استحدثت مصر في تشكيل الحكومة الجديدة وزارة للاستثمار بهدف تشجيع الفرص الاستثمارية وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، بعد أن تجاوزت البلاد مشكلة تعدد أسعار الصرف التي دفعت شركات أجنبية لتقليص أنشطتها في مصر خلال العامين الماضيين.
وشهدت السنوات الأخيرة اتجاه بعض الشركات الأجنبية والمحلية لتقليص استثماراتها في مصر أو التوقف عن ضخ استثمارات جديدة، بسبب تعدد أسعار الصرف التي شكلت عقبة أمام الشركات الأجنبية في تحويل أرباحها إلى الخارج.
وقامت مصر بإجراء مجموعة من الإصلاحات الهيكلية خلال الفترة الأخيرة، بما في ذلك قرار تحرير سعر الصرف، وذلك بدعم من صفقة رأس الحكمة الموقعة مع الشركة القابضة الإماراتية بقيمة 35 مليار دولار، وفقاً لمدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية بلال شعيب.
أضاف شعيب أن الفترة السابقة لتحرير سعر الصرف شهدت تعدد أسعار الدولار، مما قوض جاذبية الاستثمار في الدولة. ولكن الآن، هناك سعر واحد للدولار يتداول وفق آليات العرض والطلب، وهذا سيسهم في تعزيز ثقة الشركات الأجنبية والمحلية في الاقتصاد خلال الفترة المقبلة، وزيادة حجم استثماراتها في السوق، خاصة مع التزام الحكومة بتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تستهدف زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد.
ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تحسنا ملحوظا لمناخ الأعمال والاستثمار بالدولة.
خلال العام الماضي ومطلع هذا العام، اتجهت شركات أجنبية عدة إلى تقليص نشاطها في السوق المصرية. ففي قطاع الطاقة، برز اسم شركة إيني الإيطالية، وفي قطاع العقارات، برز اسم شركة الدار الإماراتية التي أعلنت توقفها عن ضخ استثمارات جديدة نظرًا لتقلبات أسعار الصرف، لكنها أكدت استمرارها كمستثمر طويل الأجل من خلال حصتها في شركة سوديك البالغة 85%.
وفي قطاع التجزئة، أعلنت مجموعة الشايع الكويتية إغلاق متاجر علامتها التجارية "دبنهامز" في مصر بسبب عدم استقرار سعر الدولار، مؤكدة التزامها بتوسيع استثماراتها في مصر حال استقرار الأوضاع الاقتصادية.
عودة الأجانب
في أعقاب قرار التعويم، أعلنت شركة الدار العقارية عن نيتها التوسع في عدة أسواق منها مصر، حيث يصل حجم أعمالها في مصر إلى قرابة 3.5 مليار درهم. كما اضطرت شركة تبريد الإماراتية إلى إلغاء تعاقدها مع شركة المصريين لخدمات الرعاية الصحية بسبب انخفاض قيمة الجنيه، لكنها تجري مفاوضات للتوسع في السوق المصرية مع استقرار أسعار الصرف.
وأعلنت شركة إيني عزمها ضخ استثمارات جديدة بـ160 مليون دولار في مصر خلال النصف الثاني من العام المقبل.
وأشار الخبراء إلى أن السوق المصرية مؤهلة لجذب المزيد من الاستثمار المباشر بفضل وفرة الأيدي العاملة الرخيصة والموقع الجغرافي المتميز وتعدد الفرص الاستثمارية الواعدة.
أكد الخبير الاقتصادي محمد عبد الرحيم أن صفقة رأس الحكمة ساهمت في خروج مصر من الأزمة الاقتصادية التي دامت لأكثر من عامين، وأن تحسن مؤشرات الاقتصاد في أعقاب هذه الصفقة والاتفاق الأخير مع صندوق النقد الدولي وتحرير سعر الصرف سيدفع باتجاه تعزيز ثقة المستثمرين في السوق المصرية وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، لاسيما مع تحسن نظرة مؤسسات التصنيف الائتماني لمصر.
أضاف أن تحسن مؤشرات الاقتصاد المصري بعد صفقة رأس الحكمة والاتفاق مع صندوق النقد الدولي وتحرير سعر الصرف، سيعزز ثقة المستثمرين في السوق المصرية وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، خاصة مع تحسن نظرة مؤسسات التصنيف الائتماني لمصر.
تراجعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر في العام الماضي إلى 9.84 مليار دولار، مقارنة بنحو 11.40 مليار دولار في العام 2022، حيث كانت مصر في المركز الأول أفريقيًا من حيث إجمالي التدفقات. ومن المتوقع أن تستعيد مصر هذا المركز خلال العام الجاري مع إتمام أكبر صفقة استثمار في تاريخها (صفقة رأس الحكمة).
يتوقع بنك غولدمان ساكس أن تتجاوز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر هذا العام 33 مليار دولار، كما تتوقع وكالة التصنيف الائتماني فيتش أن تسجل مصر قفزة في حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي خلال العام الحالي بفضل قرار التعويم وصفقة رأس الحكمة التي تضمنت استثمارات مباشرة بـ24 مليار دولار.