة وبالتالى مع وجود بيئة استثمارية وسياسة مالية جيدة سيتحسن الوضع الاقتصادى وستنخفض معدلات التضخم حيث يتوقع البنك المركزى انخفاضها إلى مستوى 13٪ نهاية عام 2018.
وأكد فخرى الفقى.. المستشار السابق لصندوق النقد الدولى ضرورة معرفة الاسباب الحقيقية لمشكلة التضخم لتحديد الأداة الأمثل لمواجهة هذه المشكلة.
واشار إلى أن التضخم يمكن ان ينتج عن زيادة معدلات النمو فى السيولة النقدية بزيادة أكبر من معدلات النمو فى الناتج المحلى الإجمالى (المعروض من السلع والخدمات)، وبالتالى إذا طبقنا ذلك على الحالة المصرية سنجد أن معدلات النمو الاقتصادى المستهدفة 4٪ يقابلها زيادة فى السيولة «الطلب» بمعدل33٪، وبما أن معدل التضخم هو الفارق بين المعروض من السيولة والمطروح من السلع والخدمات فى هذه الحالة يصبح معدل التضخم 29٪ وهو أحد انواع التضخم.
وأضاف أن النوع الآخر من التضخم ناتج عن ارتفاع التكلفة فبعد قرار التعويم مباشرة ارتفعت أسعار الدولار إلى مستوى 18 جنيهاً بدلاً من 8 جنيهات، وبالتالى ارتفعت أسعار مستلزمات الإنتاج، لأن أغلبها يتم استيراده من الخارج، وبالتالى ارتفعت تكلفة المنتج وتم نقل عبء الزيادة فى التكلفة إلى المستهلك ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، فضلاً عن عدم وجود بديل امام المستهلك، نظرا لعدم وجود منافسة حقيقية وما يوجد حاليا هو «احتكار قلة».
وأوضح أن التضخم فى مصر مزيج من زيادة السيولة وارتفاع التكلفة وأرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار الدولار وخفض قيمة الجنية والى اقتراض الحكومة لسد العجز فى الموازنة العامة من خلال السحب على المكشوف، حيث قامت الحكومة بسحب 650 مليار جنيه تقريبا مشيرا إلى أن هذه الأسباب ادت إلى زيادة السيولة بنسبة 33٪.
وأضاف أن البنك المركزى فى ظل تنامى الطلب وزيادة السيولة كان لابد من رفع أسعار الفائدة لامتصاص السيولة الزائدة فإذا انخفضت السيولة بوقع 25٪ سيصل معدل التضخم إلى 21٪، أما فيما يتعلق بالتكلفة فهى مرتبطة بسعر الصرف فمع انخفاض سعر العملة الأجنبية ستنخفض التكلفة.