من الجنون بشكل او بآخر عند قراءة العنوان ان تصدق ان هناك فيلا ثمنها السوقي 150 مليون وتباع مجانًا، لكن لو فكرنا بالطريقة العكسية للأمر، ماذا لو كان عرض البيع حقيقيًا؟ بل ومواصفات الفيلا هي مواصفات لا ترفض إطلاقًا وفي ارقي المناطق كذلك في الساحل الشمالي، هل ستقوم بالمبادرة والحصول علي هذا العرض؟ دعونا نبدأ مناقشة عقارية سريعة حول هذا العرض المغري الذي لا يفوت.
بداية الحكاية
انتشر مؤخرًا عدد من الفيديوهات والأخبار حول مجموعة فئات الناس قامت بشراء عدد من الفيلل في مناطق راقية وصل سعر الفيلا فيها لأكثر من 100 مليون جنية مصري، والبعض الأخر 40 مليون وتتفاوت الأسعار المليونية حول هذا الموضوع، واصبح تريند يتناقله الناس في كوميديا سوداء حول مشاكل التضخم التي تضرب العالم كله وتقلص القدرة الشرائية وفي نفس الوقت هناك عمليات بيع تتم بمثل هكذا أثمان.
دعني اخبرك ان المبالغ التي سمعتها بكل تأكيد صحيحة أو مقاربة لها، وهذه حقيقة لا تحتاج إلي عمليات بحث طويلة فيها، وبالمناسبة هذه العقارات صممت مخصوص ليكون سعرها هكذا ولفئة عملاء يقدرون علي دفع ثمنها.
هل يهمك بالفعل شراء فيلا 150 مليون مجانًا؟
دعونا نبدأ في فرضية حول عرض فيلا للبيع مجانًا قيمتها السوقية هي 150 مليون، هل ستقوم بالتقدم لشراءها او ارسال طلب للحصول عليها او ما شابه من الطرق للحصول علي هذه الفرصة الذهبية الثمينة المجانية؟
في غالب الأحيان لا، لن يقوم اي شخص طبيعى بفعل ذلك تطبيقًا للمثل المشهور "الحداية مبتحدفش كتاكيت" وستقوم بالشك في الأمر وانها من الممكن انها دعاية غير مألوفة من الشركة او هو خطأ في الصياغة او لأي سبب كان، سيقوم عقلك حينها بإختراع ملايين الحجج المنطقية وغير المنطقية ليبعدك عن التقدم لطلب الحصول علي هذه الفيلا، بالرغم انك لن تقوم بدفع اي مال للحصول عليها ونسبة المخاطرة هي صفر تقريبًا ! فكما نقول في بعض الأحيان "لن تخسر شيء من التقدم لعل العرض حقيقي بالفعل" لكن عقلك يتجه نحو عدم التصديق والتشكيك وغير ذلك.
العرض حقيقي بالفعل
يؤسفني القول ان عرض شراء هذا العقار الفيلا التي تقدر قيمتها بـ 150 مليون جنية بشكل مجاني هو عرض حقيقي بالفعل، لكنه غير مخصص لك يا عزيزي، هنا الصدمة، فبالرغم من ان العرض لا يتطلب اي شروط للتقدم تقريبًا فلم يتطلب مصدر للدخل او اي شيء مما نراه ونعرفه عند التقدم للحصول علي عقار في اي من المدن الجديدة او المشاريع الكبري او حتي الصغري، فقط تم الطلب منك التقدم للحصول علي الفيلا بدون اي متطلبات، اسمك فقط وطريقة للإتصال بك لتواصل الشركة معك للحصول علي الفيلا، لكنك اضعت الفرصة في النهاية، فالعرض هو للجميع لكنك لا تقدر علي التقدم له لأن المشكلة فيك وليست في العقار نفسه.
علي قد لحافك اتغطي
المشكلة الحقيقية في السوق العقاري ليست في فكرة العقارات بحد ذاتها او بناء المشروعات الكبري سواء علي الأرض او المريخ، بل المشكلة تكمن في ثقافة الشراء العقارية نفسها، فئة تملك شراء اي وحدة سكنية بأي مبلغ من المال في مقابل فئة مجرد ان تقرأ عن وحدة سكنية في مكان ما لا تلفت له علي الإطلاق ولا تهتم لأنها تعرف ان علي قد لحافك اتغطي، الفئة الثانية تستطيع ان تكون الفئة الأولي والفئة الأولي قد تنقلب لتكون في مكان الفئة الثانية في اي وقت، لكن النقطة في الثقافة المالية بالتحديد، الأول عرف كيف تؤكل الكتف ( بعيدًا عن مصدر اكتساب المال من اي مصدر وان الفكرة هي اكتسابه بالحلال بكل تأكيد) والفئة الثانية بحثت عن كل الطرق التي تؤدي إلي نهايات مسدودة.
لكن مازالت الفرصة أمامك بكل تأكيد للحصول علي فيلا مجانًا قيمتها 150 مليون جنية ( قبل او بعد التضخم لن تفرق) في حالة قررت ان تبدأ بالفعل بالإستثمار في نفسك الإستثمار في مهاراتك الإستثمار في الفرص التي تأتي لك، لن تصل في كثير من الأحيان إلي مبلغ 150 مليون لأن سنة الحياة وجود تفاوت في ثروات البشر لكنك بكل تأكيد سوف تصل إلي النقطة التي تجعل فيه لحافك طويل بقدر الإمكان وتستطيع التحرك بخطيء شرائية ذهبية مماثلة لفرصة الفيلا.
مع العلم ان فئة المشترين للفيلل بقيمة 150 مليون هي 5% تقريبًا لكن الفئة التي تستثمر في عقولها هي 1% بكل تأكيد.