أصدرت جيه إل إل، الشركة الرائدة في الخدمات المهنية والمتخصصة في إدارة العقارات والاستثمارات، أحدث تقريرها بعنوان "استعراض أداء سوق العقارات في القاهرة خلال الربع الأول من عام 2023" والذي رجّحت فيه أن يؤدي برنامج الخصخصة المعاد تفعيله من جديد والهادف إلى ضخ استثمارات أجنبية مباشرة في الاقتصاد المصري إلى تحفيز أنشطة أعمال البناء وتسريع تعافي قطاع العقارات في القاهرة خلال السنوات المقبلة.
وباستمرار تصفية الأصول المملوكة للدولة، تهدف الحكومة إلى مضاعفة دور القطاع الخاص في الاقتصاد لتصل مساهمته إلى 65%، بالإضافة إلى جذب 40 مليار دولار في صورة استثمارات خاصة بحلول عام 2026. ومن المنتظر أن تحفز هذه الخطوة استقطاب استثمارات جديدة من مجموعة من المستثمرين الإقليميين والدوليين للتخفيف من التحديات المستمرة التي تواجه الاقتصاد الكلي، وضمان استقرار أسعار صرف العملات الأجنبية، ما سيمهد الطريق أمام زيادة مستويات الإشغال والنشاط الاستثماري عبر مختلف شرائح القطاع العقاري بما في ذلك الوحدات السكنية ومنافذ التجزئة وقطاع الضيافة والمساحات المكتبية التجارية خلال السنوات المقبلة.
وفي هذا السياق، قال أيمن سامي، رئيس مكتب جيه إل إل مصر: "سيعزز التدفق المتوقع للاستثمار الأجنبي المباشر من مستوى التفاؤل، ومن المتوقع أن يخفف الضغط على الأنشطة العقارية في جميع أنحاء الجمهورية، ولا سيما في العاصمة القاهرة. وتهدف التدابير الاستباقية التي اتخذتها الحكومة في شكل الدعم الحكومي وتمديد المواعيد النهائية للبناء إلى تخفيف التحديات الحالية التي يواجهها قطاع العقارات، وتمكين أصحاب المصلحة من التغلب على الرياح الاقتصادية المعاكسة".
توقعات إيجابية لقطاع الضيافة
يشير الارتفاع الجيد في مستويات تدفق السائحين؛ وزيادة الإنفاق الرأسمالي على مشاريع البنية التحتية ومناطق الجذب السياحي؛ فضلاً عن الوجود المتزايد لعلامات الضيافة العالمية، إلى توقعات إيجابية لقطاع الضيافة في القاهرة. ففي الربع الأول من عام 2023، ظل معروض السوق الحالي من الغرف الفندقية في القاهرة ثابتاً عند 28000 غرفة، ومن المتوقع أن تشهد العاصمة المصرية إنجاز حوالي 900 غرفة خلال هذا العام.
وتبرز خطط شركة هيلتون الرامية إلى مضاعفة محفظة مشاريعها في مصر خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة الطريقة التي ينظر بها المشغلون الرئيسيون إلى قطاع الضيافة في مصر بوصفه فرصة استثمارية. ومن المنتظر أن يشهد هذا العام افتتاح عملاق الضيافة لفندقين، من بينهما أول فندق من العلامة التجارية الفاخرة "والدورف أستوريا" في منطقة مصر الجديدة بالقاهرة.
ولا ريب أن تراجع قيمة الجنيه قد لعب دوراً في اجتذاب السياح، ومن المتوقع أن تستقبل الجمهورية 15 مليون زائر هذا العام، بزيادة قدرها 28% عن عام 2022. كما أدت الجهود المتضافرة التي تبذلها الحكومة لدعم السياحة من خلال تعزيز الاتصال والبنية التحتية، إلى جانب الإعلان عن إتاحة الحصول على تأشيرة لمدة 5 سنوات لعدد 180 جنسية، إلى زيادة قدرها 34% في عدد السياح الذين زاروا مصر خلال شهري يناير وفبراير فقط من عام 2023. وسجلت مستويات الإشغال في القاهرة 74% في فبراير 2023 مقارنة بنسبة 62% خلال نفس الفترة من العام الماضي، في حين قفز متوسط الأسعار اليومية بنسبة 19%% مسجلاً 135 دولاراً وارتفعت الإيرادات لكل غرفة متاحة بنسبة 40% لتسجل 100 دولار خلال الفترة نفسها.
استمرار النمو في سوق الإيجارات السكنية
شهد الربع الأول من عام 2023 تسليم حوالي 4000 وحدة سكنية، ليصل إجمالي المعروض الحالي في السوق إلى حوالي 249000 وحدة. ومن المنتظر أن تشهد الفترة المتبقية من العام إنجاز أكثر من 29000 وحدة سكنية. ولكن من المتوقع حدوث تأخيرات في إنجاز المشاريع بسبب ارتفاع تكاليف البناء، والتي ستعيق بدورها الجداول الزمنية للمطورين. وعلاوةً على ذلك، قرر بعض المطورين إيقاف مشاريعهم المعلنة، مع استمرار حالة الإحجام الكامل تقريباً عن إطلاق مشاريع جديدة خلال الربع الأول.
وشهد سوق الإيجارات نمواً قوياً، حيث ارتفعت الإيجارات بوتيرة أسرع (مقارنة بالأرباع السابقة) بنسبة 11% في 6 أكتوبر و8% في القاهرة الجديدة.
ومن المرجح أن تؤدي التدابير التي اتخذتها الحكومة بهدف دعم سوق الإسكان و تعزيز الطلب المحلي القوي المعهود في البلاد، إلى انعاش هذا القطاع خلال السنوات القادمة. وفي خطوة جريئة، أصبحت شركة إعمار مصر أول مطور عقاري في القاهرة يبدأ في بيع الوحدات بأحد مشاريعها بالسعر الحالي لصرف الدولار، مع وضع حد أقصى لسعر الصرف للتحوط من ارتفاع تكاليف البناء والحفاظ على استمرارية مشاريعها.
ارتفاع الطلب على المساحات المكتبية المرنة
بلغ إجمالي معروض السوق الحالي من المساحات المكتبية في القاهرة حوالي 1.9 مليون متر مربع عقب تسليم ما يقرب من 21000 متر مربع من المساحات المكتبية خلال الربع الأول من عام 2023. وتقدر جيه إل إل أن السوق سيشهد إنجاز 310000 متر مربع إضافية بحلول نهاية العام.
وخلال الربع الماضي، انخفض متوسط أسعار الإيجارات على مستوى المدينة بنسبة 1% مقارنةً بالعام الماضي مسجلاً 358 دولاراً للمتر المربع سنوياً. ولكن الواقع أن أسعار الإيجارات ترتفع عند تحويلها إلى العملة المحلية على خلفية استمرار انخفاض قيمة الجنيه.
كما شهد الربع الأول أيضاً استمرار ضعف نشاط الشركات متعددة الجنسيات والوافدون الجدد إلى السوق، مع استمرار مراكز الاتصال في توجيه غالبية الطلب إلى الوحدات المكتبية الأصغر حجما من الفئة "ب". وعليه، قفز معدل الشواغر على مستوى السوق إلى 13% خلال الربع الأول من عام 2023، كما أدت أسعار الإيجارات المتضخمة الحالية ووضع العملة المتقلب إلى لجوء المزيد من المستثمرين إلى توقيع عقود إيجار مرنة قصيرة الأجل للوحدات المكتبية المجهزة، ما شجع مشغلي المساحات المكتبية الأكثر مرونة على التوسع في العاصمة.
توقعات بانتعاش قطاع منافذ التجزئة على المدى الطويل
من المتوقع أن يؤدي عدد السكان الكبير والمتنامي في مصر بالإضافة إلى ثقافتها التي تقوم على التسوق والتنزه إلى تسريع وتيرة نمو قطاع منافذ التجزئة على المدى الطويل. وقد شهد الربع الأول من عام 2023 إنجاز ما يقرب من 19000 متر مربع من منافذ التجزئة في القاهرة ليصل إجمالي معروض السوق إلى حوالي 2.9 مليون متر مربع. كما شهدت تلك الفترة تعليق أو تأجيل مواعيد إنجاز العديد من المشاريع على خلفية ارتفاع تكاليف البناء والتحديات التي تواجه عملية التأجير والناجمة عن التركيز العالي لمراكز التسوق ضمن مناطق محدودة في المدينة.
وظل الطلب والإقبال على مراكز التسوق الإقليمية والإقليمية الكبرى منخفضاً خلال الربع الماضي، في حين كان أداء منافذ التجزئة الخارجية ومراكز التسوق المحلية أفضل قليلاً بفضل سهولة إمكانية الوصول النسبية إليها والأداء القوي لقطاع المأكولات والمشروبات. وحافظت معدلات إيجارات مراكز التسوق الرئيسية على استقرارها خلال الربع الأول من عام 2023 مقارنةً بالعام الماضي، بينما شهدت مراكز التسوق الفرعية زيادة قدرها 4% في المتوسط. وخلال الفترة نفسها، انخفض متوسط معدل الشواغر بشكل طفيف إلى 9% بعد أن كان 11% في الربع الأول من عام 2022.
ولتحقيق إيرادات قصيرة الأجل والحفاظ على السيطرة على مزيج المستأجرين، اختار بعض الملاك بيع أقل من 50% من ملكية وحدات التجزئة لمجموعة من المستثمرين المحتملين. ومن المتوقع بحلول نهاية عام 2023 أن يشهد القطاع إنجاز حوالي 195 ألف متر مربع من منافذ التجزئة.