حالة من الترقب تعيشها السوق المحلية للحديد في انتظار قرار الحكومة البت بشأن "رسوم الإغراق على واردات المواد الخام للمعدن"، زادت مخاوف أصحاب المصانع من احتمالية تأثر المنتج المحلي بالسلب، في حين طالب مصنّعون بالإلغاء كمحاولة لزيادة المعروض وخفض السعر، وتباينت الآراء ما بين مؤيد ومعارض.
رسوم الإغراق، هي ضريبة فرضتها الحكومة، على مستلزمات صناعة الحديد لتشمل الأسياخ واللفائف والقضبان والعيدان، وتحديدًا المستوردة من دول الصين وتركيا وأوكرانيا، بقرار وزاري سابق حمل رقم 1535 لسنة 2017 وجرى مد العمل به حتى 5 يونيو الجاري ولكن لم يجر تجديده حتى الان.
«العقارية»، طرحت كافة التساؤلات المتعلقة برسوم الإغراق على مسؤولين وخبراء واستطلعت آراء أطراف الصناعة لكشف أبعاد قرار رسوم الإغراق وتداعياته مستقبليا على سوق الحديد في مصر، ومدى تأثيره على العقار.
إيهاب منصور: السعر العادل للطن 32 ألف جنيه و 800% زيادة خلال فترة قصيرة
بداية، يقول المهندس إيهاب منصور، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إن أسعار مواد البناء بشكل عام تشهد حالة من عدم الانضباط، وجرى مواجهة الحكومة خلال إحدى الجلسات في أواخر مايو الماضي، من خلال رصد تطور سعر طن الحديد والأسمنت بداية من عام 2007 ووصولا إلى 2023 ، موضحًا أن هناك تحول كبير في فارق السعر الذي تجاوز 42 ألف جنيه في الوقت الحالي.
ولفت منصور إلى أن الرد الحكومي بشأن الزيادة في سعر الحديد هو ارتفاع أسعار الكهرباء والخامات عالميًا، قائلا إنه في وقت سابق بلغت نسبة الارتفاعات بأسعار الحديد نحو 800% خلال فترة قصيرة، في حين أن زيادة أسعار الكهرباء والسعرات الحرارية والبيلت في الحقبة الزمنية ذاتها بلغت 250% فقط.
وحسب قول وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، فإن الحكومة بررت أيضا سبب الزيادات الغير مسبوقة في سعر الحديد بارتفاع سعر الدولار.
وقال منصور لن نسمح باحتكار أي سلعة في السوق أو التلاعب بها مطالبا الحكومة بتقديم دراسة دقيقة تشمل تطورات سعر الدولار خلال الأعوام الماضية وربطه بأسعار المواد الخام للبناء وخاصة الحديد، مضيفًا أن السعر العادل لطن الحديد هو 32 ألف جنيه شامل الضرائب، وهناك نحو 10 آلاف جنيه فرق سعر يجب البحث عن المتسبب فيها.
وقال، إنه لا يمكن تجاهل إشكالية سعر الحديد في مصر المرتبطة ارتباطا وثيقا برسوم الإغراق ووضع الجميع أمام مسؤوليته، وتطرق إلى زيادة الانتاج المحلي من الحديد بالعام الماضي، بالإضافة إلى توقف عمليات البناء في مصر، وقال إن معدل استخراج الرخص البنائية أخر 3 سنوات في مصر بلغ 400 رخصة فقط للعام الواحد مما يعكس بوضوح توقف عمليات التشييد والبناء، متسائلا لماذا رغم كل هذه الأسباب الزيادة السعرية السعر في حين لدينا زيادة في الإنتاج وتوقف البناء بنسبة كبيرة ؟.
وتابع منصور، أنه مهتم بدراسة شاملة لرسوم إغراق الحديد خلال الوقت الحالي لما لها من تأثير على السعر، للوصول إلى نتائج صحيحة خاصة وأن هناك انقسام واضح حول القرار، فالبعض يُطالب بالإلغاء لخفض السعر وآخرين يرون أن مصانع ستعلن إفلاسها إذا تم إلغاء القرار.
وأوضح، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أن ارتفاع أسعار الحديد تؤثر بصورة واضحة على زيادة البطالة بين العاملين في قطاع المقاولات، مشيرًا إلى أن حركة البناء شبه متوقفة بسبب اشتراطات البناء الجديدة وأيضا توقف استكمال أعمال التصالح، وبالتالي من غير المنطقي ارتفاع السعر.
عضو «إسكان النواب»: إلغاء الرسوم لن يضر بالسوق المصري
ويرى النائب كريم طلعت السادات، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن مشكلة الحديد تكمن في لجوء كبري الشركات والمصانع المصرية المتكاملة في الصناعة، إلى التصدير لتوفير العملة الصعبة «الدولار» لإعادة استخدامه في استيراد بعض مستلزماتها، موضحًا أن نتيجة لعمليات التصدير أصبح هناك شح في توفيره وغياب بعض المقاسات من الأسواق.
وقال السادات، إن رفع رسوم الإغراق لا تمثل آية أضرارا على السوق المصري، حيث استمرار المصانع في عمليات الاستيراد بأسعار أقل سيخفض سعر مواد البناء، وعلى الجانب الأخر من يريد التصدير يُصدّر ومنه فائدة توافر الحديد واستقرار الأسعار، لافتًا إلى سعر طن الحديد المبالغ فيه بالمصانع الذى يبلغ 32 ألف جنيه في حين أنه يصل إلى المستهلك بأكثر من 45 ألف جنيه.
وأكد أنه يميل إلى قرار إلغاء رسوم الإغراق لأنها ستتسبب في تقليل تكلفة المُطور والمقاول وعمليات البناء بشكل عام، مطالبًا الحكومة بإلغاء الرسوم المفروضة على الإغراق وعدم تجديدها مرة أخرى، حتى تستمر المصانع في عمليات الاستيراد من الدول الأقل تكلفة ولحدوث وفرة بالحديد في السوق المحلي.
واقترح، عضو لجنة الإسكان، إلغاء رسوم الإغراق لبعض الدول وليس جميعها، مشيرًا إلى توقف العملية البنائية والمشاريع العقارية التي لم تسطع مواكبة التطورات المبالغ فيها بأسعار مواد البناء بالإضافة إلى الزيادات الجنونية بأسعار التشطيبات.
الجيوشي: القرار متروك للحكومة بما يتوافق مع الصالح العام
في نفس الشأن نفى طارق الجيوشي، رئيس مجموعة الجيوشي للصلب، إنه تقدمه بطلبات لإلغاء رسوم الإغراق، موضحًا أن هذه قرارات دولة ومن غير المنطقي التدخل.
وأضاف الجيوشي، أن إنتاج مصر من الحديد يصل إلى نحو 13 مليون طن مقابل 7 ملايين طن استهلاك محلي، مشيرا إلى وجود فرص واعدة للتوسع في تصدير المنتج للخارج، مؤكدا أن الفائض يبلغ حوالي 5 ملايين طن والقطاع يحتاج إلى الدعم من قبل الدولة.
مدير غرفة الصناعات المعدنية: الإلغاء سيعرض السوق لمخاطر وتقدمنا بطلب للتمديد
وكان للمهندس محمد سيد حنفي، مدير عام غرفة الصناعات المعدنية في اتحاد الصناعات، رأيا آخر مؤكدا تقدم الغرفة بطلب لتجديد فرض رسوم الإغراق على واردات الحديد من الخارج، واستنكر حنفي، الإلحاح على إلغاء رسوم الإغراق المفروضة على الحديد، مشيرًا إلى أن إلغائها يتطلب توفير دولار لاستيراد الحديد من والخارج فكرة الإلغاء لن تصبح ذات جدوى.
وأضاف، مدير عام غرفة الصناعات المعدنية، أن الأولى حاليًا تدبير دولار للمصنع كي يستورد المواد الخام من الخارج للتصنيع بكثرة وبالتالي خفض سعر المنتج المقدم إلى الجمهور وليس تدبيره لاستيراد الحديد من الخارج، موضحًا أن القرار يحمي الصناعة المصرية وإلغائه سيعرض السوق لمخاطر نحن في غنى عنها.
وتابع: الأزمة الرئيسية التي يعاني منها القطاع حاليا عدم توفر الخامات وبالتالي فالأسعار مرتفعة بشكل جنوني، مبينًا أن حال إلغاء هذا القرار لن يستطع الفرد استيراد الحديد من الخارج وستظل الأسعار مرتفعة كما هي.
وأوضح أن أسعار الخامات عالميًا انخفضت فعليا لكن المصنع لا يمتلك الدولار اللازم لاستيراد هذه الخامات من الخارج وبالتالي فهو مغلوب على أمره، مستنكرًا تمسك البعض بالاستيراد من الصين وتركيا وأوكرانيا، وهي الدول المفروض عليها الرسوم في حين أن نسبة تصديرهم للخارج انخفضت مؤخرًا، رغم أن هناك الكثير من الدول الأخرى التي تفتح أبوابها للاستيراد منها.