منذ أن بدأت الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، كان ملف الدعم وخاصة مخصصات دعم الوقود يتصدر الملفات الشائكة التي تحاول التعامل دون المساس بمحدودي الدخل.
وفيما كان من المقرر أن تتخلص الحكومة بشكل كامل من دعم الوقود خلال 3 سنوات فقط حينما أعلنت حزمة من القرارات في أول نوفمبر من عام 2016، لكن الأزمات التي كانت تحاصر اقتصاد العالم والأوضاع الداخلية في مصر، حالت دون تحقيق هذا الهدف، ما دفعها إلى إعادة هيكلة المنظومة ورفع أسعار الوقود بشكل تدريجي.
وفي أبريل الماضي، قدّر صندوق النقد الدولي الخفض المطلوب بخصوص دعم الوقود في مصر من 331 مليار جنيه مصري (6.8 مليار دولار) خلال العام المالي 2023-2024 إلى نحو 245 مليار جنيه (5.1 مليار دولار) خلال العام المالي 2024-2025.
وتسعى مصر إلى إصلاح ماليتها العامة، بما في ذلك خفض مستويات عجز الموازنة، بهدف تحقيق الاستدامة المالية، وتعمل مع صندوق النقد الدولي على تحقيق حزمة إصلاحات.
ومن بين تلك الإصلاحات التي يجري العمل عليها بإصلاح عجز الموازنة، خفض مستويات دعم الوقود، وتحميل المستهلكين جزءا من فاتورة الدعم.
الدعم يتصدر الملفات الشائكة أمام الحكومة
وفي مؤتمر صحفي، قال رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، إن حجم استهلاك المصريين من كافة أنواع الوقود وصل إلى مستويات غير طبيعية خلال الأسبوع الحالي، خلال ذروة الموجة الحارة، مشيرا إلى أن حجم الاستهلاك من الكهرباء تخطى 38.5 غيغاوات.
وأضاف: "هو معدل استهلاك تاريخي لم نكن نتوقعه أو نتخيله". وأوضح عقب اجتماع الحكومة، أن أنه سيتم رفع أسعار بعض المنتجات البترولية، بزيادات متدرجة، حتى نهاية ديسمبر من العام المقبل 2025، حتى لا يتضرر المواطن دفعة واحدة.
وفي تصريحات حديثة، قال المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، المستشار محمد الحمصاني، إن هناك أهمية قصوى لتوفير الموارد اللازمة لحل أزمة الكهرباء، وعدم تطبيق خطة تخفيف الأحمال مجدداً عقب انتهاء المدة المحددة بحلول سبتمبر المقبل.
أوضح أن الدولة تدعم المواد البترولية والسلع بشكل كبير، حيث خصصت نحو 636 مليار جنيه لدعم تلك الخدمات للمواطنين. وتابع: "لا بد من زيادة أسعار بعض الخدمات في المنتجات البترولية بشكل تدريجي، ورئيس الوزراء أكد أن هناك خطة لرفع أسعار هذه المنتجات تدريجياً حتى نهاية العام المقبل 2025".
البيانات الرسمية تشير إلى أن مخصصات دعم الوقود في مصر للعام المالي الحالي 2023-2024 تتضمن نحو 119.4 مليار جنيه، فيما وصل دعم الوقود فقط إلى 58 مليار جنيه خلال العام المالي 2022-2023، في حساب الموازنة الختامي المبدئي، بزيادة بلغت نحو 28 مليار جنيه عن المستهدف.
بينما وصلت مخصصات دعم أسعار البنزين والسولار وبقية المواد البترولية الأخرى إلى نحو 119 مليارا و419 مليون جنيه، بالموازنة العامة الحالية التي بدأ تطبيقها أول يوليو الماضي، بزيادة وصلت إلى نحو 61 مليارا و325 مليون جنيه.
ويستهلك المصريون نحو 18 مليار لتر سولار سنويًا، وفي الوقت الحالي فإن كل لتر سولار يستهلكه المواطن تدعمه الدولة بنحو 5 جنيهات، وهو ما يعني أن قيمة دعم السولار تساوي 90 مليار جنيه.
تقديرات مرتفعة لدعم الوقود
وكان تقرير صندوق النقد الدولي عن المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج التسهيل الائتماني الممدد مع مصر، قد كشف عن تقديرات مرتفعة لدعم الوقود خلال العامين المالي الحالي والمقبل، تزيد عن ضعف تقديرات الحكومة. وتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع فاتورة دعم الوقود في مصر إلى 254 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي مقابل 125.4 مليار جنيه توقعات الحكومة.
وقدر الصندوق أن يصل دعم الوقود إلى 334 مليار جنيه العام المالي المقبل وهو ما يعادل 216% من تقديرات الحكومة البالغة 154.5 مليار جنيه في مشروع الموازنة الحالية. وبلغت تقديراته للعام المالي 2025-2026 نحو 248 مليار جنيه، و245 مليار جنيه في العام المالي 2026-2027، و239 مليار جنيه في العام المالي 2027-2028 على أن تصل إلى 135 مليار جنيه في العام المالي 2028-2029.
وفي تصريحات سابقة، قال وزير المالية السابق، الدكتور محمد معيط، إن دعم الوقود كان سيرتفع إلى 220 مليار جنيه لولا خفض الأسعار الذى جعله يستقر حول 154.5 مليار جنيه.
وحول الفارق الكبير في التقديرات بين الصندوق والحكومة، قال إن أرقام الوزارة انعكست على تقديرات الموازنة، وذكر أن الدولار مُسعر عند 45 جنيهًا لجميع بنود الموازنة باستثناء قطاع الكهرباء مُسعر عند 50 جنيهًا.