ثمار الإصلاح الاقتصادى لم تظهر حتى الآن فى بعض القطاعات
استقبل الاقتصاد المصرى إشادة جديدة من وكالة بلومبرج الامريكية، التى كثفت من متابعتها فى الأشهر الأخيرة لمؤشرات أداء الاقتصاد المصرى، وتوقع تقرير بلومبرج أن تقفز الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى أكثر من 9 مليارات دولار خلال العام المالى الجارى لتصل إلى ما يقرب من 13 مليار دولار خلال 2021.
وركز التقرير الأخير لوكالة بلومبرج على عدد من المحاور أولها آثار تعويم الجنيه التى شجعت المستثمرين الأجانب للعودة للاستثمار فى الاقتصاد المصرى، تزامنا مع الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى، مرورا بأبرز التحديات التى تواجه البلاد والمتمثلة فى كبح معدلات التضخم التى زادت بنسب قياسية، وإنعاش السياحة التى تمثل أحد معاول البناء التى تعول عليها الحكومة لجذب مزيد من التدفقات الأجنبية، إضافة إلى الصادرات.
وتوقع التقرير أن ترتفع الاستثمارات الأجنبية المباشر فى مصر إلى 9.4 مليار دولار خلال العام 2016/2017، لتقفز إلى نحو 12.9 مليار دولار بحلول 2021، ولفت التقرير إلى أن الاستثمار الأجنبى فى الفترة من يوليو وحتى ديسمبر الماضى قفزت إلى 4.3 مليار دولار مقابل 3.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضى.
وتابع التقرير أن مصر سعت لتهيئة المناخ الاقتصادى ليصبح أكثر جاذبية وتنافسية، لتخطو أكثر نحو تحرير السوق مما يعيقه عن الانطلاق، وذلك من خلال فتح الباب للاستثمارات الأجنبية من خلال تعويم الجنيه واتباع آليات السوق المفتوح التى يحدد فيها العرض والطلب القيمة الفعلية للسلع ومن بينها العملة .
وأضاف تقرير بلومبرج أن السبب الرئيسى لعودة مدراء المحافظ والصناديق لضخ استثمارات فى الاصول المصرية وعلى رأسها أدوات الدين الحكومية سواء السندات أو أذون الخزانة يأتى بعد قرارات البنك المركزى المصرى، بشأن تعويم أسعار الصرف وزيادة معدلات الفائدة.
ولفت تقرير سابق للوكالة إلى أن الاستثمارات الأجنبية الجديدة التى دخلت البورصة بلغت 500 مليون دولار فى ثلاثة أشهر منذ التعويم ، ونحو مليارى دولار فى أذون الخزانة المحلية، وزادت معدلات الشراء فى بعض الأيام بقيمة 670 مليون دولار، وهذا ما دفع سعر الفائدة على الأذون للتراجع ٪2 بالمائة فى نفس اليوم، وتعد تلك الاستثمارات منذ 2009.
وأشار التقرير إلى أن الصادارت المصرية تحسنت بقوة خلال الربع الأخير من العام الماضى 2016 فى الفترة من أكتوبر وحتى ديسمبر 2016، لتشهد ارتفاعا بنحو 18٪ تصل إلى 5.2 مليار دولار ، وسط توقعات بمزيد من التحسن خلال الفترة من يناير وحتى يونيو 2017.
وتابع التقرير أن الصادرات غير البترولية ارتفعت بنسبة 25٪ فى يناير الماضى، وسجلت الصادرات فى يناير الماضى 1.66 مليار دولار مقارنة 1.327 مليار دولار فى نفس الشهر من العام الماضى، بحسب بيان من وزارة التجارة حصلت عليه أصوات مصرية، وكان إجمالى الصادرات قد تراجع فى ديسمبر بنسبة طفيفة، 1.3٪.
ولفت تقرير حديث لبلتون إلى أن الصادرات المصرية سوف تشهد نموا ملحوظا خلال الأعوام المقبلة لتصل إلى ذروتها عقب بدء تصدير الغاز الطبيعى من حقل غاز ظهر، حيث توقعت بلتون أن تقفز الصادرات إلى ما يناهز الـ 52.5 مليار دولار بزيادة أكثر من15 مليار دولار عن العام الماضى والذى سجلت فيه 35.2 مليار دولار بنسبة نمو 50٪، فيما توقعت أن تصل إلى 40 مليار دولار بنهاية 2016/2017 لتصل إلى 47.5 مليار دولار خلال العام 2018/2019.
وتراجعت الواردات فى يناير الماضى بنسبة 25٪ أيضا لتهبط إلى 3.626 مليار دولار من 4.826 مليار دولار فى نفس الشهر من العام الماضى، وساهمت الزيادة فى الصادرات وتراجع الواردات فى انخفاض عجز الميزان التجارى بنسبة 44٪ فى يناير ليصل إلى 3.499 مليار دولار.
وتابع التقرير أن مصر تبذل جهودا كبيرة لتخفيف آثار القرارات الاقتصادية على المواطن، فى ظل أزمة اقتصادية حادة كانت تستوجب اتخاذ مثل تلك القرارات الصعبة، مشيرة إلى أن جهود الحكومة المصرى فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادى بدأت تؤتى ثمارها فى اغلب المسارات مع توقعات بمزيد من التحسن خلال الفترة المقبلة.
وعلى الصعيد السياسى توقع تقرير بلومبرج أنه يكاد يكون من المؤكد أن يفوز الرئيس الحالى للبلاد عبد الفتاح السيسى بفترة رئاسية جديدة، رغم الضغوط التى تعرض لها المواطن جراء صعوبة القرارات الاقتصادية، ويعزى التقرير ذلك إلى سببين الاول أن ثمار الإصلاح الاقتصادى ستبدأ فى اتيان ثمارها بدءا من منتصف العام الجارى على أن تتسارع مطلع العام المقبل 2018، إضافة إلى عدم اتفاق فصائل المعارضة حتى الآن تزامنا مع عدم ظهور أسماء بارزة.
ولفت التقرير إلى أن ملامح الاستقرار السياسى بدأت تنعكس على جهود الإصلاح الاقتصادى إيجابا، حيث ساعدت على تأمين حصول البلاد على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولى تزامنا مع نجاح البلاد فى الحصول على تمويل من المؤسسات الدولية بقيمة 4 مليارات دولار من خلال السندات التى طرحتها نهاية يناير الماضى.
وأشار التقرير إلى توقعات بارتفاع ايرادات السياحة خلال الفترة المقبلة نتيجة لانخفاض أسعار العملة تزامنا مع محاولات الحكومة لتلبية متطلبات الدول الكبرى التى تعد أحد مصادر السائحين الرئيسية كروسيا وألمانيا وبريطانيا، وأضاف التقرير أن السياحة أمدت خزائن الحكومة فى العام السابق على ثورة يناير بنحو 12 مليار دولار بعد دخول البلاد نحو 14 مليون سائح.
ولفت التقرير إلى أن عودة السائحين الروس قد اقتربت بشدة بعد مجموعة الإجراءات التى اتخذتها الحكومة فيما يتعلق بتوفيق أوضاع المطارات وتلبية الاشتراطات الأمنية، إضافة إلى اقتراب عودة السائحين من دول أوروبية أخرى كالدنمارك ودول الشمال الأوروبى .
وعن التضخم فقد لفت التقرير إلى أن تحرير أسعار الصرف مطلع نوفمبر الماضى وضعف الجنيه بنحو 50٪ منذ التعويم عزز من ارتفاع معدلات التضخم لتصل إلى أعلى مستوياتها فى 30عاما، إلا أن كافة المؤشرات تؤكد أن ما يحدث يعد تجاوبا متوقعا لتعويم العملة المحلية.
ونقل التقرير عن ريهام الدسوقى كبير الاقتصاديين فى بنك استثمار أرقام كابيتال أنه من المتوقع أن تتجه معدلات التضخم للانخفاض نسبيا، إلا أن توقعات العودة بارتفاعها تظل قائمة فى ظل خطة الحكومة لخفض الدعم على مدى السنوات الثلاثة المقبلة، إلا أن النمو الاقتصادى المتوقع للبلاد سيعوض من الآثار الناجمة عن زيادة الأسعار حينذاك.
وعلى الجانب الآخر لفت التقرير أن الجانب الإيجابى وسط ارتفاع الأسعار وارتفاع معدلات التضخم عقب قرار التعويم يتمثل فى منح الصادرات المصرية ميزة تنافسية كبرى، وهو ما يمنح المصدرين خلال الفترة المقبلة فرصة على استغلال الأسواق المحلية والدولية، وهو ما سينعكس على الفوائض المالية بالعملة الأجنبية.