سجل اليوان الصيني تراجعا قياسيا جديدا أمام سعر صرف الدولار الأمريكي المرتفع، بينما تراجع اليوان المتداول إلى أدنى مستوياته منذ أن أصبحت البيانات متاحة لأول مرة في عام 2011.
وسجلت العملة الصينية أضعف مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، حيث يأتي ذلك في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى، بعد أن رفع البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة مرة أخرى في وقت سابق الشهر الجاري.
كما تراجعت مؤشرات أسواق الأسهم الرئيسية في جميع أنحاء آسيا يوم الأربعاء بشكل حاد.
وأغلق مؤشر نيكي القياسي الياباني على تراجع بنسبة 1.5 %، بينما أغلق مؤشر كوسبي في كوريا الجنوبية اليوم على تراجع بنسبة 2.4 %، وتراجع مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة 2.8 %.
ويسعى البنك المركزي الصيني إلى إبطاء تراجع اليوان بجعله أكثر تكلفة للمراهنة على العملة. كما خفض بنك الشعب الصيني حجم ما يتعين على بنوك العملات الأجنبية الاحتفاظ به.
ويرى العديد من المستثمرين أن الدولار هو الملاذ الآمن لوضع أموالهم في أوقات الشدة.
وساعدت تلك الخطوة في زيادة سعر صرف الدولار أمام العملات الأخرى، بما في ذلك الجنيه الإسترليني، الذي سجل أدنى مستوياته على الإطلاق أمام الدولار يوم الاثنين.
كما سجل الدولار يوم الأربعاء أعلى مستوياته خلال 20 عاما أمام عدد من العملات العالمية الرئيسية التي تراقب الوضع عن كثب.
ويعتبر التراجع الحاد لليوان مثالا آخر على ضعف العملة نتيجة قوة الدولار.
كما يتعلق الأمر أيضا بالمسارات المختلفة تماما التي تسلكها الصين والولايات المتحدة استجابة للقضايا الاقتصادية في الداخل.
وكان بنك الشعب الصيني قد لجأ إلى تخفيض أسعار الفائدة لإحياء النمو في اقتصاد دمرته تدابير الإغلاق للحد من تفشي كورونا، بينما يتحرك بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بقوة في الاتجاه المعاكس في ظل سعيه إلى السيطرة على التضخم.
وقال جوزيف كابورسو، رئيس قسم الاقتصاد الدولي والمستدام في بنك الكومنولث الأسترالي، لبي بي سي، إن مثل هذا الاختلاف ليس مشكلة في المجمل.
وأضاف أن تراجع قيمة العملة يمكن أن يمثل فائدة في الواقع للمصدرين داخل الصين، لأنه سيجعل سلعهم أرخص وبالتالي قد يعزز الطلب.
وعلى الرغم من ذلك لا تشكل الصادرات حاليا غير 20 % من الاقتصاد الصيني، لذا فإن ضعف اليوان لن يغير مسار الضعف الأساسي المحلي الناجم إلى حد كبير عن استراتيجية بكين لمكافحة وباء كوفيد وأزمة العقارات، بحسب كابورسو.
ويمكن أن يفضي ضعف العملة أيضا إلى سحب المستثمرين أموالهم من البلاد، فضلا عن حالة من الغموض في الأسواق المالية، وهو أمر يرغب المسؤولون الصينيون في تجنبه مع انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي الشهر المقبل، الذي من المتوقع أن يحصل فيه الرئيس الصيني، شي جين بينغ، على ولاية ثالثة غير مسبوقة.
وتسبب تراجع سعر اليوان في ضعف عملات أخرى لاقتصادات متقدمة في المنطقة، من بينها الدولار الأسترالي والسنغافوري بالإضافة إلى الوون الكوري الجنوبي.
وكان بنك اليابان قد تدخل، الأسبوع الماضي، من أجل دعم الين للمرة الأولى منذ عام 1998، بعد ضعف العملة أمام الدولار.
كما تواجه الأسواق الناشئة في آسيا خطرا، لكونها تعتمد بشدة على اليوان بسبب عمليات بيع المواد الخام والمكونات للمصانع الصينية.
واتهمت الولايات المتحدة الصين في الماضي بأنها تتعمد خفض قيمة عملتها عن عمد لإبقاء الصادرات رخيصة والواردات من الولايات المتحدة باهظة الثمن.
وعلى الرغم من أن الدولار القوي هز الأسواق العالمية، فمن غير المرجح أن يردع بنك الاحتياطي الفيدرالي عن الاستمرار في رفع أسعار الفائدة.
وقال ديميتري زابلين، من مركز أبحاث السياسة الخارجية بكلية لندن للاقتصاد: "الدولار القوي يعمل لصالح السوق الأمريكية".
وأضاف: "ينظر إلى ذلك بعين الاعتبار، لكنه لن يشكل عبأ مثل القلق المحلي الناتج عن التضخم".