في حكم قد يغير أوضاعا استمرت نحو 43 عاما في ظل نظام الإيجار القديم، قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الأولى والثانية من القانون 136 لسنة 1981، بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، وبالتالي تغيير قيمة الأجرة الشهرية المقررة، مما قد يؤثر على ملايين الشقق السكنية.
ونص القانون الذي صدر قبل 43 عاما، على ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكن اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون وعدم زيادتها، دون الوضع في الاعتبار الزيادات المستمرة في الأسعار والتضخم، ما أدى إلى خلل من التوازن في العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، لصالح المستأجر على حساب المالك.
وقال اللواء الدكتور شوقي صلاح، عضو هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة لـ العربية، إن المحكمة الدستورية العليا حرصت على استقرار المراكز القانونية وإعمالا للمادة 49 من قانونها المتعلق بأنها من تحدد تاريخ سريان حكمها، كما انتهت إلى أن هذا الحكم يتم سريانه اعتبارا من نهاية دور الانعقاد التشريعي الحالي، ولم تطلب تنفيذ الحكم فور صدوره أو بأثر رجعي.
وأكد ضرورة تشريع قانون يغير ثقافة الخوف السائدة، والمتمثلة في خشية مالك العقار الخضوع لأوضاع تهدد ملكيته، وبالتالي يلجأ لجعل العقار شاغرا أفضل من تأجيره، مطالبا المشرع والسلطات التنفيذية بمواجهة تلك الثقافة، حرصا على المصلحة الاقتصادية العامة للدولة.
5 بنود تعيد التوازن وتغير ثقافة خوف ملاك العقارات
واقترح اللواء شوقي صلاح، مراعاة عدة جوانب عند تنفيذ القانون، أهمها إعادة التوازن المفقود بين القيمة الإيجارية المستقبلية للوحدات المستأجرة وفقا للقانون القديم الذي ينظم تلك العلاقة وما شهده الواقع الحالي من تضخم وزيادة في الأسعار، ووفق قواعد تختلف حسب ظروف الأماكن المستأجرة، مستدلا بالقول إن الشقة التي تبلغ مساحتها 120 مترا مربعا في منطقة المهندسين بالجيزة وهي منطقة راقية تختلف زيادة القيمة الإيجارية المقررة لها عن مثيلتها الموجودة في منطقة شعبية بالقاهرة.
وأوضح: كما يجب أن يكون نطاق تطبيق الزيادات القانونية المقررة مدة زمنية لا تتجاوز 3 سنوات، وقبل نهايتها بستة أشهر يعاد مراجعة تلك القيمة وفقا لمستجدات الواقع الاقتصادي.
وأضاف: لمواجهة ثقافة الخوف التي تنتاب الملاك وتجعلهم يخشون مماطلة المستأجر بشكل أو آخر في إخلاء الوحدة السكنية بعد انتهاء مدة عقد الإيجار، يجب أن يتضمن التشريع في جانب منه ضوابط من شأنها تنفيذ بنود التعاقد طالما كان موثقا، ودفع المالك الضريبة المقررة على مبالغ الإيجار التي استحقها من المستأجر، بمجرد تقدمه للنيابة العامة المختصة بطلب إصدار أمر بإخلاء الوحدة فورا وتسليمها له.
كان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد طالب في أكتوبر عام 2023، بضرورة وجود قانون لمعالجة مشكلة العقارات المطبق عليها قانون الإيجار القديم.
وأقر مجلس النواب تعديلاً على القانون عام 2022 يطبق على الأشخاص الاعتباريين الذين يقومون باستئجار العقارات القديمة لأغرض تجارية، حيث سمح بزيادة الإيجارات بنسبة 15% سنوياً لمدة 5 سنوات على أن تنتقل بعدها الوحدة إلى المالك بقوة القانون.
وصدر أول قانون لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر في مصر عام 1920 وقضى بعدم جواز إخراج المالك للمستأجر إلا بحكم محكمة.
وفي عام 1941، صدر قانون يمنع المالك من رفع قيمة الإيجار أو طرد المستأجر، لظروف الحرب آنذاك، وبعد ثورة العام 1952 صدرت العديد من القوانين التي تلزم المالك بخفض قيمة الإيجار.
وفي العام 1981 صدر قانون جديد ينظم العلاقة بين الطرفين، حيث حدد قيمة الإيجار بـ7% من قيمة الأرض وزيادة الإيجار للعقارات غير السكنية بقيمة تتراوح من 5% و30% وفقاً لتاريخ نشأتها، وهو القانون الذي طاله أخيرا حكم الدستورية العليا.