طالب المهندس درويش حسنين.. الرئيس التنفيذى للشركة السعودية المصرية للتعمير الدولة بضرورة تبنى نظام العقود المتوازنة «الفيديك» فى تعاقداتها المقبلة مع المقاولين، حيث إن هذا النظام يسهم فى حفظ حقوق المقاول والجهة صاحبة الإسناد معاً، مشيراً الى تشكيل لجنة عليا برئاسة وزير الإسكان وأعضاء من الجهات المعنية لصرف تعويضات المقاولين المتضررين من قرار تحرير سعر الصرف،علماً بأن عدد المقاولين المستفيدين من صرف هذه التعويضات يصل إلى نحو 30 ألف مقاول.
وأكد م. حسنين أن الفترة الماضية شهدت مجموعة من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التى تستهدف دفع عجلة الاستثمار، موضحاً أن هذه المؤشرات تقوم على الخطوات والإجراءات الإصلاحية التى اتخذتها الحكومة على عدة مراحل من أجل إعادة هيكلة الاقتصاد المصرى وتحسين قيمة الجنيه فى مقابل العملات الأجنبية الأخرى.
وأضاف أن من أبرز هذه المؤشرات هو إصدار القانون رقم 84 لسنة 2017 والخاص بتنظيم صرف التعويضات للمقاولين، وتحرير سعر الصرف، فضلا عن إصدار قانون الاستثمار الجديد الذى تضمن بين مواده تعديلات طموحة سوف تساهم فى تحسين مناخ الاستثمار بعد الانتهاء من وضع اللائحة التنفيذية للقانون خلال شهر أغسطس المقبل.
وحول سبل تجاوز شركته للظروف الصعبة التى أعقبت تحرير سعر الصرف، وبخاصة تراجع القوة الشرائية للمصريين، أكد الرئيس التنفيذى للشركة السعودية المصرية للتعمير أن مشروعات الشركة تراعى دائما التنوع فى نماذج الوحدات السكنية بين مساحات كبيرة وصغيرة ومتوسطة، وهذا التنوع يساعدها كثيرا على تسويق وحداتها بشكل مرن، مما يمكنها من الخروج من الظروف الراهنة.. وفى الحوار التالى المزيد من التفاصيل:
فى البداية.. ما هى قراءتكم لأهم المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التى ساهمت فى وضع الاقتصاد المصرى على الطريق الصحيح حسب تأكيد الجهات والمؤسسات الدولية المختلفة؟
فى الحقيقة هناك العديد من المؤشرات الإيجابية، والتى ساهمت فى دفع العملية الاستثمارية فى مصر، وبددت القلق لدى المستثمرين، بل أصبحت مصدرا للتفاؤل، وهذه الإجراءات كان ضروريا جدا فى الوقت الحالى على الرغم من أنها كان لها بعض الآثار الجانبية على المدى القصير، ولكنها ستؤتى ثمارها على المدى الطويل.
ولعل من أبرز الأمور والقرارات الاقتصادية والخطوات الإصلاحية التى شهدنها مؤخراً، هى إجراءات تحرير سعر الصرف، وهذا القرار يحمل فى طياته مصاعب كثيرة جدا تمثلت فى إضافة أعباء جديدة على المواطن المصرى متمثلة فى زيادة الأسعار وفى التكاليف المعيشية، ولكنه على المدى المتوسط والطويل كان إجراءا ضروريا للنهوض بالاقتصاد القومي.
وبالنظر الى الأوضاع القائمة قبل التعويم نجد أنه كانت هناك سوق موازية للدولار، وعندما تم اتخاذ قرار تحرير سعر الصرف، ظهرت العلاقة الحقيقية بين الجنيه وباقى العملات الأجنبية، وأصبح التعامل فى هذه العملات مقصورا على السوق الرسمية فقط وهو أمر إيجابى وضرورى.
ومن الأمور المهمة جدا التى تعمل عليها الدولة فى الوقت الحالى هى تحسين أوضاع الجنيه فى مقابل العملات الأجنبية، وتجدر الإشارة إلى أن الارتفاع فى أسعار هذه العملات يرجع بالأساس إلى تدهور وانخفاض قيمة الجنيه المصرى نتيجة أوضاع اقتصادية مترهلة فى الفترة الأخيرة، ولكن بشكل تدريجى ستبدأ الأمور فى التحسن نتيجة انتعاش الحالة الاقتصادية، مما ينعكس على قيمة الجنيه، وبالتالى تنخفض الفروق الكبيرة فى أسعار صرف الجنيه مقابل العملات الأخرى، وأتوقع أن يستعيد الجنيه المصرى قوته خلال عامين بفعل الإجراءات الاقتصادية التى تم اتخاذها فى الفترة الماضية والتى سيكون لها عائد إيجابى على الحالة الاقتصادية المصرية فى السنوات القادمة.
وكيف ترون قانون الاستثمار الجديد.. والى أى مدى سيسهم فى تنشيط الحالة الاستثمارية فى مصر؟
أود أن أؤكد أن صدور قانون الاستثمار الجديد أمر فى غاية الأهمية لأنه يتضمن العديد من التعديلات الإيجابية فى مقدمتها تيسير إجراءات حصول المستثمرين على الموافقات الخاصة بالمشروعات الاستثمارية، كما يتضمن القانون مواد تنظم كيفية حل المنازعات حال وقوعها وبصورة سريعة وعادله.
وكما نعلم جميعا أن من أخطر العيوب التى كانت موجودة فى قانون الاستثمار القديم هو بطء الإجراءات والفصل فى النزاعات، ومن خلال رؤيتى للقانون الجديد أقول إنه تناول هاتين الجزئيتين بشكل إيجابى، ونحن فى انتظار صدور اللائحة التنفيذية لهذا القانون، خاصة أن رئيس الوزراء كان قد أعلن فى وقت سابق أنها ستصدر خلال شهر أغسطس المقبل.
وإذا تحدثنا عن قطاع الاستثمار العقارى تحديداً.. ما الذى تنتظرونه من اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الجديد؟
اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار سوف تنظم العملية الاستثمارية بشكل عام، حيث كان المستثمرون يعانون من صعوبة الحصول على موافقات إجراء استثمارات فى مجال ما، وجزء من هذه المصاعب كان يرجع لعدم مناسبة الإجراءات والتعقيد الذى لا مبرر له، إلى جانب ضعف الإدارات التى كانت تقوم بمنح الموافقات للمستثمر وعدم وجود سقف زمنى لإصدار تراخيص المشروعات الاستثمارية.
وأتصور أن اللائحة التنفيذية سيكون لها دور كبير وملموس فى تنظيم هذه الأمور لأنها تحدد هذه الإجراءات بشكل دقيق للغاية وسأتعهد لمن يقومون بمراجعة هذه الإجراءات بالكفاءة اللازمة لسرعة المراجعة واتخاذ الإجراءات الصحيحة فى التوقيت الصحيح، بالإضافة إلى أنها ستفسر وتوضح آلية الفصل فى المنازعات حال حدوثها.
ولاشك أن هذا الأمر مهم جدا لأنه عندما يستشعر المستثمر الجدية فى المكان الذى يرغب أن يستثمر به، وعندما يستشعر وجود إجراءات سريعة وناجزة لخروج الاستثمار الى حيز الوجود وتوافر منظومة صحيحة لحل المنازعات، فإن هذه التعديلات سوف تشجعه على زيادة الاستثمارات فى كافة الوزارات فى الفترة المقبلة.
وكيف ترى مستقبل قطاع المقاولات فى مصر خلال الفترة المقبلة فى ظل المشروعات القومية التى تنفذها الدولة حاليا؟
فى الواقع أن المقاولات قطاع فى غاية الأهمية لما له من دور كبير وأساسى فى تنفيذ الاستثمارات داخل مصر، وبالتالى يأتى دوره الهام فى تنفيذ المشروعات القومية الكبرى للدولة، كما أنه القطاع الذى يضم أعدادا كبيرة جدا من العمالة، حيث إن عدد شركات المقاولات الموجودة فى مصر حالياً حوالى 25 ألف شركة بمختلف فئاتها، وأنا دائما أرى أن حال المقاول فى بلد ما يعبر عن الحالة الاقتصادية لهذا البلد، بمعنى أنه كلما كان قطاع المقاولات فى هذا البلد نشطا ومزدهرا، فهذا الأمر يعطى دلالة على حالة اقتصادية واستثمارية جيدة.
وأتصور أن الدولة تعاملت مع ملف تعويض المقاولين بمسئولية،
شوبعد إقرار القانون تم تشكيل لجنة عليا برئاسة وزير الإسكان لصرف التعويضات، ونتمنى أن تخرج قرارات التعويض سريعة لإعادة الاتزان لقطاع المقاولات حتى يسترد عافيته، علما بأن المقاول المصرى سيظل متحملا لبعض الأعباء رغم التعويضات.
وما هو الأساس فى عملية صرف التعويضات للمقاولين؟
الأساس فى عملية صرف التعويضات أنه يتم النظر الى أسعار المواد المختلفة التى بنى عليها المقاول أسعاره عند تقدمه لعطاء ما، ثم يتم حساب أسعار هذه المواد عند تنفيذ المقاول لأعماله، ويصرف له الفارق بين السعرين، فالنظام المتعارف عليه فى العقود الدولية أن الأسعار السارية للمواد المختلفة فى وقت العطاء تكون هى الأسعار التى بنى عليها المقاول سعره، وفى حالة حدوث زيادة فى الأسعار نتيجة قرارات سيادية يجب تعويض المقاول، بشرط ألا يكون المقاول متأخرا فى تنفيذ الأعمال، بمعنى أنه إذا كان يجب عليه تنفيذ الأعمال فى فترة سابقة لزيادة الأسعار وتأخر فإنه لا يعوض.
وكم عدد المقاولين المستفيدين من صرف هذه التعويضات؟
أتصور أن أعداد المقاولين المستفيدين من صرف التعويضات نحو 30 ألف مقاول.
وهناك أمر فى غاية الأهمية لابد من التأكيد عليه وهو ما يعرف بـ «العقود المتوازنة»، ومن هنا تظهر ضرورة تعديل عقود المقاولات للوصول الى صيغة متوازنة تحفظ حقوق الجهة المالكة والمقاول، حيث إن هذه العقود هى أشبه بالعقود الدولية «الفيديك» التى تنظم هذه الحقوق بصورة عادلة تماما، فهى كما تحاسب المقاول فى حالة تأخيره عن تنفيذ الأعمال فأنها أيضا تعطيه حقه فى حالة حدوث تغيرات فى الأسعار أو تغييرات فى الأعمال، وهذه هى الغاية من مسمى العقد المتوازن، لأنه ليس فى مصلحة المقاول فقط إنما أيضا فى صالح الجهة المسندة.
ومن وجهة نظركم.. ما تأثير دخول الشركات الصينية كمقاولين فى السوق المصرى؟
إذا تم النظر الى أحوال المقاول المصرى بالصورة الواجبة وحصل على حقوقه فى العقود التى يقوم بتوقيعها، فإنه سيكون قادرا تماما على الوفاء بالتزاماته التعاقدية، وإذا كان هناك بعض التجارب لشركات أجنبية فى مصر بصورة مقبولة، فذلك يرجع الى أن هذه الشركات قبل أن تعمل يتم التعاقد معها بصيغة العقود المتوازنة التى تعطى للمقاول حقه وتحفظ للدولة حقها وهذه الشركات الأجنبية لن تعمل فى مصر دون هذه العقود.
وعموماً فالصيغة الصحيحة فى أى تعاقد أنه يكون هناك مظروف فنى وآخر مالى، وتوجد مجموعة من الشروط للمظروف الفنى للشركات التى تتأهل فنيا لمشروع ما، ويراعى فى هذا المظروف سابقة الخبرة التى تؤهل هذه الشركة للمشروع المطلوب تنفيذه، وبالتأكيد أى شركة تأتى الى مصر تتم مراعاة سابقة الخبرة فى المظروف الفنى الخاص بها، إلى جانب أن هناك كثيراً من العقود تشترط أن يقوم المقاول المصرى بتنفيذ نسبة من هذه العقود مع الشركات الأجنبية وهى تحدد حسب نوعية الأعمال وليس لها قانون محدد.
المقاول المصرى.. هل يواجه صعوبة فى الحصول على تمويل من البنوك فى الوقت الحالى؟
بالفعل.. من المصاعب الكبيرة التى واجهت المقاول فى الفترة الأخيرة وكانت بمثابة تحدى كبير له، هو أن البنوك توقفت عن تمويل المقاول، وأتصور أنه بعد صدور قانون التعويضات سيتم فتح باب التمويل للمقاولين من جانب البنوك، فالجهاز المصرفى فى النهاية مؤتمن على أموال المودعين، ويحتاج أن تكون لديه الشروط الائتمانية التى تضمن له استعادة الأموال الممنوحة.
وكيف ترون تأثير قرار تحرير سعر الصرف على قطاع التطوير العقارى عموماً؟
بلا شك.. لقد كان لقرار تحرير سعر الصرف تأثير سلبى على قطاع التطوير العقارى، نظرا لزيادة التكاليف على عقود بيع تم الاتفاق عليها، ولا يستطيع المطور أن يغيرها، كما أن زيادة التكاليف أدت الى زيادة القيمة البيعية للوحدات السكنية، وبالتالى ظهرت صعوبة تسويقية لهذه الوحدات بعد زيادة قيمتها عما كانت عليه قبل زيادة الأسعار نتيجة تحرير سعر الصرف، وهو التحدى الأكبر الذى واجه المطور خلال الفترة الماضية.
لقراءة الحوار كاملا تصفح العدد
الالكترونى