كشف مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، اليوم الخميس، أن الخوض في أحكام الأسرة بغير علم يُشعل الفتن، ويُفسد الأسرة، ويعصف باستقرار المجتمع، موضحًا أن العلاقة الزوجية علاقة سكن تكاملية تقوم على المودة والمسامحة، وحفظ حقوق الرجل والمرأة والطفل، وليست علاقة ندية أو استثمارية نفعية، وتغذية روح المادية والعدائية فيها جريمة أخلاقية.
قدسية الزواج
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى في بيانه عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن أمومة المرأة وزوجيتها، ورعايتها بيتها، وتخريجها أجيالًا صالحة للمجتمع رسالة عظيمة، لا تضاهيها رسالة، وادعاء دونية هذه الأدوار طرح كريه؛ يُقصد به تخلي المرأة عن أهم أدوارها وتفكك أسرتها، مؤكدًا أنه لا يليق بقدسية الزواج ومكانة الزوجة فيه أن تعامل معاملة الأجير في أسرتها، بأن تُفرض لها أجرة محددة نظير أعمال رعاية أولادها وزوجها، وإنما على الزوج واجب النفقة بالمعروف لها ولأولادهما، وإفساد منظومة الأسرة يؤذن بفساد المجتمعات.
وأشار مركز الأزهر إلى أنه للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على أدوار ومهمات حياتهما وفق ما رأيا، وفي حال الاختلاف يرد الأمر المتنازع فيه للشرع الشريف والأعراف المستقرة التي لا تخالفه، والحقوق الزوجية متشابكة ومرتبة على بعضها، مضيفًا أن عمل الرجل خارج المنزل خدمة ظاهرة لزوجته وأهل بيته؛ حتى يُوفر لهم النفقة، وأعمال المرأة المنزلية خدمة باطنة لزوجها وأبنائها؛ حتى يتحقق السكن في الحياة الزوجية.
إرضاع الأم لأطفالها
تابع: وجرى العرف بقيام المرأة على خدمة زوجها وأولادها، وهو كالشَّرط المُلزِم، وتطوع الرجل بمساعدة زوجته في أعمال المنزل سنة عن سيدنا رسول الله ﷺ، وإنفاق المرأة على بيتها من مالها الخاص يُعد من تعاونها مع زوجها وحسن عشرتها له، وهو غير واجب عليها، موضحًا أن إرضاع الأم أولادها واجب عليها حال بقاء الزوجية إن لم يضرها الإرضاع واستطاعته، وهو عُرف مُلزم كالشرط، وتوفير متطلبات الزوجة والأولاد واجب على الزوج بحسب يساره وإعساره.
وأكمل: والأخذ من أحكام الإسلام الخاصة بالمرأة ما يتفق والأهواء، ورفض ما ترفضه، والتعامل مع نصوصه بانتقائية؛ أمر مستنكر لا يتناسب وربانية رسالته، وشمول أحكامه، واستسلام العباد لربهم سبحانه، مضيفًا أن إفساد المرأة على زوجها وأسرتها، وإفساد الرجل على زوجته وأسرته، وتزيين الانفصال لهما؛ تخبيب وتخريب منكر ومُحرَّم؛ لقول سيدنا رسول الله ﷺ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا». [أخرجه أبو داود]
وقال مركز الأزهر للفتوى إن إهدار أعراف الناس المستقرة والموافقة للشرع، والقول في القرآن والسنة بغير علم، وادعاء التضارب بين نصوصهما، والخلط المتعمد بين دلالاتها، أساليب مرفوضة؛ ينتج عنها إثارة الفتن، وتفكك الأسر، وابتعاد الناس عن هدي الإسلام وسماحته وأحكامه.
الزواج علاقة راقية
أكد أن الزواج علاقة راقية تناسب إنسانية الإنسان، وتحفظ حقوقه، ولا تعد بدائلها من العلاقات غير الشرعية المُحرَّمة إلا سقوطًا في وحل الشهوات اللاإنسانى الهابط، واعتداءً على الفطرة السوية، وقيم المجتمع المستقيمة، وإن تعددت مسمياتها أو أُلبست ثياب زورٍ من منطق مُعوجّ، أو حضارة مُدَّعاة، كما أن التستُّر خلف لافتات الحريات وغيرها لتقسيم المجتمع، وبث الشِّقاق بين الرجال وزوجاتهم بدلًا من محاولة زرع الودّ والمحبة؛ فكرٌ خبيث مغرض يستهدف الإضرار بوحدة المجتمع، وإضعاف قوته.
وتابع: وتنحية الدين جانبًا عن حياة الإنسان، وتقزيم دوره، ويدعو إلى استيراد أفكار غربية دخيلة على المُجتمعات العربية والإسلامية؛ بهدف ذوبان هُوُيَّتها وطمس معالمها، مضيفًا أن إذكاء الاستقطاب والنِّدية بين الزوجين، وعرض الزواج في صورة مادية مُنفِّرة غير مبنية على المودة والسكن؛ أمور مرفوضة، منافية لتعاليم الأديان، وفطرة البشر، وقيم المجتمع المستقرة، آثارها المدمرة ونتائجها السيئة لا تحصى، أدناها عزُوف كثيرٍ من الشباب عن الزواج وتكوين الأُسر.