بصمة تاريخية.. كيف يؤثر إطلاق أول بنك رقمي في البلاد على النظام المصرفي؟


السبت 11 مايو 2024 | 03:27 مساءً
البنوك الرقمية
البنوك الرقمية
محمود عبد الرحمن

مساء الخميس الماضي، وُضعت بصمة تاريخية في النظام المصرفي المصري، وذلك بعدما منح البنك المركزي المصري موافقة مبدئية لشركة مصر للابتكار الرقمي لإطلاق أول بنك رقمي في البلاد، يحمل مسمى "وان بنك"، الأمر الذي ينطلق بمصر نحو مستقبل مصرفي رقمي ومبتكر.

في هذا التقرير المدعوم بتحليل الخبراء المصرفيون، تكشف الجريدة العقارية، ما هي البنوك الرقمية؟ وما هي المميزات التي تجعلها متفردة مقارنة بغيرها من البنوك التقليدية؟ وكيف ستؤثر هذه الخطوة على النظام المصرفي في مصر؟.

وتعرف البنوك الرقمية، بكونها المؤسسات المالية التي تقدم خدماتها بشكل رئيسي عبر الإنترنت والتطبيقات الرقمية دون الحاجة إلى وجود فروع مادية، إذ تتميز تلك البنوك بتوفير خدمات مصرفية سهلة ومرنة، تشمل فتح الحسابات، وإدارة الأموال، وإجراء عمليات الدفع والتحويلات بكل يسر وأمان عبر الإنترنت.

وتأتي هذه الخطوة في إطار تحول رقمي يشهده القطاع المصرفي المصري، الأمر الذي يعكس استعداد مصر للتكنولوجيا والابتكار في مجال الخدمات المالية، حيث تؤثر هذه الخطوة إيجاباً على النظام المصرفي في العديد من الجوانب منها تحسين تجربة العملاء والتوسع في التمويل الرقمي بجانب تعزيز الابتكار والتنافسية وتعزيز الثقة والشفافية.

وتسعى شركة مصر للابتكار الرقمي، التابعة لبنك مصر، إلى إطلاق وان بنك خلال الربع الأخير من العام الحالي، بعد اكتمال المرحلة الثانية من الفحص النافي للجهالة والحصول على رخصة التشغيل.

وتمثل هذه الخطوة تمثل جديدة ومثيرة في القطاع المصرفي المصري، حيث يُتوقع أن يقدم وان بنك مجموعة من الخدمات المصرفية الحديثة والمبتكرة للعملاء، وذلك باستخدام أحدث التقنيات الرقمية وتطبيقات الهواتف الذكية.

يقول هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي، إن هذه الخطوة تأتي في إطار استراتيجية البنك المركزي لتعزيز التنافسية والابتكار في القطاع المصرفي، وتعزيز التطور التكنولوجي في الخدمات المالية.

وتعتبر هذه الموافقة نتيجة لإصدار البنك المركزي لقواعد لترخيص وتسجيل البنوك الرقمية، والرقابة عليها، والإشراف عليها في يوليو 2023.

تعزيز الاقتصاد الرقمي في مصر

وأضاف أبو الفتوح، أن هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الرقمي في مصر وتوفير بيئة مناسبة للتطور الاقتصادي والمالي، خاصة مع النمو السريع للتكنولوجيا واعتماد المستهلكين على الأجهزة الذكية والإنترنت لتلبية احتياجاتهم المالية.

وتابع الخبير المصرفي، أن البنك الرقمي يقوم بتوفير منصات إلكترونية متطورة تسهل على العملاء إجراء معاملاتهم المالية بكل سهولة وأمان، إذ يمكن للعملاء القيام بالعديد من العمليات مثل فتح الحسابات، وتلقي الودائع، وإجراء التحويلات المالية، وطلب القروض، وإدارة الحسابات، والوصول إلى الخدمات المصرفية الأخرى عبر التطبيقات المصرفية عبر الإنترنت أو التطبيقات الهاتفية الذكية.

سلاحًا ذو حدين

وأوضح أبو الفتوح أن إطلاق البنوك الرقمية في مصر يعتبر سلاحًا ذو حدين، حيث تترتب عليها مميزات ومخاطر متزامنة نتيجة اعتمادها على التقنيات المتطورة والتكنولوجيا الحديثة.

وأشار إلى أن البنك الرقمي يتيح تعزيز مرونة النظام المصرفي وتوسيع نطاق انتشاره، وذلك بفضل إمكانية الوصول إلكترونيًا للأفراد في المناطق النائية والمحافظات البعيدة، موضحا أن البنك يُمكن المؤسسات المالية من تقليل التكاليف الإدارية وتشغيل الفروع البنكية التقليدية، مما يؤدي إلى زيادة الكفاءة وتوفير المزيد من الوقت والموارد.

في الوقت نفسه، حذر الخبير من المخاطر المحتملة جراء توسع الخدمات المالية الرقمية في مصر، حيث أشار إلى أن الأمن السيبراني يمثل تحديًا رئيسيًا. يمكن للبنوك الرقمية أن تتعرض للاختراقات السيبرانية والاحتيال الإلكتروني، مما قد يؤدي إلى تسرب المعلومات السرية والأموال.

وأضاف أن التوسع في الخدمات المالية الرقمية قد يزيد الاعتماد على التكنولوجيا، وهو ما يعني زيادة الضغط على الأنظمة الرقمية وتزايد احتمالية حدوث مشاكل تقنية.

وتأتي متطلبات السوق المالية في الوقت الحالي في ظل وجود حاجة متزايدة إلى بنوك رقمية تقدم جميع الخدمات والمعاملات عبر الإنترنت، وتحتاج هذه البنوك إلى تطوير مستمر لتلبية احتياجات العملاء، لذا يسعى "وان بنك" تلبية هذه الاحتياجات من خلال تقديم خدمات متميزة وموثوقة تتناسب مع التوجه نحو الشمول المالي والتحول الرقمي.

في يوليو الماضي، أصدر البنك المركزي المصري قواعد ترخيص وتسجيل البنوك الرقمية وتحديد الشروط المطلوبة للحصول على الترخيص، والذي يعد خطوة حاسمة نحو تطوير القطاع المصرفي وتعزيز التحول الرقمي في مصر.

وتتضمن الشروط التي وضعها البنك المركزي للترخيص بالبنوك الرقمية مساهمة الشركة المالية الرائدة بنسبة لا تقل عن 30% من إجمالي قيمة رأس المال، بالإضافة إلى تحديد الحد الأدنى لرأس المال المصدر والمدفوع، إذ تعكس الشروط التزام البنك المركزي بضمان استقرار وقوة البنوك الرقمية المنشأة، وتعزيز الثقة في النظام المالي المصري.

يرى محمد عبد العال الخبير المصرفي، أن موافقة البنك المركزي على إطلاق وان بنك واحدة من أفضل القرارات في تاريخ القطاع المصرفي في مصر، وذلك لكونها تمثل تحولًا هامًا نحو تقديم خدمات مصرفية متطورة ومرنة تلبي احتياجات العملاء في العصر الرقمي.

وكشف عبد العال، الخبير المصرفي، أهمية خطوة منح أول رخصة لتشغيل بنك رقمي في مصر، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تشكل تقدمًا هامًا في تطور القطاع المصرفي نحو التحول الرقمي، موضحا أن البنوك في مصر بدأت بالاعتماد على العمليات الورقية والتعاملات النقدية، ثم تطورت إلى استخدام تقنيات الإنترنت والحوسبة السحابية لتقديم الخدمات المصرفية عبر الإنترنت.

ومع تزايد الحاجة إلى التكنولوجيا المتقدمة، زادت أهمية البنوك الرقمية التي تعتمد على التقنيات المتطورة مثل الذكاء الاصطناعي وتقنيات التشفير والتحليل الضخم للبيانات. منح رخصة لبنك رقمي يمثل خطوة مهمة نحو تطبيق هذه التقنيات في القطاع المصرفي، مما يعزز الابتكار والتنافسية ويحسن الخدمات المالية المقدمة للعملاء.

يشير عبد العال إلى مزايا البنوك الرقمية للأفراد والشركات، حيث يمكن للعملاء الوصول إلى حساباتهم وإجراء المعاملات بسهولة وفي أي وقت ومن أي مكان عبر الإنترنت. هذه الميزات تجعل الخدمات المصرفية أكثر ملاءمة ومرنة للاحتياجات المتغيرة للعملاء في العصر الرقمي.

وتابع عبد العال، أن البنوك الرقمية غيرت طريقة التعامل مع البنوك. قائلا: "بدلاً من الذهاب إلى البنك والتحدث مع موظفين، أصبح التفاعل يتم من خلال الشاشات التي تعمل باللمس، ويتمتع بسرعة وسهولة عن طريق التوقيع الإلكتروني"، الأمر الذي يوفر تجربة مصرفية مريحة للعملاء. مشيرا إلى أن البنوك الرقمية عادةً ما تكون أقل تكلفة من البنوك التقليدية، مما يسمح لها بتقديم خدمات بتكلفة منخفضة وبجودة أفضل.

ومن مزايا البنوك الرقمية قدرتها على تنفيذ المعاملات بشكل فوري وسريع، وكونها مركزًا للابتكار والتطوير التقني في صناعة الخدمات المصرفية.

وباستخدام تطبيقات وآليات للتشفير المتقدمة، توفر البنوك الرقمية مستوى عالٍ من الأمان والحماية للعملاء أثناء إجراء المعاملات المالية عبر الإنترنت.

وتوقع محمد عبد العال استمرار نمو هذا القطاع وزيادة الطلب عليه في المستقبل، نظرًا للتطور التكنولوجي المستمر وزيادة استخدام الإنترنت والهواتف الذكية. وأكد أن البنوك الرقمية هي البنوك المستقبلية التي ستسهم في تحقيق الشمول المالي وتوفير الخدمات المصرفية العصرية لجميع العملاء، وهذا يعكس تحولًا نحو عالم مصرفي افتراضي يسهم فيه الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات.

ما جانبه كشف الدكتور أحمد شوقي، الخبير المصرفي، طبيعة البنوك الرقمية وكيف يمكن للجمهور التعامل معها واستفادته منها. وأوضح الخبير أن هذه البنوك تقدم الخدمات بشكل غير تقليدي ومبتكر باستخدام التكنولوجيا، حيث يمكن للعملاء الوصول إليها وإدارة حساباتهم وإجراء المعاملات عبر المحافظ الإلكترونية والبطاقات ومواقع الإنترنت بدلاً من الاعتماد على الزيارات الشخصية إلى الفروع.

وأشار إلى أن التحول الحالي في المجتمع نحو قلة الاستخدام النقدي يعزز دور البنوك الرقمية، وقد تم توجيه جهود كبيرة من الدولة لتعزيز هذا التوجه من خلال دعم التقنيات المالية الحديثة.

وأوضح أن البنوك الرقمية تمثل تجربة ناجحة في عدد من الدول الأوروبية والخليجية، وأن السوق المصرية تتجه نحو اعتماد هذه التقنيات المالية الحديثة بناءً على النجاحات المسجلة.

وفيما يتعلق بالقوانين والمتطلبات لتأسيس البنوك الرقمية في مصر، يتعين على البنوك أن تتبع الشروط المحددة من قبل الجهات التنظيمية، مثل الحد الأدنى لرأس المال ونسبة المساهمة المالية.

وختم شوقي بأن تعزيز الدفعات غير النقدية يسهم في دعم الاقتصاد المحلي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، مما يجعل هذه البنوك مكملًا أساسيًا للتحول الرقمي في القطاع المصرفي وتعزيز النمو الاقتصادي.