تراجع معدلات تشغيل القروض إلى الودائع في البنوك إلى 47.4% بسبب تقييد منح التسهيلات الائتمانية نتيجة التقلبات الاقتصادية


والبنوك تبحث عن بدائل استثمارية أخري مثل أدوات الدين الحكومية

الاحد 19 فبراير 2023 | 06:02 مساءً
شهادات الادخار في البنوك الحكومية
شهادات الادخار في البنوك الحكومية
فاطمة إمام

شهدت معدلات توظيف القروض إلى الودائع في البنوك المصرية خلال الـ 9 أشهر الأولي من العام الماضي تراجعًا طفيفًا لتصل إلى 47.4 % في نهاية سبتمبر 2022، مقارنة مع 48.4 % في ديسمبر 2021، وأرجع مصرفيون ذلك نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة معدلات التضخم خلال الفترة الماضية، مع توقعات بأن تعادل أو تتخطى المعدلات ما تحقق في العام قبل الماضي بعد ظهور نتائج الربع الأخير من العام الماضي.

ووفقًا لبيانات صادرة عن البنك المركزى المصرى، كانت القفزة فى تشغيل القروض إلى الودائع خلال عام 2016 من %41.5 فى نهاية ديسمبر 2015 لتصل إلى مستوى %47.1 فى نهاية ديسمبر 2016، قبل أن تنخفض خلال الأعوام التابعة بعد إجراءات الإصلاح الاقتصادى ورفع الفائدة من قبل البنك المركزى منذ نوفمبر 2016.

وقال مصرفيون في تصريحات صحفية لـ«العقارية» إن التراجع فى مؤشر نسب تشغيل القروض إلى الودائع خلال الربع الثالث من العام الماضي جاء نتيجة الأزمات الاقتصادية التى شهدها العالم خلال الأشهر الماضية، مشيرين إلى أن عدد من البنوك المصرية بدات مؤخرًا في التقييد في عمليات منح التسهيلات الأئتمانية نتيجة تعرض بعض القطاعات إلى التقلبات الاقتصادية نتيجة تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.

وأوضح المصرفيون أن تراجع المؤشر جاء مدفوعًا بزيادة النمو فى أرصدة ودائع الأفراد خلال الآونة الأخيرة وهو ما أسهم بشكل مباشر في زيادة الفجوة بين حجم الودائع ونسب التشغيل القروض.

وأضافوا أن البنوك المصرية اتجهت للبحث عن بدائل لتوظيف مدخرات العملاء والتوجه للاستثمار في أدوات الدين الحكومية تزامنًا مع زيادة أسعار الفائدة خلال الفترة الأخيرة، بدلاً من الاعتماد بنسبة كبيرة على توظيف الأموال في منح تسهيلات ائتمانية.

وأشارو إلى أن المبادرات التي أعلنت عنها الدولة الموجه لقطاعات الصناعة والزراعة ستلعب دورا بارزًا فى دعم التمويل المصرفى خلال الفترة المقبلة، متوقعين في زيادة معدلات توظيف القروض للودائع داخل البنوك بنهاية العام المقبل 2022.

وقال شريف سامي عضو مجلس إدارة البنك التجاري الدولي، والرئيس الأسبق لهيئة الرقابة المالية، إن معدلات توظيف القروض إلى الودائع شهدت تقلبات ما بين الهبوط والصعود خلال السنوات الماضية، إلا أنها لم تصل إلى النسبة المرجوة بعد ولم ترتقى إلى المعدلات المستهدفة، نتيجة النمو الأكبر في أرصدة الادخار عن معدلات النمو فى أرصدة القروض.

وأوضح أن نسبة معدل تشغيل القروض للودائع تختلف من بنك لآخر حسب طبيعة كل مصرف وفقا لإجمالي حجم الودائع لديها، مضيفًا أن المعدل العالمي لتوظيف القروض للودائع بالبنوك يقدر بنحو 74.4 %، ومن المستهدف زيادته بالبنوك المصرية إلى 65% تماشياً مع توجهات البنك المركزي بزيادة معدلات التوظيف.

وأضاف «سامي» أن بعضا من البنوك العاملة في السوق المحلية المصرية كان لديها شيء من التحفظ فى منح تسهيلات ائتمانية جديدة، حيث فرضت الفترة السابقة على الجهاز المصرفي التحوط بشكل أكبر ضد مخاطر الائتمان، لاسيما بعد أن تعرضت بعض القطاعات الاقتصادية إلى أضرار نتيجة تداعيات الأزمة العالمية خلال الفترة الماضية.

ولفت إلى أن نسبة معدل توظيف القروض للودائع تنقسم إلى عملات أجنبية ومحلية وبالتالي تراجع نسبة تشغيل القروض عن الودائع نتيجة تراجع الطلب على الائتمان بالعملات الأجنبية بسبب تذبذب أسعار الصرف في الأشهر القليلة الماضية.

وذكر أن استراتيجية بعض البنوك المصرية تتمثل في التوسع بشكل طفيف في الاستثمار في السندات وأذون الخزانة، موضحًا أن زيادة معدلات تشغيل القروض إلى الودائع بالبنوك، تعتمد على العودة الكاملة للنشاط الاقتصادي وانتعاش الاستثمار والأسواق والعودة إلى انخفاض أسعار الفائدة ما يدعم زيادة معدلات الطلب على الائتمان خلال الفترة المقبلة.

وقررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري في اجتماعها يوم الخميس الموافق 2 فبراير 2023 ، تثبيت سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي ليصل عند مستوى 16.25% و 17.25% و 17.75% على الترتيب، كما تم زيادة سعر الائتمان والخصم بواقع 300 نقطة أساس إلى مستوى 16.75%.

وفي سياق متصل ألمح وليد ناجي نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقاري المصري أن تراجع نسبة معدلات توظيف القروض إلى الودائع جاء مدفوعًا بزيادة النمو فى أرصدة ودائع القطاع العائلي خلال الآونة الأخيرة وهو ما أسهم بشكل مباشر في زيادة الفجوة بين حجم الودائع ونسب تشغيل القروض.

وأوضح أنه على الرغم من التطورات الاقتصادية الحالية التى يشهدها العالم، الناجمة عن استمرار تداعيات الأزمة الروسية الاوكرانية إلى جانب زيادة معدلات التضخم إلا أن القطاع المصرفى حقق معدلات نمو جيدة فى توظيف القروض للودائع مقارنة بالدول الأخرى.

وأضاف أن القطاع المصرى أتجه فى الفترة الحالية للبحث عن بدائل لتوظيف مدخرات العملاء والتوجه للاستثمار في أدوات الدين الحكومية تزامنًا مع زيادة أسعار الفائدة خلال الفترة الأخيرة، بدلاً من الاعتماد بنسبة كبيرة على توظيف الأموال فى منح تسهيلات ائتمانية.

وأعلن البنك المركزي المصري مؤخرا ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي ليصل إلى 31.2% بنهاية يناير 2023، مقابل 24.4% بنهاية ديسمبر 2022، موضحًا أن المعدل الشهري للتضخم الأساسي سجل 6.3% بنهاية يناير 2023، مقابل 2.6% بنهاية ديسمبر 2022، و0.8% في ذات الشهر من العام السابق.

ولفت الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي لأسعار السلع بإجمالي الجمهورية خلال يناير الماضي إلى 26,5%، مقابل 21.3% في ديسمبر 2022.

وتوقع وليد ناجي أن المبادرات التي أطلقتها الحكومة خلال الأسابيع الماضية الموجهة لقطاعات الصناعة والزراعة ستلعب دورا محوريا في دعم التمويل المصرفى خلال الفترة المقبلة، خاصة مبادرة الصناعة، وهو ما يسهم في زيادة معدلات توظيف القروض للودائع داخل البنوك بنهاية الربع الرابع من العام الماضي 2022.

ومن ناحية أخرى يرى محمد عبدالمنعم مدير قطاع الائتمان بأحد البنوك الخاصة أن معدلات تشغيل القروض إلى الودائع بالجهاز المصرفي مازالت منخفضة مقارنة بالمستويات العالمية الحالية، موضحا أن انخفاض مؤشر معدل توظيف القروض للودائع يعود بشكل أساسي إلى النمو الهائل للودائع عقب قرار التعويم بسبب ارتفاع الفائدة على العملة المحلية، لاسيما أن التأثير جاء سلبيا على القروض نظرا لتقلص الطلب من جانب الشركات الخاصة على الائتمان سواء لتنفيذ توسعات أو مشروعات جديدة.

وأضاف أن زيادة معدلات الفائدة كان عائقًا خلال الآونة الأخيرة أمام ارتفاع العائد على الإقراض في البنوك وهو ما أسهم بشكل مباشر فى تراجع معدلات التوظيف، فى الوقت الذى زادت فيه نسبة الإيداع بشكل كبير بسبب الشهادات مرتفعة العائد.

و أعلن البنك المركزي في تقرير صدر عنه عن ارتفاع ودائع القطاع العائلي إلى 7.819 تريليون جنيه بنهاية سبتمبر 2022، مقارنة مع 7.648 تريليون جنيه بنهاية أغسطس 2021، كما استحوذت البنوك العشرة الكبار على 6.043 تريليون جنيه من قيمة الودائع بنهاية سبتمبر الماضي.

وأشار إلى أن مبادرات البنك المركزى لعبت دورا محوريا فى دعم التمويل المصرفى، خاصة مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال السنوات الماضية وهو ما أسهم في زيادة معدلات التوظيف خلال تلك الفترة.

وتوقع مدير قطاع الائتمان تراجع مؤشر التوظيف خلال الربع الأخير من العام الماضي، نتيجة زيادة معدلات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية.

وعلى الجانب الأخر يرى محمد عبدالعال الخبير المصرفي، أن أتجاه لجنة السياسات النقدية إلى زيادة معدلات الفائدة على الإيداع والإقراض خلال الآونة الأخيرة، ساعد على تباطؤ النمو في حجم الاقتراض خلال الفترة الماضية وهو ما أنعكس بشكل سلبي على تراجع معدل تشغيل القروض للودائع خلال الربع الثالث من العام الماضي.

وأشار إلى أن زيادة معدلات تشغيل القروض إلى الودائع مرهون بالمبادرات التي أطلقتها الحكومة ، مشيرا إلى أن أن المبادرات ستساهم بشكل إيجابي في تقليل تكلفة التمويل داخل السوق المحلية المصرية، وزيادة حجم الطلب الائتمان خلال الفترة المقبلة.

وأعلنت الحكومة عن تخصيص نحو 150 مليار جنيه لدعم قطاع الزراعة والصناعة، منها نحو 140 مليار جنيه لتمويل عمليات رأس المال العامل، بالإضافة إلى نحو 10 مليارات جنيه لتمويل شراء السلع الرأسمالية، وكشف محمد معيط، وزير المالية، عن أبرز ملامح مبادرة دعم القطاعات الإنتاجية والتي تتضمن خفض أسعار الفائدة على القروض المقدمة لهذه القطاعات؛ لمساعدتها في مواجهة التداعيات السلبية.

وأوضح وزير المالية أنه سيتم تحديد حجم الائتمان المتاح لكل شركة في ضوء حجم أعمالها والقواعد المصرفية المنظمة لذلك، مؤكدا أنه سيتم تقديم التمويل للشركات المنظمة للمبادرة بواقع سعر فائدة منخفض يبلغ 11%، على أن تتحمل الدولة الفرق في سعر الفائدة.