تراجع اليورو بالسوق الأوروبية يوم الجمعة مقابل سلة من العملات العالمية ،ليعمق خسائره لليوم السادس على التوالي مقابل الدولار الأمريكي ، ليتخلي عن التداول فوق حاجز 1.0100 دولارا ، مسجلا أدنى مستوى فى 20 عاما ، على وشك تكبد أكبر خسارة أسبوعية فى عامين ، بسبب تفاقم الأزمات الاقتصادية فى أوروبا.
وأصبح الوصول إلى سعر التعادل (واحد يورو=واحد دولار) وشيكا جدا ،مع استمرار تركيز المستمرون على شراء العملة الأمريكية ،قبل صدور بيانات الوظائف الجديدة فى الولايات المتحدة فى وقت لاحق اليوم ،والتي من شأنه أن تعزز الاحتمالات حول الزيادات المتوقعة فى سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية.
سعر صرف اليورو اليوم
انخفض اليورو مقابل الدولار اليوم الجمعة بنسبة 0.9% إلى 1.0072$ الأدنى منذ كانون الأول/ديسمبر 2002 ، من سعر افتتاح التعاملات عند 1.0162 $،وسجل أعلى مستوى اليوم عند 1.0191$.
فقد اليورو بالأمس نسبة 0.2% مقابل الدولار ، فى خامس خسارة يومية على التوالي ، مع استمرار عمليات البيع المفتوحة للعملة الأوروبية الموحدة مقابل سلة من العملات العالمية.
التعاملات الأسبوعية
على مدار كامل تعاملات هذا الأسبوع ،فالعملة الأوروبية الموحدة "اليورو" منخفضة حتى اللحظة بنسبة 3.4% مقابل العملة الأمريكية "الدولار" على وشك تكبد ثاني خسارة أسبوعية على التوالي ،وبأكبر خسارة أسبوعية منذ آذار/مارس 2020 ،أيان اندلاع جائحة فيروس كورونا فى أوروبا.
تتفاقم الأزمات الاقتصادية على نطاق واسع فى أوروبا ،ضمن تداعيات الحرب فى أوكرانيا ،ولاسيما أزمة الوقود وتدهور العجز التجاري ،الأمر الذي يلقي بمزيد من الشكوك حول الزيادات المحتملة فى سعر الفائدة الأوروبية خلال هذا العام.
أزمة الوقود
ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية بنسبة 100% فى غضون أخر أسبوعين تقريبا ،بسبب الفشل فى توفير إمدادات بديلة للغاز الروسي ،وسط أنباء عن قيام موسكو بضغوط إضافية على الإمدادات إلى القارة العجوز من إغلاق خط أنابيب يامال أمس الثلاثاء.
وفى الوقت نفسه ،شهد خط أنابيب "نورد ستريم 1" انخفاضا هائلا فى التدفقات إلى أوروبا قبل الإغلاق الكامل المقرر له فى الأيام المقبلة.
ولمواجهة تلك التطورات السلبية ،تضع السلطات الأوروبية خططا لتزويد المنازل الخاصة بالغاز لبضع ساعات فقط فى اليوم ،ودعت السلطات أيضا الشركات لتوفير مولدات كهربائية للطوارئ.
العجز التجاري
سجلت ألمانيا هذا الأسبوع أول عجز تجاري شهري لها في السلع منذ أكثر من 30 عاما، وسط ارتفاع تكلفة واردات الطاقة، وتعطل التجارة مع روسيا والصين.
ويساهم تدهور العجز التجاري لألمانيا فى تفاقم تدهور الحساب الجاري لمنطقة اليورو الأوسع ، و الذي سجل عجزا أخر فى نيسان/أبريل الماضي بلغ 5.8 مليار يورو
قال المحلل الإستراتيجي فى شركة فاندا للأبحاث "فيراج باتيل" إن التدهور فى ديناميكيات التجارة فى منطقة اليورو هو أحد أقوي الأسباب الهبوطية لليورو الموجودة حاليا ،وأضاف باتيل إن هناك بيئة كلية مختلفة هيكليا بالنسبة لليورو ،فقد تحول الفائض التجاري المزدوج فى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى عجز مزدوج بعد جائحة فيروس كورونا.
ويعني العجز الحالي أن ألمانيا والكتلة أصبح مستوردين صافين ،مما يخلق عبئا أساسيا على اليورو ، ويأتي هذا العجز وسط ارتفاع تكاليف الطاقة وانخفاض الطلب على السلع المصنعة في منطقة اليورو مع تباطؤ الاقتصاد العالمي.
سعر التعادل
قال الرئيس العالمي للأسواق فى بنك إي أن جي "كريس تورنر" سعر التعادل لليورو مقابل الدولار عند 1.00 هو أكبر مستوى نفسي موجود فى أسواق العملات الأجنبية ،ويبدو احتمال الوصول إليه قائم و بقوة.
هل يهبط اليورو إلى سعر التعادل أمام الدولار فى 2022 ؟
أوضح كريس إن المخاوف من الركود العالمي أثرت بشدة على العملات المرتبطة بالدورة الاقتصادية مثل اليورو والجنيه الإسترليني ،ودعمت عملات الملاذات الآمن خاصة الدولار الأمريكي.
وبالنسبة لليورو أصبحت التوقعات الاقتصادية أكثر صعوبة بسبب صدمة الطاقة التي نتجت عن الغزو الروسي لأوكرانيا ،والتي أدت إلى قفزة هائلة فى مستويات التضخم الأوروبية.
وفى الوقت نفسه ،فإن قوة الدولار الأمريكي مدعومة بشكل أكبر بالموقف المتشدد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة ،حيث تتوقع الأسواق زيادة 165 نقطة أساس أخرى خلال الفترة المتبقية من عام 2022.
بينما تتوقع الأسواق زيادة بمقدار 130 نقطة أساس فقط فى أسعار الفائدة الأوروبية ،وهو أمر قد يصعب تحقيقه بسبب التوقعات الاقتصادية المتدهورة بسرعة التي تواجه منطقة اليورو.
لذلك من المتوقع أن يؤدي الفرق الناتج فى سعر الفائدة بين البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي إلي تفضيل الدولار على اليورو ،وحينها الهبوط إلى سعر التعادل قائم و بشدة.
الدولار الأمريكي
ارتفع مؤشر الدولار يوم الجمعة بنسبة 0.7% ، ليوسع مكاسبه للجلسة السادسة على التوالي ،مسجلا أعلى مستوى فى 20 عاما عند 107.79 نقطة ،عاكسا استمرار الصعود الواسع فى مستويات العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات الرئيسية والثانوية.
عزز محضر الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياطي الاتحادي الصادر هذا الأسبوع ،بجانب التصريحات المتشددة من أعضاء لجنة السياسات النقدية الأمريكية ، من احتمالات رفع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار 75 نقطة أساس فى وقت لاحق من هذا الشهر.
ومن أجل إعادة تقييم تلك الاحتمالات يترقب المستثمرون فى وقت لاحق اليوم ،صدور بيانات هامة عن سوق العمل فى الولايات المتحدة خلال حزيران/يونيو ،والتي من المتوقع أن توفر أدلة قوية حول صحة أكبر اقتصاد فى العالم خلال الربع الثاني من هذا العام.
توقعات
يتوقع العديد من محللي العملات الأجنبية أن تفاقم الأزمات الاقتصادية فى أوروبا ،خاصة أزمة إمدادات الغاز الطبيعي ،سوف تدفع مستويات اليورو مقابل الدولار لأقل من سعر التعادل خلال الفترة القصيرة القادمة.
نتوقع هنا فى موقع "أف اكس نيوز تودي" استمرار تحرك اليورو فى المنطقة السلبية مقابل الدولار الأمريكي ، فى طريقه صوب سعر التعادل عند واحد يورو لكل واحد دولار ،وإذا كانت بيانات الوظائف الأمريكية أفضل من التوقعات ،سوف يتداول اليورو دون هذا السعر للمرة الأولى منذ كانون الأول / ديسمبر 2002.