البارون .. قصص وحكايات عن قصر «العجائب والأشباح»


الاحد 08 ديسمبر 2019 | 02:00 صباحاً
هايدى فرنسيس

embed"> >> يقوم بالدوران حول نفسه لتصميمه على

قاعدة متحركة أشبه بـ «رولمان بلى»

>> تم

الانتهاء من تدشينه عام 1911 ليكون مقرًا للبارون البلجيكى إدوارد إمبان

>>

الانتهاء من ترميمه بتكلفة 114 مليون جنيه وافتتاحه خلال الشهر الجارى لاستقبال

الزوار

 قصر البارون ليس

مجرد مبنى عادى .. بل هو جزء من تاريخ مصر وثقافتها وأحد الشواهد على حضارتها..

اجتمعت فيه كل معايير التشييد والبناء فأخرجت إلى النور تحفة معمارية نادرة يصعب

تكرارها .. لذلك ظل محتفظا بقيمته التاريخية رغم مرور السنوات وأعمال النهب

والتخريب والإهمال التى تعرض لها .. لكن مع يوليو عام 2017 فاق المسئولون من

سباتهم العميق وقرروا رد الاعتبار لهذا الصرح العملاق الذى يقبع فى أحد أهم أحياء

مصر الحديثة «مصر الجديدة»، وهو ما وضح جليا فى قرب الانتهاء من ترميمه بتكلفة

تجاوت الـ 114 مليون جنيه والاستعداد لافتتاحه نهاية الشهر الجارى تمهيدا لاستقبال

الزوار من شتى بقاع العالم.

يرجع تاريخ هذا

المبني الي نهاية القرن التاسع عشر، بالتحديد بعد عدة سنوات من افتتاح قناة

السويس، حيث رست على شاطئ القناة سفينة كبيرة قادمة من الهند، وكان على متن هذه

السفينة مليونير بلجيكي يدعى إدوارد إمبان، كان وقتها يحمل لقب بارون الذى منحه لة

ملك فرنسا تقديرا لمجهوداته في إنشاء مترو باريس حيث كان "إمبان" مهندسا

متميزا.

عاش

"إدوارد إمبان" سنوات طويلة في الهند وعشق الأساطير القديمة حتى كان

قراره بالبحث عن مكان تاريخي أقدم ولم يجد أمامه سوى مهد الحضارات القديمة «مصر»، وعند قدومه إليها اتخذ قرارا مصيريا بالبقاء فيها حتى وفاته، وكتب في وصيته أن يدفن في

ترابها حتى لو وافته المنية خارجها.

كان من الطبيعي

على من اتخذ مثل هذا القرار أن يبحث له عن مقر إقامة دائم في مصر وكان أغرب ما في

الأمر هو اختيار البارون "إمبان" لمكان في الصحراء بالقرب من القاهرة.

وقع اختيار البارون

على هذا المكان باعتباره متاخما للقاهرة وقريبا من السويس ولتمتع المكان بصفاء

الجو ونقاء الهواء، بعد ذلك عكف على دراسة الطراز المعماري الذي سيشيد به بيته في

القاهرة ولأن البارون كان مهتما أيضا بفن العمارة فقد اتخذ قرارا بأن يقيم قصرا لا

مثيل له في الدنيا كلها.

لكن بقي اختيار

الطراز المعماري مشكلة تؤرقه حتى عثر على ضالته المنشودة داخل أحد المعارض الفنية

في العاصمة الفرنسية، ففي هذا المعرض وقعت عيناه على تصميم لقصر غاية في الروعة

أبدعه فنان فرنسي اسمه "ألكسندر مارسيل"، وكان خليطا رائعا بين فن

العمارة الأوروبي وفن العمارة الهندي.

لم يتردد للحظة،

وقرر شراء التصميم من "مارسيل" وعاد به إلى القاهرة، وسلم التصميم لعدد

من المهندسين الإيطاليين والبلجيكيين ليشرعوا في بناء القصر على الربوة العالية

التي حددها لهم في صحراء القاهرة.

بعد 5 سنوات وتحديدًا

فى عام 1911، خرجت التحفة المعمارية من باطن الصحراء، قصر

فخم جملت شرفاته بتماثيل مرمرية على شكل أفيال وبه برج يدور على قاعدة متحركة أشبه

بـ «رولمان بلى» تقوم بدورة كاملة كل ساعة لتتيح للجالس به مشاهدة ما حوله في جميع

الاتجاهات.

القصر حجمه

صغير، فهو لا يزيد عن طابقين ويحتوى على 7 حجرات، الطابق الأول عبارة عن صالة

كبيرة وثلاث حجرات 2 منهما للضيافة والثالثة استعملها البارون إمبان كصالة للعب

البلياردو، أما الطابق العلوى فيتكون من 4 حجرات للنوم ولكل حجرة حمام ملحق بها،

وأرضية القصر مغطاة بالرخام وخشب الباركيه، أما البدروم "السرداب" فكان

به المطابخ والجراجات وحجرات الخدم، وتعلوه قبة كبيرة، وعلى جدران القصر توجد

تماثيل مرمرية رائعة لراقصات من الهند وأفيال لرفع النوافذ المرصعة بقطع صغيرة من

الزجاج البلجيكي وفرسان يحملون السيوف وحيوانات أسطورية متكئة على جدرن القصر،

واللافت للنظر أنه تم إنشاء القصر بحيث لا تغيب عنه الشمس

مع مرور السنوات

بدأت تتردد العديد من الأقاويل حول أنه تحول إلى بيتًا للأشباح، منها سماع أصوات

لنقل أساس القصر بين حجراته المختلفة في منتصف الليل، والأضواء التي تضيء فجأة في

الساحة الخلفية للقصر وتنطفئ فجأة أيضا، وتبلغ درجة تصديق السكان المجاورين للقصر

حدا كبيرا، فيصرح بواب إحدى العمارات المواجهة للقصر بأن الأشباح لا تظهر في القصر

إلا ليلا، وهي لا تتيح الفرصة لأحد أن يظل داخل القصر مهما كان الثمن، ومازاد الناس

تصديقًا لهذه الخرافات هو ما ررده البعض وتحديدا في عام 1982 بأنهم رأوا ذات مرة

دخانًا ينبعث من غرفة القصر الرئيسية ثم دخل في شباك البرج الرئيسي للقصر، بعدها

ظهر وهج نيران ما لبث أن انطفأ وحده دون أن يعمل على إطفائه أحد.

السبب في الغموض

الذي يحيط بالمنزل أنه يوجد في القصر غرفة حرّم البارون إمبان دخولها حتى على نجلته

وشقيقته البارونة "هيلانة" وهي الغرفة الوردية ببدروم القصر، وهذه

الغرفة تفتح أبوابها على مدخل السرداب الطويل الممتد لكنيسة البازيليك والتي دفن

فيها البارون بعد موته.

من الأسباب التي

أدت إلى زيادة الغموض هو مقتل "هيلانة" بعد سقوطها من شرفة غرفتها

الداخلية وقتما كان يدور البارون ببرج القصر ناحية الجنوب، وتوقفت القاعدة عن

الدوران في تلك اللحظة بعدما هب البارون لاستطلاع صرخات شقيقته، وكانت هذه هي

الشرارة الأولى لقصص الأشباح التي تخرج من غرفة شقيقة البارون لغرفته الشخصية، وهو ما جعل القصص الشعبية تشير إلى أن روح

"هيلانة" سخطت من تأخر البارون في إنقاذها، وهو ما عطل تروس دوران البرج

الدائر التي لم تدر منذ ذلك الحين حتى موت البارون نفسه عام 1929، ومنذ ذلك الحين

وأهالي حي مصر الجديدة القدامى يعتقدون أن البارون "إمبان" كان قد نجح

بعد وفاة شقيقته في تحضير روحها للاعتذار عن عدم مبادرته بسرعة إنقاذها بعد سقوطها

من غرفتها وربما عدم قبول روح شقيقته الاعتذار هو الذي أدخله مرحلة اكتئاب أدت في

النهاية لوفاته.

وخلال العقود

الماضية زاد اهتمامات الكثيرين من المغامرين بمبنى القصر، وبعضهم كان يفضل إقامة

حفلات الشواء أعلى برجه الذي كان يدور يوما ما، لذلك ارتبطت سيرة القصر  بكثير من الظروف التي أضافت حوله هالة من

الإثارة والغموض وربما هذا ما يفسر ظهور أكثر من كتاب في السوق يتناول قصة قصر

الأشباح الذي كان يملكه البارون إمبان.

ويفسر ذلك أيضا

المحاولات المستمرة لشركات الإنتاج الفنية الأجنبية لعرض مبالغ طائلة للدخول إليه

وتصوير بعض مشاهد أفلامها في الداخل، الأكثر

إثارة أن معظم ما طلبت الشركات الأجنبية تصويره داخل القصر كانت مشاهد رعب لأفلام

تشبه إلى حد كبير "كونت دراكولا" و"مصاص الدماء" الأمر الذي

يشير إلى أن قصة "قصر الرعب" لم تقتصر على المصريين فقط بل امتدت إلى

العالم أجمع.

ومؤخرًا زار وفد

من  لجنة الثقافة والآثار والإعلام بمجلس

النواب، القصر لتفقد الأعمال النهائية لعملية ترميمه، التي استغرقت وقتًا لإعادته

إلى رونقه من جديد.

وأوضح أسامة

هيكل رئيس لجنة الثقافة والآثار، أن ما يثار حول تغيير لون الطلاء لجدران وتماثيل

القصر، غير حقيقي، واللون المستخدم في الترميم، هو اللون الأصلي للقصر، ولكن ما

تعرض له سابقًا من إهمال وأعمال تدمير، كانت شوهت صورته المعمارية المميزة، فضلا

عن سرقة العديد من مقتنياته.

وقال خالد

العناني وزير الآثار، إنه من المقرر الانتهاء من أعمال ترميم قصر البارون 31

ديسمبر الجارى، لافتًا إلى أنه يحتوى على معرض يحكى تاريخ مصر الجديدة من العاصمة

المصرية القديمة، وحتى اليوم.

 وردًا

على الانتقادات والصور التي تم نشرها علي صفحات التواصل الاجتماعي والتي تظهر وجود

لون أبيض على أحد واجهات قصر البارون أثناء ترميه.

أكد العميد هشام

سمير مساعد وزير الآثار للشؤون الهندسية والمشرف على مشروع القاهرة التاريخية، أن

اللون الأبيض الموجود بأحد وجهات قصر البارون إمبان، هو عبارة عن مياه محملة

بالأسمنت الأبيض المخلوط ببودر الرخام والمستخدمة كمونة لتقفيل عراميس البلاط

الرخامي والفسيفساء الاثري الذي يتم اعادة تركيبه بعد ترميمه في مكانه الأصلي بسطح

القصر.

 وأشار إلى أنه عند هطول الأمطار، تراكمت مياه

الأمطار على سطح القصر وهو ما كان سببًا فى ظهور مثل هذه الصور التى انتشرت عبر

مواقع التواصل الاجتماعى، لافتًا إلى أنه تم بالفعل إزالة ما شاب هذه الواجهة وأن كل

ما يتردد عن تغيرر معالم القصر الخارجية غير صحيح بالمرة.