قال الدكتور هاني جنينة رئيس قسم البحوث بشركة كايرو فيننشال هولدنج، إن الفجوة التمويلية للاقتصاد المصري التي تحدث عنها تقرير بنك غولدمان ساكس بالنسبة للأربع سنوات المقبلة، تمثل احتياجات تمويلية لم يتوافر مصادر معروفة لتمويلها.
وأضاف خلال تصريحات خاصة لـ «العقارية» أن الاحتياجات التمويلية هي مجموع العجز في ميزان المعاملات الجارية بجانب سداد المديونيات التي استحقت على الدولة، ويتم سدادها من مصادر معروفة مثل الاستثمار الأجنبي المباشر والأموال الساخنة بجانب بعض القروض، ولكن يبقي جزء من هذه الاحتياجات التمويلية لا يوجد مصادر تمويل محددة لإعلانها حتى هذه اللحظة وهو ما يطلق عليه الفجوة التمويلية".
وأوضح أن التدفقات الاستثمارية الوافدة إلى مصر مشروع رأس الحكمة ومشروعات عربية أخري ستسد هذه الفجوة.
وقدر «جنينه» الاحتياجات التمويلية لمصر بين 30 و40 مليار دولار سنويا، تمثل عجز المعاملات الجارية الذي يتراوح سنويا بين 10 و15 مليار دولار ويضاف إليه سداد أصول المديونية الخارجية التي تتراوح بين 20 و25 مليار دولار وإجمالا هذه المبالغ ينتج ما يسمى بالاحتياجات التمويلية ومن ثم سوف تسد مصر هذه الفجوة عبر التدفقات الاستثمارية المباشرة وعمليات إعادة التمويل، من خلال الرجوع لسوق السندات الدولية ومن الاستثمارات المباشرة الدورية السنوية في قطاع الغاز والبترول.
وقال إن صفقة رأس الحكمة كانت مفاجئة من حيث الحجم والتوقيت، لأن مصر كان لديها مشكلة في العام المالي 2024 – 2025 بشأن حجم المديونية المطلوب سدادها وكانت هذه المشكلة الوحيدة تقريبا أمام مصر، ولكن فجأة و خلال فترة قصيرة بلغت نحو 4 أشهر تفاقمت هذه المشكلة بسبب انخفاض إيرادات قناة السويس إلى النصف وتراجع تحويلات المصريين في الخارج والحرب في غزة.
وأوضح أن مصر أصبحت مؤخرًا مستوردًا صافيًا للبترول والغاز بعدما كانت مصدرا صافيا خلال العاملين الماضيين ومن ثم تفاقمت الأزمة، مشيرًا إلى أن توقيت الصفقة وحجمها أنقذ مصر من مشكلة كبيرة وهي احتمالات عدم قدرتها على سداد ديونها في 2024.
وتوقع «جنينة» أن تفتح هذه الصفقة باب التمويل من مصادر أخرى بسرعة ، ويمكن أن تأتي تمويلات إضافية من قطر والسعودية وإتمام اتفاق صندوق النقد الدولي وأن يكون بحجم أكبر مما أعلن عنه سابقا بحيث يكون 10 مليارات دولار أو أكثر، موضحا أن صفقة رأس الحكمة ستخلق دورة من التدفقات النقدية داخل مصر.
وتوقع أن تتم المعالجة المحاسبية لتنازل الإمارات عن 11 مليار دولار ودائع لدى البنك المركزي المصري عبر صرفها بالجنيه حيث إن البنك المركزي لن يستخدم أي دولار من الاحتياطي لديه.
السعر العادل للجنيه المصري
وأشار إلى اتفاق الحكومة على سداد ودائع الإمارات بالجنيه المصري وفقا للسعر الرسمي "العادل " وهو ليس 31 جنيها ، بل ما سيتم تحديده عقب توحيد السعر الموازي والسعر الرسمي، وعلى إثر ذلك ستقل مديونية البنك المركزي المصري للإمارات بنحو 11 مليار دولار ولكن احتياطياته بالعملة الأجنبية لن تقل وسيرتفع سعر الجنيه لديه.
وتوقع أن يبدأ البنك المركزي المصري تخفيض الجنيه في السوق الرسمية نظرا لأن مستثمرين استراتيجيين من الدول العربية ينتظرون تلك الخطوة لتنفيذ استثمارات في مصر بعد هذه الصفقة الكبرى ويتوقعون توافر رؤية واضحة بشأن سعر صرف موحد ويمكنهم تغيير الدولار في البنوك سواء في تحويلات أرباح أو عند ضخ استثمارات.
كم سيبلغ قرض صندوق النقد الدولي؟
وذكر أنه ربما سيتم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي خلال أيام وربما أسابيع ، مشيرا إلى أن السعر الذي توقعه بنك جي بي مورغان للجنيه المصري أمام الدولار بين 45 و50 جنيها يعد مناسبا وموافقا للتوقعات نظريات تحديد سعر صرف العملة وهو سعر قريب جدا للسوق الموازية حاليا.
وقال إن هذا الإجراء سيحجم السوق الموازية، ويلغي القيود المفروضة من جانب المركزي المصري على التصرف في العملات الأجنبية الموضوعة حاليا بالنظام المصرفي المصري، ولكن لن يحدث هذا مباشرة في النصف الأول من 2024، ورجح إمكانية أن يتوصل البنك المركزي لصفقة مع صندوق النقد الدولي بشأن استمرار بعض القيود سواء على استيراد بعض هذه السلع الرفاهية أو تحويلات الأموال بمبالغ كبيرة لفترة محددة لحين تدفق باقي الاستثمارات.
أسعار الفائدة المتوقعة
وأشار إلى إمكانية أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بين 2 و3% ليصل سعر العائد على الإيداع والإقراض لليلية واحدة بين البنوك المصرية " الكوريدور" نحو 24 % أو 25% وأسعار أذون الخزانة عند نفس المستوى ، وبجانب التدفقات الداخلة سيشجع ذلك المستثمر الأجنبي مرة أخرى للاستثمار في أذون الخزانة خلال النصف الثاني من هذا العام.
وذكر أنه رغم صفقة رأس الحكمة فإن الحاجة ما زالت ضرورية لأن يكون الاتفاق مع صندوق النقد الدولي كبيرا ليصل إلى نحو 10 مليارات دولار أو أكثر لأن إنفاق القرض يتم على عدد من السنوات وأيا كان حجم الصفقة مع صندوق النقد فإن مصر ستحصل على ربع الاتفاق هذا العام.
وتابع " قد يبدو رقم الصفقة مع الإمارات كبيرا لكن احتياجات مصر التمويلية تضاعفت بسبب حرب غزة وشراء البترول ومنتجات الوقود.
وذكر جنينة أن مصر تحتاج هذا العام نحو 50 مليار دولار تمويلات،موضحا أنه لولا الصدمات الخارجية التي تعرضت لها مصر فإنها كانت ستحتاج نحو 40 مليار دولار فقط.