بدأت الإمارات يوم الخميس تطبيق ضريبة قدرها تسعة بالمئة على الشركات مع إعفاءات للمناطق الحرة التي تدعم اقتصادها، في وقت تسعى فيه الدولة النفطية التي لم تكن تفرض في السابق ضرائب إلى زيادة الإيرادات غير النفطية مع الحفاظ على مكانتها كمركز تجاري إقليمي.
ويأتي تطبيق ضريبة الشركات بعد إدخال ضريبة قيمة مضافة قدرها خمسة بالمئة في عام 2018، مما يعني تدريجيا انتهاء سياسة الإعفاء الضريبي التي كانت تنتهجها الإمارات وساعدتها على التحول لمركز دولي للتجارة والسياحة ونقطة لاجتذاب الأثرياء.
وقالت وزارة المالية، في لوائح جديدة نشرتها يوم الخميس، إن الكيانات المؤهلة في أكثر من 30 منطقة حرة في الإمارات، وتصدّر بضائع تقدر قيمتها بعشرات المليارات من الدولارات إلى الدول المجاورة، ستخضع لضريبة صفر بالمئة حتى لدى التعامل مع الدولة في أنشطة استراتيجية مثل التصنيع ومعالجة السلع والخدمات اللوجستية.
وردا على سؤال من وسائل الإعلام عما إذا كانت الإعفاءات الضريبية ستشجع الشركات على الانتقال إلى المناطق الحرة، قالت شبانا أمان خان المديرة التنفيذية للسياسة الضريبية في وزارة المالية إنه تم "تصميم النظام بما يضمن ازدهار القطاعات الاستراتيجية في المناطق الحرة". وأضافت "قد يحدث مستوى معين من الهجرة ولكن الهدف العام هو ضمان بقاء دولة الإمارات العربية المتحدة جذابة".
وتقول الحكومة إنها تبنت ضريبة الشركات لتتماشى مع الجهود الدولية لمكافحة التهرب الضريبي، وكذلك لمواجهة التحديات الناشئة عن رقمنة الاقتصاد العالمي. ولا تفرض دولة الإمارات ضرائب على دخل الأفراد.
وبدأت دول مجلس التعاون الخليجي تدريجيا في تبني إصلاحات ضريبية بعدما كانت تعتمد عادة في تمويل موازناتها على عائدات المواد الهيدروكربونية. ووافق المجلس عام 2017 على تبني ضريبة القيمة المضافة.
وتشير تقديرات وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد اند بورز إلى أن الضرائب يمكن أن تضيف اعتبارا من عام 2025 ما يتراوح بين 1.5 بالمئة و1.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى الإيرادات السنوية للإمارات السبع التي تضمها دولة الإمارات بناء على نموذج ضريبة القيمة المضافة الذي يمنح 70 بالمئة من الإيرادات المحصلة للإمارة وما تبقى منها للحكومة الاتحادية.
وقال تريفور كولينان من ستاندرد اند بورز "ستساعد الضرائب على تنويع إيرادات حكومة الإمارات بعيدا عن قطاع النفط. ومع ذلك، فإن التأثير الكامل غير واضح لأنه لم يجر الإعلان بعد بالضبط عن كيفية توزيع الضريبة بين الإمارات (التي تتشكل منها البلاد) كل على حده".
* نموذج ضرائب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية
تعتبر نسبة التسعة بالمئة التي فرضتها الإمارات على دخل الشركات الذي يزيد على 375 ألف درهم (حوالي 100 ألف دولار) هي الأدنى في دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء البحرين التي لا تفرض ضريبة عامة على الشركات.
ووفقا لشركة برايس ووتر هاوس كوبرز (بي.دبليو.سي) للاستشارات، تفرض السعودية ضريبة قدرها 20 بالمئة وقطر عشرة بالمئة والكويت 15 بالمئة على الشركات المملوكة لأجانب، وتطبق عمان ضريبة قدرها 15 بالمئة على الشركات.
وقال محمد رسول الرئيس التنفيذي لشركة أمانة، وهي شركة خدمات مالية متوسطة الحجم مقرها الإمارات، إن ضريبة الشركات هي خطوة طبيعية كي تواكب الإمارات أفضل الممارسات على مستوى العالم.
وأضاف "سيكون الأمر الجوهري هو ضمان بقاء الاقتصاد تنافسيا على المستويين الإقليمي والعالمي... ولكن لنكن واضحين، لا يبدو أن نسبة الضريبة مرتفعة للغاية، لا سيما مقارنة بما يجب على الشركات تقديمه في أماكن أخرى من العالم".
وستخضع الشركات اعتبارا من يوم الخميس لضريبة الشركات مع بداية سنواتها المالية مما يعني أن أثر العائدات الضريبية لن يكون ملموسا قبل 2025.
وتتزامن الضريبة التي فرضتها الإمارات مع حد أدنى عالمي جديد لضريبة الشركات وضعته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وصدق عليه 136 طرف من بينهم الإمارات لضمان سداد الشركات الكبرى ما لا يقل عن 15 بالمئة من دخلها وجعل التهرب الضريبي أكثر صعوبة.
ويقول خبراء في الضرائب إن الإمارات لم تنشر بعد لائحة توضح كيفية تنفيذ نموذج ضرائب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وكان يمكن لولا تطبيق النظام الخاص بالبلاد أن تجني أي دولة أخرى لنفس الشركات وجود فيه 15 بالمئة.
ويفرض القانون الإماراتي ضريبة قدرها صفر بالمئة على دخل الشركات الذي يقل عن 375 ألف درهم وتسعة بالمئة على دخل الشركات الذي يزيد عن ذلك الحد مع وجود إعفاءات لأصحاب الدخل الأصغر وعدم فرض ضرائب على الدخل الشخصي من التوظيف والاستثمار والعقارات.
وقال وسيم شاهين رئيس وحدة ضرائب الشركات في شركة كيه.بي.إم.جي لخدمات التدقيق والاستشارات "أرادوا جعلها داعمة قدر الإمكان للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة. وفي نفس الوقت لا يريدون تشجيع الشركات على الابتعاد عن الإمارات".