أثار الشيخ الصوفي صلاح الدين التيجاني، جدلًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، بعد اتهام فتاة تعمل مهندسة معمارية وتقيم حاليًا في روسيا بالتحرش بها، الأمر الذى أدى إلى إصدار الطريقة التجانية بيانات رسمية أكدت فيها أن صلاح الدين محمود أبو طالب الشهير بـ “صلاح الدين التيجاني” زعم لنفسه مكانة رفيعة في الطريقة التيجانية ما أثار حفيظة الطريقة، مشددة على أنه يروج نفسه شيخا للطريقة رغم أنه لا يحمل أي صفة رسمية أو دينية في هذا السياق".
ما هى الطريقة التجانية فى مصر؟
ظهرت الطريقة التجانية بالقاهرة عام 1845 م عقب وفاة شيخها المؤسس أبي العباس أحمد التيجاني «الجزائري المولد والمغربي الوفاة» بـ 30 عامًا، وكانت مصر غير مؤهلة لأي طريقة صوفية جديدة، لأن لم تقع الطريقة التجانية بمصر في الخطأ التاريخي الذي وقعت فيه غالبية الطرق الصوفية بمصر قبل عصر محمد علي باشا، وهو الاقتراب من الحاكم أو كسب شعبية اجتماعية، فالشيخ المراكشي قاسم الشارجي كان مهتمًا بالتربية والسلوك نائيًا بنفسه عن أي حراك سياسي.
وبدأ العد التنازلي لحياة محمد علي باشا واستعدت المحروسة في دخول مرحلة الحداثة بسبب عباس حلمي الأول، وقبل رحيل محمد علي باشا بعام واحد ترسخت قدم التجانية في مصر عبر زاوية الجودرية في الدرب الأحمر.
من هو الشيخ محمد الحافظ التجاني شيخ الطريقة؟
وظلت الدرب الأحمر هي مركز التجانية حتى 1933، حيث تولى الشيخ محمد الحافظ التجاني مشيخة الطريقة وأسس لها الزاوية الأم في المغربلين عام 1938 م وبمرور السنوات ذاع صيت الطريقة التجانية خارج العاصمة فذهبت إلى الصعيد والدلتا، ومحافظة المنوفية وفي عام 1919 م كان الشاب محمد الحافظ التجاني أخذ عهد الطريقة من الشيخ أحمد السباعي التجاني في قرية كفر قورص التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية.
نسب الطريقة التجانية
ولد الشيخ محمد الحافظ عبداللطيف سالم التجاني عام 1897 م لأسرة ينتهي نسبها إلى الحسين بن علي من جهة الأب، أما من جهة الأم فالنسب ينتهي لجد الفاروق عمر بن الخطاب الخامس.
بدأ الشيخ محمد الحافظ التجاني شق طريق العلم بحفظ القرآن الكريم داخل كُتّاب قريته، ومنه إلى التعليم الأزهري حتى نال الشهادة العالمية وتخصص في علم الحديث الذي قال فيه «من منن الحق تبارك وتعالى عليّ أن علق قلبي بكتب السنة المطهرة والبحث عنها والتفتيش عليها».
وكان للإمام محمد الحافظ التجاني شيوخ كُثُر في الأزهر، فأخذ أحكام التلاوة من الشيخ عبدالله حمادة والشيخ سليمان البنا، واللغة من المشايخ يوسف الكومي ومحمد المهدي وإسماعيل الإسلامبولي، وأخذ الفقه المالكي من الشيخ عبدالمنعم قاسم، وتفسير القرآن من الشيخ يوسف الدجوي.
الدين والوطن كانا ثنائية متميزة في مسيرة الشيخ محمد الحافظ التجاني، فهو من محافظة المنوفية التي خرجت أشهر علماء الأزهر وتولوا منصب الإمام الأكبر، كذلك هي المحافظة التي شهدت أبشع مجازر الإنجليز في دنشواي، أما مركز أشمون الذي ولد فيه الشيخ محمد الحافظ التجاني قد وُلِد فيه عالم النحو الأشهر في العصر المملوكي حسن الأشموني
اسهامات الشيخ محمد الحافظ التجاني الدينية
وما بين أخذ العهد وتولى المشيخة كان للإمام محمد الحافظ التجاني عدة مساهمات دينية. قبل دخول الشيخ محمد الحافظ التجاني للسجن كان قد سلك التصوف من 3 طرق هي الخلوتية والنقشبندية والشاذلية، وعقب خروجه وفي أغسطس من عام 1919 م أخذ عهد الطريقة التجانية وبعد ذلك بـ 15 سنة وبالتحديد في عام 1933 م صار شيخًا للطريقة بمصر؛ وما بين أخذ العهد وتولى المشيخة كان للإمام محمد الحافظ التجاني عدة مساهمات دينية.
كانت الجهود الدينية للشيخ محمد الحافظ التجاني بحكم أنه عالم حديث ضرورية بحكم ظروف فكرية شديدة التعقيد؛ خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي في مصر
اصطدام التيجانى بالإخوان المسلمين
وكان الشيخ محمد الحافظ التجاني أحد مشجعيهم لدرجة جعلت حسن البنا يمدح فيه حين زار محمد الحافظ محافظة الإسماعيلية لمجابهة رموز مفكري البهائية هناك، وتوثقت علاقة محمد الحافظ التجاني بالإخوان لدرجة الزواج إذ أنه تزوج زينب الغزالي عام 1942 م، واصطدم الشيخ التجاني بالبنا بعد اتجاه الجماعة للسياسة فانقطعت كل الصلات، أما زينب الغزالي فلم يدم زواج التجاني بها أكثر من عامين إذ طلقها بعدما حاولت تحويل الزاوية التجانية في المغربلين إلى فرع لأخوات الجماعة ولم ينجب منها.
حاول كثيرون إلصاق تهمة العملية الإرهابية في كلية الفنية العسكرية 1974 م بتاريخ الزاوية التجانية في المغربلين، لسببين أولهما أن صلة الشيخ محمد الحافظ التجاني بزينب الغزالي لم تنقطع حيث زارها بعد خروجها من السجن، وثانيهما لأن صالح سرية قائد العملية تقابل مع زينب الغزالي في الزاوية.
الرد على تلك الشبهة تاريخيًا يتم بالرجوع إلى محاضر تحقيق نيابة أمن الدولة في 30 إبريل 1974 م التي تمت مع زينب الغزالي حيث قالت أن صالح سرية ذهب إلى الزاوية التجانية سنة 1971 م بصفته باحث في علم الحديث وكان طبيعيًا أن يتعلم على يد محمد الحافظ التجاني باعتباره أشهر علماء الحديث في مصر وقتها.