شهد شهر فبراير الجارى انخفاضًا ملحوظًا فى سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بما يقترب من الـ 20٪، وهو ما انعكس بشكل مباشر على أسعار مواد البناء التى تراجعت متأثرة باسترداد الجنيه جزءاً من قيمته الحقيقية أمام العملة الخضراء، حيث انخفضت أسعار حديد التسليح بمقدار 7٪ على مدار الشهر فيما انخفضت أسعار الأسمنت بنسبة 4٪، ورغم ذلك سيطرت حالة من الهدوء النسبى على حركة البيع والشراء فى سوق مواد البناء جراء انتظار المواطنين لثبات الأسعار.
وأكد أصحاب مصانع حديد التسليح أنهم يواجهون أزمة صعبة أجبرتهم على الاستمرار فى تخفيض الأسعار رغم أنها لا تتوافق بأى حال من الأحوال مع تكلفة الإنتاج فى ظل زيادة الأعباء على المصانع المصرية من خلال ضريبة القيمة المضافة ومصروفات شحن «البيليت» والمصروفات الجمركية، فضلاً عن ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز التى تضاعفت خلال الفترة الماضية بعد تحرير سعر صرف الدولار.
أوضحوا أن المصانع تتكبد خسائر كبيرة جداً خلال تلك المرحلة الحرجة بسبب ارتفاع نسب الحديد المستورد من الخارج وتحديداً من تركيا داخل السوق المحلية بأسعار غير تنافسية، وهى الأسباب التى دفعت المنتجين المحليين لخفض الأسعار بمعدل 5 مرات خلال شهر واحد لمواجهة زيادة معدلات الركود فى الإنتاج المحلى.
وقامت «العقارية» بجولة فى سوق مواد البناء لرصد التغيرات فى الأسعار، حيث أكد تجار مواد البناء وجود حالة انخفاض فى أسعار الحديد والأسمنت خلال الأسبوع الرابع من شهر فبراير.
وسجل متوسط أسعار الحديد بنهاية الأسبوع الماضى انخفاضا فى كافة الأصناف، حيث بلغ سعر حديد «عز» 8800 جنيه للطن، و«بشاي» 8700 جنيهًا للطن، و»المراكبى» وصل إلى 8600 جنيه للطن، بينما سجل حديد المصريين 8600 جنيه للطن، وحديد العتال 8700 جنيه للطن، وحديد الوطنيه 8700 جنيه للطن، وحديد الدخيلة 8700 جنيه للطن.
وأكد أحمد الزيني.. رئيس شعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن أسعار مواد البناء انخفضت بصفة عامة خلال شهر فبراير، مؤكدًا أن السبب الرئيسى فى انخفاضها هو إحجام المستهلكين عن الشراء فى الوقت الحالي؛ لارتفاع أسعار مواد البناء بشكل غير مبرر، مضيفا أن التجار لم يسحبوا حصصهم من مواد البناء من المصانع، ما أدى لتراكم المخزون بالمصانع التى اضطرت لتخفيض أسعارها تدريجيا، لافتا إلى أن إحجام المستهلك عن الشراء تسبب فى حالة الركود الحالية بالسوق، مشيرا إلى أن انخفاض سعر صرف الدولار بالبنوك خلال الأيام الماضية ليس له علاقة بانخفاض أسعار مواد البناء.
وقال: إن الأسمنت منتج محلى 100٪، وليس له علاقة بالدولار، ومع ذلك وصل سعر طن الأسمنت منذ سنوات إلى 10 آلاف جنيه عندما كان سعر الدولار 5 جنيهات، موضحا أن نسبة انخفاض الأسمنت وصلت خلال شهر فبراير إلى 2٪، منوها إلى إمكانية تراجع أسعار الأسمنت بنسبة 30٪ فى حالة عمل المصانع بكامل طاقتها، والحد من معدلات التصدير.
من جانبه أكد هيثم البدرى.. المدير التنفيذى لشركة الأفق الجديدة لمواد البناء، أن انخفاض أسعار الحديد للمرة الخامسة خلال الفترة الحالية جاء نتيجة الركود التى تشهده الأسواق حاليا بعد الارتفاع المتواصل للأسعار، منوها إلى أن سعر الدولار هو العامل الأساسى فى تحريك الأسعار ارتفاعا وانخفاضا، متمنيا أن يعود نشاط البناء فى السوق العقارى مرة أخرى، حيث إن ذلك سوف يساعد التجار فى التخلص من الكميات المخزنة والتى تم شراؤها منذ فترة.
فيما قال عبد الهادى الحبيبى، صاحب شركة الحبيبى لمواد البناء، إن هناك مؤشرات قوية نحو عودة رواج السوق العقارى مرة أخرى فى أعقاب انخفاض أسعار الدولار فى البنوك من 19.50 جنيه إلى 15.95 جنيه للدولار، وهو ما يؤدى إلى انخفاض الأسعار مرة أخرى، وبالتالى عودة النشاط بالسوق العقارى.
وأشار المهندس سيد الشيمى.. صاحب مستودع حديد ومواد بناء، إلى أن الانخفاض الذى صاحب سعر الدولار والذى تبعه تراجع أسعار مواد البناء وذلك مع قرب حلول موسم الإجازات الصيفية وعودة المدرسين من الخارج سوف يؤدى إلى حالة رواج فى السوق العقارى عموما فى مصر وتعويض فتره الركود الشتوى، وأضاف أن أسعار بيع الأسمنت شهدت تراجعًا فى الاسبوع الرابع ومن المتوقع استمرار انخفاض أسعار مواد البناء.
من جانبه أكد السيد شندى.. صاحب شركة المدينة لمواد البناء، أن التجار وحدهم هم الذين يدفعون ثمن الانخفاض المتواصل نتيجه لعدة أسباب منها وجود مخزون كبير من أطنان الحديد التى تم شراؤها وقتما كان سعر الطن يتعدى 9000 جنيه، لافتا إلى أن هناك حالة عدم استقرار فى السوق العقارى نتيجة ارتفاع الأسعار منذ نوفمبر 2016 وحتى الآن لم يتم الاستقرار.
وأشار إلى أن إحدى الشركات الأوكرانية الكبرى المصدرة لمصر قد عقدت اجتماعا للمستوردين المصريين فى القاهرة، الشهر الماضى، حيث تم إبلاغهم بنية الشركة التمدد داخل السوق المصرى وبأى سعر يتطلبه ذلك، وهو ما يشير إلى النية المبيتة لإغراق السوق المصرى بفوائض الإنتاج من الدول المصدرة الكبرى، بل إنها قامت بشحن كميات كبيرة من الحديد وتفريغها فى ميناء دمياط بدون أن يطلبها المستوردون، وذلك لبيعها لحسابها من الميناء مباشرة لمن يطلبها، وبأسعار متدنية للغاية، وهو ما يمثل تطوراً خطيراً فى الممارسات التنافسية غير العادلة لتصريف إنتاج أجنبى راكد داخل السوق المصرية على حساب الصناعة المحلية.
وهذا يفسر أن مصانع الحديد أعلنت عن خفض الأسعار للمرة الخامسة خلال شهر، وذلك تحت ضغط الواردات المستمرة، وهو ما ينتج عنه خسائر فادحة للصناعة المحلية بأسعار الخامات الحالية مع استمرار تراكم المخزون فى ظل انكماش الطلب وكساد الأسواق.
وقال محمد طارق.. صاحب شركة استيراد مواد بناء، إنه إذا استمر الوضع كما هو، فسوف تغلق المصانع أبوابها، وتخرج مصر من صناعة حديد التسليح تماماً، وتعتمد فى تلبية احتياجات السوق المحلية ومشروعات التنمية على الاستيراد الكامل، وبفاتورة استيرادية تتعدى 3 مليارات دولارسنوياً، مما يجعلها رهينة لتقلبات السوق العالمية.
ومن جهته قال أشرف صباحى.. صاحب شركة الأولى لمواد البناء، إن التغيرات السريعة التى تشهدها أسعار حديد التسليح صعوداً وهبوطاً تربك الحسابات داخل السوق المحلية، موضحين أن التخفيض المتتالى فى الأسعار يكبد الموزعين خسائر كبيرة فى ظل ارتفاع معدلات الركود، وتزايد الكميات المخزنة بالمخازن لدى التجار والموزعين، التى تم شراؤها وفقاً لأسعار تجاوزت الـ10 آلاف جنيه للطن الواحد.
فيما أوضح أمجد طائل.. المدير التنفيذى لشركة زوايا لتجارة مواد البناء، أن السوق يترقب نتائج اجتماع مصعنى ومنتجى الحديد مع جهاز مكافحة الدعم والإغراق والوقاية التابع لوزارة الصناعة لعرض كافة المشاكل عليه واتخاذ القرارات المناسبة لحلها، لافتا إلى أزمة رسوم الحماية وضعف المبلغ المفروض على الحديد المستورد، قائلا: «إن رسوم الحماية المفروضة على الحديد المستورد حاليا قيمتها 175 جنيهًا فقط للطن، وهى غير مؤثرة، ولم تفلح فى تقليص الواردات من الحديد، لأن المبلغ ضعيف جدًّا، وكانت قيمته 400 جنيه منذ عامين، ولكن طبقا للقانون فإنه يتراجع سنويًّا، وقد وصل حاليًا لـ175 جنيها، ومن المنتظر أن ينتهى رسم الحماية فى أكتوبر المقبل»، وأن الاتجاه الذى يسير فيه المصنعون حاليًا هو فرض رسوم إغراق وليس رسوم حماية، لأن رسوم الحماية لم تفلح، ونسعى لأن تكون رسوم الإغراق 30٪ من سعر طن الحديد المستورد، وسيتم تحديد رسوم الإغراق بعد انتهاء تحقيقات الإغراق التى يجريها جهاز مكافحة الدعم والإغراق فى وزارة التجارة والصناعة.
وأضاف أن انخفاض أسعار مواد البناء خلال الفترة الحالية بسبب انخفاض سعر الدولار الأمريكى فى السوق والبنوك المصرية نظرا للأهمية الكبيرة التى تلعبها الورقة الخضراء فى عمليات الاستيراد والتصدير وخصوصا فى المواد الخام، بسبب زيادة سعر الدولار الفترة الماضية أعلنت كبرى الشركات الرائدة فى صناعة الحديد والأسمنت فى مصر رفع الأسعار بواقع خمسمائة جنيه مصرى للطن الواحد، حيث توالت الأسعار مرة تلوى الأخرى للوقوف على الوضع الأخير.
وأشار المهندس أيمن زغلول.. عضو مجلس إدارة شركة الاتحاد لحديد التسليح، إلى أن المصنعين لديهم استعداد للتنازل عن رسوم الحماية البالغة 175 جنيهًا، حال فرض رسوم إغراق على الحديد المستورد بنسبة 30٪ من قيمته، منوها إلى أن الهدف من فرض رسوم الإغراق حماية الصناعة الوطنية للحديد والتى بالفعل تتكبد خسائر كبيرة جراء تضررها من استحواذ المنتج المستورد على حصة كبيرة من السوق.
وعلى نفس اتجاه الحديد نحو الانخفاض والتراجع للأسبوع الرابع على التوالى اتجهت أسعار الأسمنت إلى الانخفاض بنسبة وصلت إلى 4 ٪ على مدار الشهر، حيث سجل سعر أسمنت القومية 720 جنيها للطن، وأسمنت أسيوط 735 جنيها للطن، وسعر أسمنت العربية والعريش 700 جنيه للطن، وسعر السويس وحلوان 735 جنيها للطن وسعر بنى سويف 700 جنيه للطن.
وقال محمد نصر.. صاحب مستودع حديد وأسمنت، إن سعر الحديد مستمر فى التراجع ومن المتوقع أن يواصل تراجعه خلال الفترة المقبلة فى محاولة من مصنعى الحديد المحليين للتماشى مع أسعار الحديد المستورد الذى ينخفض سعره بنسبة كبيرة عن الحديد المحلى، مضيفا أن أسعار الأسمنت شهدت أيضا انخفاضا لمواجهة الركود فى السوق.
فيما أكد المهندس احمد شندى.. مدير شركة المدينة لمواد البناء، أن تراجع أسعار الحديد يؤثر بشكل كبير على التطوير العقارى فى مصر، إذ إنه حدث فى الفتره الماضية منذ تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016 وحتى الآن تراجع كبير فى المبيعات بعد ارتفاع سعر طن الحديد من 4000 جنيه إلى 10000 جنيه للطن، وكذلك ارتفاع باقى مواد البناء بنسب كبيرة وصلت إلى 100 ٪، وهو ما انعكس على أسعار الوحدات السكنية وأدى إلى انخفاض فى حركة المبيعات، موضحا أن استقرار الأسعار بشكل كبير يؤدى إلى عودة النشاط إلى المبيعات فى السوق العقارى.
من جانبه أكد كرم مطاوع.. صاحب شركة مطاوع، أن سوق مواد البناء فى تلك الفترة يشهد حالة من الركود نتيجة تذبذب حركة الأسعار، آخرها ما شهده الحديد من انخفاض مفاجئ، مشيرا إلى أن الأسعار التى تم إعلانها تهدف بشكل أساسى إلى القضاء على الحديد المستورد، رغم أن الشركات المنتجة للحديد تتعرض لخسائر كبيرة، وأشار إلى أن الانخفاض المستمر فى أسعار الحديد يرجع إلى عدة أسباب منها أن أسعار الحديد المستورد مستقرة إلى حد ما ولا ترتفع بمقدار كبير نظرا لتثبت الدولار الجمركى من ناحية ومن ناحية أخرى وجود فائض من الحديد المحلى الذى تكتظ به المخازن ولذا تواصل الشركات تخفيض الأسعار حتى تستطيع تصريف المخزون.