تساؤلات عديدة مازالت تثير حيرة المواطنين بشأن مصير مخالفات البناء التى لن تحصل على التصالح بعد تاريخ 30 سبتمبر، وهو الموعد الذي حدده رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولى، بعدم قبول أوراق للتصالح مرة أخرى.
ووفقًا للإحصائيات الرسمية الصادرة من مجلس الوزراء، فإن عدد المتقدمين للتصالح وصل إلى 600 ألف طلب تصالح من بين 3 ملايين مخالفة في البناء، والـ600 ألف أقل من 50% من إجمالي المخالفات.
وتبحث لجنة التنمية المحلية والإسكان بمجلس النواب عددًا من السيناريوهات المختلفة للموقف بعد 30 سبتمبر، ومصير من لم يقدم طلبًا للتصالح، كما تسعى الحكومة لوضع عدد من التسهيلات لتشجيع المواطنين على التصالح قبل 30 سبتمبر.
البداية بتأكيد المستشار نادر سعد، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، والذي قال إنه لا يوجد مد مطلقا للتصالح حول مخالفات البناء بعد 30 سبتمبر، وأن ذلك يعتبر آخر موعد لإنهاء التصالح في مخالفات البناء، وأن القانون سيطبق بصرف النظر عن عدد المخالفين الذين لم يقدموا طلبات التصالح، وأن أي مخالفة في قانون البناء ستتم إزالتها على الفور الآن، والقانون سيطبق على الجميع مهما كانت نسبة المخالفين.
وعن المصير بعد 30 سبتمبر، أكد أنه سيتم قطع الخدمات عن الوحدات المخالفة أو إزالتها، حال عدم التصالح: "هذا الملف لا يحتمل المد كونه قضية تهدد الأمن القومي وتنفيذ القانون بها لا يمثل أي مبالغة"، مشيرا إلى أن غرامات النيابة العسكرية مختلفة عن غرامات التصالح، غرامات النيابة العسكرية ضد من خالفوا قرار رئيس الجمهورية بوقف البناء.
وقال إن المالك الأصلي يجب عليه التصالح وأنه حال امتناعه عن التصالح يجب على من قاموا بشراء الشقق بالتصالح، والشخص المعني والمطالب بالتقدم لطلب تصالح على مخالفات البناء هو صاحب العقار، لكن في حالة هروبه أو عدم وجوده أو رفضة التصالح، أتاح القانون أن يقوم سكان العمارة سواء بشكل جماعي أو بشكل فردي، التقدم بطلب للتصالح ولو السكان مختلفين مع بعض في موضوع التصالح، روح قدم أنت، محدش ليه دعوة بجاره، أو باقي السكان، الدولة كفيلة أنها تتعامل مع من لم يتقدم.
وتابع: «الناس اللي تقدموا بالتصالح، ضمنوا مركزا قانونيا يحميهم من تطبيق الإزالة، أو أي عقوبات، لحين بدء التصالح، والمصالحة لن تُعفي صاحب العقار المخالف من العقوبة الجنائية، حتى إن تصالح سكان عقاره مع الدولة، ومش معنى السكان اللي في العقار بتاعه تصالحوا يبقى كده في مأمن وتظل العقوبة الجنائية تلاحقه، لأنه لم يتقدم للتصالح، كونه المّعني أصلا في التقدم بطلب التصالح، وهو أصلا الذي ارتكب المخالفة».
ونظرا لقلة الإقبال على التصالح حتى الآن تركت وزارة التنمية المحلية الحرية الكاملة للمحافظين في طرح مبادرات لتشجيع المواطنين على التصالح وفي هذا الإطار، قدمت عدد من المحافظات مبادرات وتسهيلات على المواطنين المخالفين فى البناء على الأراضى لتقنين أوضاعهم كما ناشدتهم بسرعة تقديم أوراق طلبات التصالح، كما وعدتهم بتقليل أسعار المخالفات فى المتر، وأعلن اللواء محمد الزملوط، محافظ الوادى الجديد، إطلاق مبادرة لتخفيض أسعار رسوم تقنين الأوضاع لصغار المتعدين على أراضى الدولة، فى إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية بتخفيف العبء عن المزارعين.
وتشمل المبادرة تخفيض نسبة 50 ٪ للمتعدين على مساحات أقل من 5 أفدنة، وتخفيض نسبة 40٪ للمساحات من 5:7 أفدنة، و30 ٪ للمساحات من 7:10 أفدنة بشرط سداد المبلغ كاملاَ، وتستمر المبادرة حتى 15 أكتوبر القادم.
وقامت محافظة المنيا بتخفيض 50% من قيمة التسعيرة التى تم تقديرها فى السابق للبنايات المخالفة، الأمر الذى شجع المواطنين على الإقبال على التصالح، نفس الأمر داخل محافظة القليوبية التى أعادت وضع تسعيرة جديدة لقيمة المتر بالقرى والنجوع كما قام محافظ الدقهلية، بمبادرة بتخفيض 20% من غرامة التصالح فى مخالفات البناء.
وفى هذا الإطار، قال النائب محمد الحصى، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، إنه بعد انتهاء المدة الزمنية لتطبيق القانون رقم 1 لسنة 2020 والمعدل لأحكام القانون رقم 17 لسنة 2019 بشأن التصالح فى بعض مخالفات البناء وتقنين الأوضاع فى 30 سبتمبر المقبل، سيتم التعامل مع مخالفات البناء وفقا للقانون رقم 119 لسنة 2008 الخاص بالبناء الموحد، خاصة وأن الجميع يعلم أن قانون التصالح مؤقت، ويطبق لفترة زمنية محددة لحل أزمة ظلت عالقة لسنوات ومن ثم لن يكون هناك قانون للتصالح فى المخالفات حتى لا تكون هناك ذريعة للمخالفة فيما بعد بحجة أن قانون التصالح قائم، ولهذا حرص المشرع على أن تكون فترة تطبيق القانون على أرض الواقع مؤقتة.
وأوضح وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن مخالفات البناء بعد انتهاء فترة تطبيق القانون ستخضع لأحكام قانون البناء الموحد، وفيما يخص التعديات على الأراضى الزراعية ستخضع للقوانين المنظمة لقطاع الزراعة، ووفقا لنصوص قانون البناء الموحد إزالة المخالفات وهذا يعنى أن المواطنين فى حال عدم التصالح فى المخالفات فى الفترة الزمنية المنصوص عليها فى القانون رقم 1 لسنة 2020 ستكون الوحدة المخالفة معرضة للإزالة حتى ولو كانت تنطبق عليها اشتراطات التصالح المنصوص عليها.
وفى ذات الصدد، قال النائب محمد إسماعيل، أمين سر لجنة الإسكان بمجلس النواب، إن هناك عددا من السيناريوهات بعد انتهاء مدة تطبيق القانون المقرر لها فى 30 سبتمبر المقبل، السيناريو الأول، جاء فى القانون فى المادة التى تنص على أن "يقدم طلب التصالح وتقنين الأوضاع خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية لهذه التعديلات إلى الجهة الإدارية المختصة بتطبيق أحكام قانون البناء المشار إليه، وذلك بعد سداد رسم فحص يدفع نقدًا بما لا يجاوز خمسة آلاف جنيه، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون فئات هذا الرسم، ووفقا لنص المادة أيضا "يجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء مد هذه المدة لـ 6 أشهر أخرى لمرة واحدة، يتعين على الجهة الإدارية المختصة إنشاء سجلات خاصة تقيد فيه طلبات التصالح والإجراءات والقرارات التى تتخذ فى شأنها ويجب إعطاء مقدم الطلب شهادة تفيد تقدمه بالطلب مثبتًا بها رقمه وتاريخ قيده والمستندات المرفقة به".
وتابع: "من هذا المنطلق يجوز لرئيس مجلس الوزراء وفقا للسلطة المخولة له أن يمد العمل بالقانون لفترة أخرى"، مشيرا إلى أن التشريع به العديد من المحفزات التي تتطلب سرعة المبادرة من قبل المواطنين لتقنين أوضاعهم قبل انتهاء المدة المنصوص عليها فى 30 سبتمبر المقبل.
ومن جانبه لفت النائب عادل بدوى، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، إلى أن الإزالة بعد التدرج فى قطع المرافق ستكون هي العقوبة التي تنتظر الوحدات المخالفة بعد انتهاء مدة تطبيق القانون على أرض الواقع، خاصة وأنه بعد انتهاء الفترة الزمنية سيتم العودة للقانون رقم 119 لسنة 2008 بشأن البناء الموحد الذي يقضي بإزالة الوحدة المخالفة ولا يوجد به تصالح نهائى.
وفى هذا الإطار، قال النائب إسماعيل نصر الدين، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، إن هناك عددًا من السيناريوهات المتوقعة من أجل التعامل مع مخالفات البناء بعد 30 سبتمبر وهى الفترة التى ينتهى فيها تطبيق القانون رقم 17 لسنة 2019 بشأن التصالح فى بعض مخالفات البناء والمعدل بالقانون رقم 1 لسنة 2020، خاصة وأن التشريع مؤقت وليس بشكل دائم حتى لا يكون ذريعة بما بعد للمواطنين بالمخالفة بحجة أن هناك تشريعا قائما بشأن التصالح، ولكنه جاء ليقضى على أزمة ظلت عالقة لسنوات طويلة ومن ثم يهدف للحفاظ على الثروة العقارية والبنية التحتية وشبكة الخدمات والمرافق مرة أخرى.
وأوضح عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، أنه من ضمن السيناريوهات المتوقع تطبيقها عقب انتهاء العمل بقانون التصالح فى بعض مخالفات البناء وتقنين الأوضاع، أن الأدوار المخالفة التى تخضع لأحكام القانون رقم 1 لسنة 2020 ولم يتم تقديم طلب بشأن التصالح عليه قبل الفترة المنصوص عليها وهى 30 سبتمبر ستتم إزالته، وفيما يخص المخالفات التى لم يتم التصالح عليها أيضًا وتتمتع بالمرافق والخدمات سيتم قطع المرافق تدريجيا عنها، وسيتم تطبيق قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008، وهذا يعني أن الحبس والغرامة ستكون مصير المخالفين الذين لم يتقدموا بطلبات لتقنين أوضاعهم وفقًا لأحكام القانون.
وقال النائب معتز محمود، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، إنه من ضمن العقوبات التى سيتم تطبيقها قطع المرافق تدريجيا عن الوحدات المخالفة هي مصادرة الوحدة لصالح الدولة وذلك في حال العودة للمخالفة مرة أخرى، وإذا لزم الأمر تعديل تشريعى لمصادرة الوحدة سيتم ذلك.
وكشف مصادر برلمانية عن وجود أزمة حقيقية تواجة الدولة وتحديدة وزارة الإسكان، حيث كشفت التقارير الحكومية عن وجود مخالفات كبرى في المدن الجديدة، وأن الرئيس عبد الفتاح السيسي طالب بتطبيق الإزالات على الجميع، وفي هذا الشأن طالب وزير الإسكان رؤساء المدن بضرورة حصر المخالفات المدن الجديدة، وإجبار المخالفين على تقديم التصالح حتى لا تتم الإزالة الفورية لهم، وأشار إلى أن هناك حصرا لجميع المخالفات فى المدن، ورؤساء المدن يقومون بعمل حصر لها، وهناك البعض يقوم ببناء دور مخالف.
وأوضح أن هناك لجنة مشكلة من وزارة الاسكان للنظر فى جميع الطلبات المقدمة للتصالح فى مخالفات البناء.
وتوقعت المصادر، مد فترة التصالح لما بعد 30 سبتمبر المقبل، ولمدة شهر على الأقل في ظل عدم الإقبال المتزايد على التصالح، حيث إن الدولة تسعى لتحصيل أكبر عائد مادى من التصالح لدعم خزينة الدولة، وأن الدولة تدرك جيدا أن الهدم للوحدات السكنية ليس الحل الأمثل.
أعرب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عن استيائه من ظاهرة البناء العشوائي وغير المخطط، وما تسببت فيه من خسائر كبيرة.
وقال «مدبولي»، في مؤتمر صحفي عقده حول مخالفات البناء، ظاهرة البناء العشوائي وغير المخطط في مصر، بدأت منذ عقد السبعينيات من القرن الماضي، واستمرت حتى الآن.
وأوضح أنه بناء على توجيهات الرئيس السيسى فقد تم بتحديد 50 جنيها سعر متر التصالح بالريف.. وخصم 25% من المبلغ حال السداد الكامل وذلك للتيسير على المواطنين .
وأضاف أن هذا البناء غير المخطط يمثل 50% من الكتلة العمرانية لكل المدن والقرى المصرية، موضحًا أن هذا النمو العشوائي مثل أكثر من 70% من حجم البناء خلال الفترة من الثمانينيات وحتى عام 2015.
وأشار إلى أن ظاهرة البناء المخالف، أصبحت تمثل ضغطًا كبيرًا جدًا عى الدولة، منوهًا إلى أن حجم الأراضي الزراعية التي تم البناء عليها وتم فقدانها خلال الفترة من الثمانينيات وحتى الآن بلغ 400 ألف فدان.
وأضاف أن حجم الأراضي الزراعية التي تم البناء عليها بشكل مخالف خلال الفترة من 2011 وحتى الآن فقط، بلغ نحو 90 ألف فدان.
ولفت إلى إن البناء العشوائي وغير المخطط انتشر في المدن خلال الفترة الماضية بشكل أكبر من القرى، موضحًا أنه انتشر بشكل كبير في أطراف المدن وعلى الطرق والمحاور الجديدة، وهو أمر أكثر تعقيدًا.
وأوضح أنه حتى في الأحياء القديمة بالمدن، تم هدم المباني القديمة وإقامة مباني أخرى جديدة بأدوار أعلى، وهو ما مثل ضغطًا كبيرًا على المرافق والخدمات.
وقال رئيس مجلس الوزراء، إنه في ظل البناء غير المخطط والعشوائي بهذه الصورة الكبيرة، كان لابد من وقفة حاسمة.
وأوضح أنه في ظل ما تشهده مصر من حجم إنجاز وعمران هائل لبناء دولة حقيقية نفخر بها، من المستحيل السماح مرة أخرى باستمرار هذا الوضع، مشيرًا إلى إنشاء جيل جديد من المدن الجديدة، يستوعب ملايين السكان، يمكن اللجوء إليها مع الزيادة السكانية.
وأضاف أن القضاء على ظاهر البناء المخالف لم يكن مبادرة حكومية من الدولة فقط، بل كان مطلبًا شعبيًا، منوهًا إلى أن المواطن نفسه كان يسعى للتصالح؛ لوضع حد لنزيف مخالفات البناء، وتقنين الأوضاع، حتى لا يُسمح بهذا الأمر مرة أخرى بأي صورة من الصور.
وأوضح أنه نتيجة لكل ذلك تم إصدار قانون التصالح على مخالفات البناء عام 2019، ثم تعديله عام 2020.
ولفت إلى أن قانون التصالح على مخالفات البناء، ليس إجراء عقابي، بل يخدم المواطنين الذين استثمروا أموالهم في إنشاء عقارات، مضيفًا أن المواطن سيستطيع من خلاله التعامل بطريقة سليمة وفي النور في البيع والشراء.
وأضاف أنه سيترتب على التصالح تحويل المبنى إلى مبنى رسمي، له الحق في إدخال كل أنواع المرافق من مياه وصرف وكهرباء بطريقة سليمة وغير ملتوية.
وناشد المواطنين الإسراع في التقدم بطلبات التصالح على مخالفات البناء قبل الموعد المحدد، وهو 30 سبتمبر الجاري.
وقال إن هذا الأمر سيساهم في وقف نزيف البناء المخالف، وسيصب بالنهاية في مصلحة المواطنين، مشيرًا إلى زيادة حجم الإقبال على تقديم طلبات التصالح.
وأوضح أن المبالغ التي تم تحديدها للتصالح لم يتم وضعها بشكل جزافي، مشيرًا إلى مراعاة البعد الاجتماعي بها.
وأشار إلى أن المالك الأصلي للمبنى أو العقار هو المسؤول عن المخالفات وليس الشاغل، موضحًا أن قانون التصالح يخاطب صاحب الأرض أو الرخصة المتسبب في المخالفة وليس الشاغل، على حد قوله.
ونوه إلى أنه في بعض المدن الكبرى أصبح صاحب العقار أو المبنى غير موجود أو غير معروف، موضحًا أنه في هذه الحالة يجب أن يقوم الشاغل منفردًا أو مجتمعًا مع باقي السكان بتقديم طلب لتقنين أوضاعهم؛ باعتبارها فرصة ذهبية لتعظيم قيمة الشقق التي يقيمون بها.
ونفى ما يردده البعض حول أن الدولة تقوم بهدم مباني مأهولة بالسكان، قائلًا: «إحنا مبندخلش نهدم مباني مشغولة بسكان، وما تم هدمه كانت مباني خالية، وتعديات صارخة؛ من أجل وقف نزيف هذه الظاهرة غير المحمودة التي تعاني منها مصر».
وأضاف «حان الوقف لإيقاف هذه الظاهرة، وجعل النمو مخطط وصحي وسليم؛ لنضمن بشكل مدن وعمراني يضاهي ما نراه في كل الدول المتقدمة».
وفي نهاية المؤتمر، حذر رئيس الوزراء، من أي محاولات جديدة للبناء غير القانوني، قائلًا: «الدولة ستواجه بمنتهى الحسم أي محاولات جديدة للبناء العشوائي أو غير القانوني على أراضي زراعية أو على أراضي الدولة».