لجأت العديد من البنوك المركزية العالمية إلى شراء كمية كبيرة من الذهب، بهدف تعزيز احتياطياتها ودعم سلال العملات لديها، باعتباره الملاذ الآمن ، في ظل تسارع الأحداث العالمية وما خلفته من التداعيات السلبية على الاقتصاد العالمي نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية خلال الفترة الأخيرة.
كباقي البنوك المركزية، اتجه المركزي المصري، لتعزيز رصيد احتياطياته الدولية، عبر تنويعها بزيادة مكون الذهب ضمن صافي الاحتياطيات الدولية، بشكل كبير خلال الفترة الماضية، للاستفادة مما يملكه المعدن الأصفر كوسيلة مهمة للتحوط ضد تقلبات العملات.
وطبقًا لبيانات مجلس الذهب العالمي، فإن ترتيب مصر هو الثاني من بين الدول العربية امتلاكاً للذهب ضمن الاحتياطيات الدولية، مشيراً إلى أن مصر تمتلك ذهباً نسبته 21.8% من احتياطاتها الدولية.
وتنتج مصر ما يقرب من 16 طنا من الذهب سنويًا، ويأتي معظمه من خلال منجم السكري في صحراء النوبة، وفقا لإحصاءات وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية.
وزاد اهتمام الحكومة المصرية بإنتاج الذهب المحلي وشراء كمية منه بشكل شهري من الشركة صاحبة امتياز منجم السكري منذ عام 2017 وانعكس ذلك على احتياطاتها من الذهب.
ووفقًا لتقارير صندوق النقد الدولي، استحوذ الدولار على 58% من جميع احتياطيات البنك المركزي خلال الربع الرابع من العام الماضي، وشكل اليورو أكثر من 20%، والرينمينبي (الصيني) 2.7% فقط.
كشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، في تقرير صدر عنها عبر على موقعها الإلكتروني، إن كمية الذهب المشتراة من قبل البنوك المركزية ارتفعت بنسبة 152% على أساس سنوي في عام 2022 إلى 1135.7 طن مقابل 450.1 طن، وفقًا لمجلس الذهب العالمي.
وأظهر استطلاع سنوي- تم إعداده في فبراير إلى منتصف مارس 2023- شمل 83 بنكًا مركزيًا، يديرون ما مجموعه 7 تريليونات دولار من أصول النقد الأجنبي، أن أكثر من ثلثي العينة يعتقدون أن أقرانهم سيزيدون حيازاتهم من الذهب في عام 2023 بحسب فايننشال تايمز.
وتميل السبائك إلى أن تصبح أكثر جاذبية في أوقات عدم الاستقرار، وارتفع الطلب عليها خلال العام الماضي، بحسب التقرير.
وصنف معظم مديري الاحتياطيات، الذين شملهم الاستطلاع، المخاطر الجيوسياسية باعتبارها واحدة من أهم اهتماماتهم - في المرتبة الثانية بعد التضخم المرتفع - وفقًا لمسح HSBC عن اتجاهات إدارة الاحتياطي بحسب ما تنشره البنوك المركزية.
وصنف أكثر من 40% من المشاركين في الاستطلاع أن المخاطر الجيوسياسية أحد أهم عوامل الخطر لديهم، مقارنة بـ 23% في استطلاع العام الماضي.
وبحسب فايننشال تايمز، فإن حوالي ثلث الذين شملهم الاستطلاع غيروا، أو كانوا يخططون لتغيير الأصول التي يشترونها بسبب التوترات مثل الغزو الروسي لأوكرانيا وتفاقم العلاقات الأمريكية الصينية.
وقال فيكتور مينديز باريرا، الذي قام بكتابة نتيجة تقرير الاستطلاع، إن الحرب الروسية الشاملة في أوكرانيا خلق "عاملاً يحتاج مديرو الاحتياطيات الآن إلى حسابه".
وأدت الحرب إلى فرض التحالف الغربي بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات مالية واسعة النطاق على موسكو، بما في ذلك تدابير لتجميد أصول البنك المركزي الروسي بقيمة 300 مليار دولار، بحسب تقرير فايننشال تايمز.
ولم تندرج احتياطيات الذهب لدى البنك المركزي تحت النطاق المباشر للعقوبات حيث تم تخزينها في روسيا، وفقا للتقرير.
وتظهر أرقام مجلس الذهب العالمي أن العديد من عمليات شراء الذهب خلال العام الماضي تمت من قبل البنوك المركزية في البلدان غير المتحالفة مع الغرب.
وفق لما ذكرته فايننشال تايمز، اشترى بنك الصين الشعبي 62 طناً من الذهب في نوفمبر وديسمبر 2022، مما رفع إجمالي احتياطياته من السبائك إلى أكثر من 2000 طن للمرة الأولى.
وارتفعت احتياطيات تركيا الرسمية من الذهب بمقدار 148 طناً إلى 542 طناً خلال عام 2022.
كما أدرج المجلس دولاً في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ضمن قائمة "المشترين النشطين" للذهب العام الماضي.
وقال جون ريد ، كبير استراتيجيي السوق في مجلس الذهب العالمي، إن العقوبات المفروضة على البنك المركزي الروسي "دفعت العديد من البنوك المركزية غير المنحازة إلى إعادة النظر في المكان الذي ينبغي أن تحتفظ فيه باحتياطياتها الدولية".
وأضاف: "لقد أدركت الدول أن الذهب الذي تحتفظ به روسيا، لأنه خارج عن سيطرة أي شخص آخر، مفيد في المواقف التي قد لا تتمكن فيها من الوصول إلى أي احتياطيات أخرى".
بينما تم تخزين الذهب الروسي في الداخل، تحتفظ العديد من البنوك المركزية باحتياطياتها في الخارج، بما في ذلك في بنك إنجلترا والاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، مما يعكس مكانة لندن ونيويورك كأكبر أسواق تداول الذهب.
كما كان يُنظر إلى الذهب على أنه وسيلة تحوط فعالة ضد التضخم المرتفع - الشاغل الأول لأكثر من 70% من الذين شملهم الاستطلاع.
ويقترب سعر السبائك الآن من أعلى مستوى اسمي له على الإطلاق، بعد ارتفاع التضخم على مدار عام 2022.
وقال غالبية الذين شملهم الاستطلاع إن عملة الرنمينبي الصينية سيصبح لها حصة أكبر من الاحتياطيات الدولية على مدى ما تبقى من هذا العقد.
وحذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد في خطاب ألقته الأسبوع الماضي من أن الخلافات بين الولايات المتحدة والصين تهدد المراكز القيادية للدولار واليورو في إدارة الاحتياطي العالمي.