يمر الاقتصاد الألماني الذي يعد من رابع أكبر اقتصاد في العالم، أزمات متلاحقة أوقعته فريسة للركود، ليكون بمثابة ضربة قاضية لأكبر اقتصاد أوروبي بعد أزماته خلال العام الماضي، حيث يواجه أزمات تنوعت بين إضرابات عمالية وتوترات جيوسياسية وأزمة الطاقة التي سببتها الحرب الروسية الأوكرانية.
انهيار رابع أكبر اقتصاد في العالم
وبسبب الأزمات المتلاحقة التي لا تستطيع ألمانيا الخروج منها إطلق خبر الاقتصاد على «الاقتصاد الألماني» مصطلح «رجل أوروبا المريض»، وهو وصف أنكره وزير المالية وصفًا بلاده بأنه رجل منهك بحاجة إلى "فنجان قهوة طيب".
وعلى الرغم من المحاولات العديدة التي بذلتها ألمانيا بالتعاون مع دول أوروبا للنهوض بـ«الاقتصاد الألماني»، الإ أن «رجل أوروبا المريض» تعرض إلى الركود طوال عام 2023، وفقًا لبيانات رسمية التي أثبتت انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.3%.
التنمية الاقتصادية الشاملة في ألمانيا
كانت الصدمة الحقيقة لدول أوروبا عندما أعلنت رئيسة مكتب الإحصاءات الفدرالية «روث براند»، توقف التنمية الاقتصادية الشاملة في ألمانيا خلال العام الماضي.
وقالت رئيسة مكتب الإحصاءات الفدرالية، في بيان رسمي لها، أنه على الرغم من الانخفاضات الأخيرة، لا تزال الأسعار مرتفعة على كافة مستويات الاقتصاد، بجانب ظروف التمويل غير المواتية نتيجة ارتفاع معدل الفائدة وانخفاض الطلب محلياً وخارجياً.
وفي آخر شهور عام 2023، سجل التضخم في ألمانيا 3.8% على أساس سنوي. وكان المركزي الأوروبي قرر الشهر الماضي الإبقاء على معدل الفائدة دون تغيير لثالث اجتماع على التوالي.
كما انخفضت الصادرات الألمانية 4.6% على أساس شهري في ديسمبر كانون الأول، بما يتجاوز تقديرات تراجعها بنسبة 2%. وتراجعت الصادرات إلى دول الاتحاد الأوروبي 5.5% على أساس شهري، وبنسبة 3.5% للدول من خارج التكتل الموحد.
وعلى صعيد الواردات الألمانية، فهبطت أيضاً بنسبة 6.7% على أساس شهري، بما يتجاوز تقديرات هبوطها 1.5%، أما على مستوى العام الماضي بأكمله، تراجعت الصادرات والواردات الألمانية 1.4% و9.7% على الترتيب.
أسباب انهيار الاقتصاد الألماني
وترجع أسباب انهيار الاقتصاد الألماني إلى ارتفاع الإضرابات العمالية في ألمانيا خلال السنوات الأخيرة، والتي حذر منها رئيس المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية من أن الزيادة في عدد الإضرابات لها تأثير سلبي متزايد على إجمالي الاقتصاد.
كما تسببت أزمة الطاقة التي بدأت مع الحرب الروسية الأوكرانية قبل عامين في أزمةكبيرة في الاقتصاد الألماني، إذ كشفت البيانات الاقتصادية عن تراجع الإنتاج الصناعي لسابع شهر على التوالي في ديسمبر كانون الأول، وهي أطول وتيرة هبوط على الإطلاق.
في ظل الأزمة الاقتصادية التي ضربت ألمانيا لعب تباطؤ الاقتصاد الصيني -التي كانت حتى وقت قريب أكبر سوق تصدير لألمانيا- دوراً في زيادة المتاعب الاقتصادية لبرلين، وسط تراجع الطلب على السلع.
كما أن التحولات الكبرى لدى الاقتصاد الصيني تشير إلى أن الطلب قد يضعف بشكل دائم، ووفقاً لمذكرة لـING، فإن الصين أصبحت منافساً فبإمكانها الآن إنتاج منتجات مشابهة كانت تستوردها عادة من أوروبا.
وتهدد تلك التوقعات صادرات السيارات الألمانية، إذ تجاوزت شحنات السيارات الصينية نظيرتها لدى ألمانيا في 2022، بدعم من الزيادة الحادة لعلامات السيارات الكهربائية في بكين.
وتعد البنية التحتية وأزمة التمويل واحدة من أبرز المشاكل الرئيسية التي تواجه الاقتصاد الألماني، حيث واجه الاقتصاد حاجة ملحة لضبط أوضاع هذا القطاع تحديداً على مستوى الطاقة تزامناً مع خطة التحول بعيداً عن الغاز الروسي ورغبة ألمانيا في دعم التحول نحو الطاقة النظيفة. لكن معدلات الفائدة المرتفعة وزيادة تكاليف المواد أثروا سلباً على تلك الخطط.