تبحث شركات الطيران عن طرق لتقليل انبعاثات التلوث الناتجة عن رحلاتها، وذلك في ظل الجهود الحثيثة التي يبذلها العالم للسيطرة على التغير المناخي والحد من انبعاثات الكربون التي تضر بالبيئة، فيما بدأت شركات بريطانية مشروعًا رائدًا في هذا المجال تسعى من خلاله إلى تحويل النفايات إلى وقود يُستخدم في تشغيل الطائرات.
هل يمكن تحويل النفايات إلى وقود لتشغيل رحلات الطيران؟
وتمارس الحكومات في جميع أنحاء العالم ضغوطًا متزايدة على الشركات لجعل عملياتها أكثر مراعاة للبيئة، وهو ما يدفع الشركات للعمل الحثيث من أجل التوصل إلى تكنولوجيا بديلة عن الوقود التقليدي المستخدم حالياً في تشغيل الطائرات.
وأعلنت شركتا الطيران "ويز إير" و"فاير فلاي" مؤخراً أنهما تعتزمان استخدام النفايات البشرية لإنتاج وقود الطائرات للرحلات الجوية المستقبلية من خلال مشروع مبتكر في بريطانيا، وذلك بحسب ما أورد تقرير نشره موقع "أويل برايس".
ويهدف المشروع إلى إنتاج وقود الطيران المستدام (SAF)، وهو وقود حيوي يمكن استخدامه لتشغيل الطائرات، وله خصائص مشابهة لوقود الطائرات التقليدي، لكنه ينتج عنه انبعاثات غازات دفيئة أقل بكثير.
وتعتزم الشركتان بناء مصفاة تجارية في منطقة "إسيكس" في بريطانيا لتحويل مياه الصرف الصحي المعالجة إلى وقود، وتستثمر شركة "ويز" في المشروع من خلال تقديم طلب لشراء ما يصل إلى 525 ألف طن من (SAF) المشتقة من النفايات البشرية على مدار الخمسة عشر عاماً القادمة، والتي قد تصل قيمتها إلى مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية.
ويقول الباحثون إنه يمكن استخدام مجموعة واسعة من المواد الأولية لإنتاج هذا النوع من الوقود المسمى (SAF) بدءاً من مخلفات الطعام وحتى المحاصيل الزائدة. كما يمكن أن يوفر استخدام النفايات الزراعية للمزارعين دخلاً إضافياً، بينما يمكن أن يساعد استخدام بقايا الطعام في تقليل الهدر.
ويقول تقرير "أويل برايس" إنه في الولايات المتحدة وحدها، يمكن جمع ما يقدر بنحو مليار طن جاف من الكتلة الحيوية بشكل مستدام كل عام، وهو ما يكفي لإنتاج ما بين 50 إلى 60 مليار غالون من هذا الوقود.
وتقوم العديد من البلدان بتوسيع إنتاجها من الوقود الحيوي بسرعة لدعم تطوير استخدام هذا النوع من الوقود النظيف، فضلاً عن غيرها من المنتجات المنخفضة الكربون، مثل الأسمدة ووقود الديزل الحيوي. وقد نما الطلب على أنواع الوقود هذه بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث مارست الحكومات ضغوطا متزايدة على الشركات لإزالة الكربون من عملياتها، لا سيما في القطاعات التي يصعب تخفيفها، مثل الصناعة والنقل.
ولتحقيق أهداف خفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2050، يحتاج الإنتاج العالمي من الوقود الحيوي إلى زيادة إلى 10 إكساجول بحلول عام 2030، مما يتطلب نمواً متوسطاً يبلغ حوالي 11% سنوياً، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
وفي أوروبا، يقول الاتحاد الأوروبي إنه بحلول عام 2035 يجب على الوقود النظيف أن يساهم بما لا يقل عن 20%من الوقود المستخدم في الطائرات. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تعلن بريطانيا قريباً عن الحد الأدنى من مزيج (SAF) بأن يكون عند نسبة 10% بدءاً من عام 2030.
ويهدف الاتحاد الدولي للنقل الجوي إلى تحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050، ويتوقع أن يساهم الوقود النظيف (SAF) بنسبة 65% من تخفيضات الانبعاثات في الصناعة.