حسين صبور : انطلاقة استثمارية كبرى بـ «الساحل الشمالى» خلال 2020


الاحد 21 يوليو 2019 | 02:00 صباحاً

هو «الأب الروحى» لقطاع العقار فى مصر .. أو نستطيع القول إنه «الجراح الأمهر» فى هذا المجال الذى يستطيع  دون غيره وبمهارة فائقة على تحديد الآلام التى يعانى منها القطاع ووضع العلاج المناسب له.

عندما نريد التحدث عن قطاع العقار.. تطلعاته وبزوغه .. همومه وانكساراته .. قوته وضعفه .. لا بد من الذهاب إلى  المهندس حسين صبور، رئيس شركة الأهلى صبور للتنمية العقارية، الذى أثنى فى حواره لـ «جريدة العقارية» على المخطط التنموى الجديد، الذى أعلنت عنه الدولة لمنطقة الساحل الشمالى الغربى بعد أن شهد عقودًا من عشوائية التخطيط والتنظيم وإهدار موارده الهائلة التى تؤهله؛ لأن يصبح نقطة مضيئة على خريطة السياحة العالمية، مؤكدًا أن الدولة أصبحت تضع معايير وضوابط صارمة لتنفيذ مخططاتها التنموية بالمنطقة.

«صبور» شدد فى حديثه على أهمية تخصيص المناطق المطلة على البحر للمشروعات الفندقية والترفيهية بما يساهم فى درعوائد مالية واقتصادية كبرى للدولة بدلًا من المشروعات العقارية التى تعمل بصورة موسمية، مستشهدًا بدول أوروبا المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والتى جعلت من شواطئها مدنًا متكاملة لخدمة مختلف الطبقات طيلة العام.

و أشار«صبور» إلى أن عام 2019 سوف يشهد ارتفاعًا فى أسعار العقارات بصورة ملحوظة، متوقعًا تزايد حجم الطلب على الوحدات الصغيرة من قبل العملاء وتراجع نسبة المستثمرين من أصحاب الفوائض المالية. 

** كيف ترى المخطط التنموى الذى تقوم به الدولة فى الساحل الشمالى الغربى لتحويله من منطقة موسمية إلى منطقة تعمل على مدار العام، خصوصًا أن هذه المنطقة امتلأت بمشروعات «السكند هوم»، فكيف ستنجح محاولات تحويلها لمدن سكنية تستخدم طوال العام؟ 

 * الساحل الشمالى الغربى تم تأسيسه على أن يكون مدينة مليونية ومصيفًا عالميًا مفتوحًا طول العام، وليس قصرًا على المشروعات السياحية فقط «السكند هوم»، كما هو الحال الآن، ففى رأيى أن المخطط الاستراتيجى لهذه المنطقة يجب أن يخصص الصف الأول منه للفنادق السياحية، تليها مناطق ترفيهية وخدمية  لخدمة هذه السياحة، فضلا عن ضرورة إنشاء محطات لتحلية مياه البحر لبعدها عن النيل، وإنشاء مناطق صناعية مرتبطة بالزراعة والمشروعات الغذائية، بجانب توفير مساكن للعمال الذين سيتم استقطابهم هناك للتحول إلى مجتمعات متكاملة الخدمات، خصوصًا أن مصر تمتلك نقاطًا استثمارية جاذبة .. لكن المشكلة أنه تم إهمال الساحل خلال العقود الماضية وأصبح يعانى من عشوائية التخطيط وعدم استغلاله إلا أثناء المصيف فقط، و لا يدر على الدولة أى موارد اقتصادية على عكس ما يحدث فى دول أوروبا المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط شمالًا، والتى قامت بتحويل سواحلها إلى مناطق جذب سياحى عالمى تدر موارد مالية ضخمة للدولة حيث قامت بتخطيطها بصورة متميزة من خلال دعم كل الأنشطة السياحية بها عبر تدشين فنادق تستوعب مختلف الطبقات على البحر بجانب إنشاء مناطق ترفيهية وخدمية ومحال تجارية  للتسوق، وسكن للعاملين ومستشفيات و مدارس ، بمعنى أنها جعلت هذه الشواطئ محورًا لتنمية المنطقة بالكامل. 

** وما تأثير هذا المخطط الذى أعلنت عنه الدولة لتنمية الساحل الشمالى الغربى ككل ؟

* هذا المخطط سوف يساهم فى تنمية المنطقة بالكامل، وتنفيذ عملية التنمية بأسلوب منظم وممنهج خصوصًا أنها أوقفت تدشين أى مشروعات استثمارية جديدة بالمنطقة لحين الإعلان عن ملامح هذا المخطط الجديد بخلاف من قاموا بالحصول على تراخيص لمشروعاتهم فى وقت سابق، والذين لا يتعدى عددهم ثلاثة إلى أربعة مشروعات الأمر الذى سيترتب عليه قلة المعروض من الوحدات السياحية بالساحل الشمالى الغربى هذا العام، وهو ما يعنى ارتفاع أسعار الوحدات، وهذا المخطط الجديد سوف يحافظ على منهجية البناء و حرم البحر.

** وهل تعتقد أن مدينة العلمين الجديدة سوف تساهم فى تغيير صورة وملامح الساحل الشمالى الغربى ؟   

 * ارتفاع عدد السكان بصورة كبيرة أدى إلى تفكير المخططين فى البحث عن مدن جديدة لاستيعاب هذه الزيادة، وكانت مدينة العلمين الجديدة أقرب الحلول لتحقيق ذلك ، حيث هدف المخططون إلى خلق مدينة جديدة تقع ما بين الإسكندرية و مطروح لتكون نواة مدينة عمرانية بهذه المنطقة تعمل على توفير عوامل الجذب المجتمعى كالمدارس والجامعات وممثلى الوزارات و المناطق الترفيهية كالمولات والسينمات و المسارح، وكذلك وسائل المواصلات السريعة والحديثة، بالإضافة إلى توفير فرص عمل من خلال إقامة المناطق الصناعية و الزراعية التى تساهم فى تخفيف حدة الضغط، كما أنها ستلعب دورًا محوريًا أيضًا فى أن تكون نقطة جذب قوية؛ لجذب انتباه بوصلة المشترين لهذه المنطقة من جانب وتشجيع الحركة السياحية على الساحل الشمالى الغربى من جانب آخر.

** باعتبارك من أكبر الخبراء فى القطاع العقارى ..هل سيشهد الساحل الشمالى انطلاقة جديدة خلال الفترة المقبلة ؟

* بالطبع أتوقع أن يشهد الساحل الشمالى الغربى انطلاقة استثمارية كبرى خلال 2020 عقب الإعلان عن ملامح المخطط التنموى الجديد للمنطقة من قبل الحكومة المصرية بقوانينه وملامحه، حيث إنها ستقوم بفتح باب الاستثمارعلى مصراعيه، خصوصًا فى المنطقة الواقعة ما بين محافظة مرسى مطروح غربًا وحتى حدود ليبيا، والتى تقدر مساحتها بنحو 200 كيلو متر خاصة  وهى المنطقة التى لم تطأها يد التطوير وأتوقع أن يتضمن المخطط تخصيص الأراضى المطلة على البحر لإقامة الفنادق السياحية والمطاعم و الكافيتريات والمشروعات الخدمية ، بالإضافة إلى توسعة حرم البحر خصوصًا عقب صدور دراسة عن وزارة الرى، تؤكد أن سواحل البحر الأبيض المتوسط الأكثر سرعة فى التآكل مقارنة بشواطئ البحر الأحمر.

** وماذا عن توقعاتك بالنسبة لحجم مبيعات الساحل الشمالى الغربى هذا العام؟

* لا أتوقع تراجع حجم المبيعات خلال هذا العام خصوصًا أن نسبة كبيرة من الشركات ما زالت تمتلك مخزونًا من وحدات «السكند هوم» بالساحل الشمالى و تعمل على تسويقها. 

** فى تقييمكم ما هى أبرز متطلبات العملاء فى وحدات «السكند هوم» ؟

آخر الإحصائيات المتخصصة فى هذا الأمر أشارت إلى أن ثمن الوحدة و طرق السداد تأتى فى نهاية قائمة متطلبات العملاء بالنسبة للوحدات، حيث أول ما يبحث عنه العميل فى الوحدة هو شاطئ جيد يتوافر به خدمات ترفيهية وخدمية، فضلًا عن توافر مطاعم و كافيتريات بمستويات مختلفة ، بجانب توفير الأمان بالقرية أو المنتجع ، وأخيرًا خدمات ما بعد البيع، ولذلك أؤكد  أنه يجب على الشركات أن تعى هذه العوامل .

** وماذا عن استراتيجية الشركة الاستثمارية بمنطقة الساحل الشمالى الغربى ؟

* على مستوى الساحل الشمالى انتهت الشركة من تنفيذ المراحل الثلاثة الأولى من مشروع أمواج، وتم تنفيذ 60 % من المرحلة الرابعة بالمشروع التى تقع على مساحة 61 فدانًا، وتستهدف الشركة التوسع فى مشروع أمواج من خلال مراحل بنائية جديدة ضمن مخططها الاستثمارى فى منطقة الساحل الشمالى على مساحة 15 فدانًا مجاورة للمشروع مملوكة لشركة شمال مصر للاستثمار والتنمية، كما تتضمن الاستراتيجية الاستثمارية للشركة فى منطقة الساحل الشمالى تنفيذ مشروع «جايا» الذى تم الانتهاء من التصميمات الخاصة به بعد أن حصل على التراخيص اللازمة، ويقع "جايا" في الكيلو 194 على طريق الساحل الشمالي الغربي، ويشغل مساحة  279 فدانا بإجمالي استثمارات تصل إلى 9 مليارات جنيه. ويبدأ تسليم المرحلة الأولى من المشروع خلال الربع الثانى من عام 2023. وقد حققت الشركة مبيعات هائلة بهذا المشروع تجاوزت حجم المستهدف فى مراحله الأولى .

** وهل أصبح العقار مقصدًا لراغبى السكن الفعلى أم أنه تحول إلى مجرد وحدات للاستثمار غير المباشر من قبل صغار المستثمرين ؟ 

 * طرأت على السوق متغيرات جديدة أدت إلى تراجع نسبة المستثمرين ممن يقومون بشراء الوحدات العقارية، خصوصًا فى ظل ارتفاع معدل الفائدة على الودائع البنكية من جانب وتقديم الشركات العقارية أنظمة سداد طويلة الأجل تصل إلى 8 و  10 سنوات من جانب آخر، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الوحدات .

* على صعيد آخر، يشهد القطاع العقارى المصرى حاليًا عددًا من المتغيرات الجديدة التى طرأت على السوق، ففى رأيكم هل سيشهد السوق حدوث اندماجات أو تخارجات لبعض الشركات العقارية خلال هذه الفترة ؟

* الدولة أصبحت أكثر حزمًا فى التعامل مع المستثمرين، وذلك فى ضوء مخططاتها التنموية للدولة المصرية ككل وتنفيذه فى جدول زمنى محدد، و من ثم لم يعد هناك تهاونًا فى تنفيذ هذا المخطط من قبل أى من الجهات، الأمر الذى سيترتب عليه تخارج بعض الشركات العقارية غير الملتزمة أو حدوث اندماجات فيما بينها، وفى تصورى نسبة كبيرة من هذه التخارجات سوف تحدُث من قبل الشركات الجديدة التى دخلت السوق مؤخرًا نظرا لأنها لجأت إلى سبل تسويقية لمشروعاتها تفوق قدراتها وملاءتها المالية فبعضها لجأ إلى نظم سداد تصل إلى 10 سنوات الأمر الذى لا يؤهلها للالتزام ببنود التعاقد مع عملائها. 

** العاصمة الإدارية الجديدة تعتبر أحد أهم المشروعات القومية التى تقوم بها الدولة حاليًا، هل تتوقع أن تتخارج بعض الشركات العقارية التى تقوم بتنفيذ مشروعات استثمارية بها خلال هذه الفترة ؟  

* ما يحدث الآن فى إدارة مشروع العاصمة الإدارية الجديدة يؤكد على حزم الدولة فى تطبيق الشروط والضوابط الجديدة التى وضعتها لتنفيذ مثل هذه المشروعات القومية الضخمة فى ضوء الجدول الزمنى المخطط لها ، ومن ثم تقوم الحكومة حاليًا متمثلة فى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بإجراء متابعة دورية ومستمرة للمطورين العاملين بهذا المشروع.

** وما تقييمكم لتجربة دخول الدولة كمطور عقارى بالسوق ؟

يرجع تاريخ دخول الدولة كمطورعقارى إلى عقود عدة، عندما استشعرت أهمية ذلك فى توفير مسكن للطبقات الفقيرة ومحدودى الدخل، ثم تطورهذا الدور تباعًا حتى أصبحت لاعبًا رئيسيًا فى هذا القطاع ، فمنذ 5 سنوات وحتى الآن قامت بتوفير نحو مليون وحدة لهذه الطبقات، فضلًا عن توفير المسكن الملائم لسكان المناطق العشوائية، كما لا يمكن إغفال الدور الذى تولته الدولة فى توفير الآليات التمويلية الآمنة والداعمة لهذه الطبقات؛ لسداد ثمن الوحدات عبر التعاون مع كل جهات التمويل كالبنك المركزى المصرى وغيره وتقديم كل الدعم لهذه الطبقة، الأمر الذى مكن شرائح واسعة منها من اقتناء وحدات سكنية ملائمة، ثم تطور دور الدولة تباعًا فى هذا المجال، وتحولت إلى مطور عقارى محترف يقدم الخدمات السكنية لكل الشرائح، والقيام بتنفيذ مشروعات قومية ضخمة على غرار العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة وغيرها، و فى رأيى أن هذا الدور يساهم فى إشعال حدة المنافسة بين القطاعين العام و الخاص بما يصب فى مصلحة القطاع العقارى المصرى بالنهاية وتقديم خدمات متميزة للعملاء.

** وماذا عن تأثير الأساليب التسويقية التى لجأت إليها بعض الشركات فيما يتعلق بمد فترات السداد لسنوات طويلة على السوق العقارى ؟

* عهدنا فى القطاع العقارى منذ قديم الأزل أن المشروع العقارى يُنفذ عن طريق التمويل الذاتى للمطور بجانب مقدمات الحجوزات للعملاء ، خصوصًا أن البنوك لا تقرض المشروعات تحت الإنشاء، وعليه فإن ما تقوم به هذه الشركات الحديثة من مد فترات السداد إلى 15 سنة بدلًا من 3 و 4 سنوات، سوف يؤدى إلى تراجع معدلات التنفيذ بصورة ملحوظة من جانب وتباطؤ حركة الطلب على العقار من جانب آخر، وأود أن ألقى الضوء هنا على أن هذه الآلية سوف تضعف من قدرة هذه الشركات على إنهاء المشروعات وتسليمها فى الموعد المقرر، خصوصًا أنها شركات ذات ملاءات مالية صغيرة وهذا ما أخشاه.

** تشهد الفترة الحالية ارتفاعًا كبيرًا فى أسعار الوحدات العقارية فما أسباب ذلك، وهل تتوقع استمرار هذا الارتفاع خلال النصف الثانى من 2019 ؟

ترجع أسباب أرتفاع أسعار الوحدات العقارية بالسوق إلى ارتفاع تكلفة سعر الأرض التى تعد أحد أهم مدخلات الإنتاج العقارى ، بالإضافة إلى ما اتخذته الحكومة من إجراءات خاصة بإلغاء الدعم وما ترتب عليه من ارتفاع أسعار الخدمات من مياه وكهرباء وغاز وغيرها، وتأثير ذلك على الصناعة ذاتها حيث انعكست هذه الزيادات على ارتفاع أسعار مواد البناء كافة من أسمنت و حديد و طوب وغيرها، فضلًا عن ارتفاع سعر العمالة ذاتها،  ولذلك أتوقع استمرار ارتفاع أسعار العقارات بمختلف أنواعها «السكنى و السياحى و الإدارى و التجارى»  خلال عام 2019 و لا يمكن الجزم بنسبة محددة؛ لأنها تعتمد على ارتفاع  الأسعار بوجه عام كما ذكرت، وفى رأيى أن هذا الارتفاع ليس فى صالح العميل أو المطور. 

** وما هى شرائح العملاء التى سوف تظهر على الساحة بوضوح خلال هذه الفترة ؟

العملاء ممن لديهم رغبة فعلية فى السكن .

** وماذا عن الوحدات التى ستستحوذ على الجانب الأكبر من الطلب ؟  

* كما ذكرت أن ارتفاع سعر الأرض، وكذلك مواد البناء سيعملان على اتجاه المطورين إلى تصغير مساحة الوحدات بصورة ملحوظة، وأتوقع أن يستحوذ منتج «الشقق السكنية» ذات المساحات الأقل من 100 متر على الجانب الأعظم من الطلب بالسوق المصرى.  

** فى نهاية حديثنا .. ما هى النصيحة التى تقدمها للمطور العقارى  ؟

* أود أن أقول له إن معطيات السوق قد تغيرت مما يستوجب عليه أن يعى بضوابط و ملامح السوق الجديدة ، خصوصًا فى ضوء الضوابط الصارمة التى استحدثتها الدولة خلال هذه الفترة لتنفيذ مخططتها التنموى فى شتى القطاعات الاقتصادية ، كما يجب أن يعى أن معدلات الربح سوف تتراجع، وعليه الالتزام أمام عملائه للحفاظ على مصداقيته وثقته بالسوق فى ظل هذه المتغيرات.