قالت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية إن ملف تغير المناخ يظل على رأس أولويات مصر، ويتجسد في رؤية مصر 2030، وإحدى أولوياتها الأساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
جاء ذلك خلال مشاركة السعيد عبر الفيديو كونفرانس، في المؤتمر الذي نظمته الجمعية المصرية البريطانية للأعمال تحت عنوان "مصر الطريق إلى Cop27: سد فجوة التنفيذ والتمويل" بلندن.
وافتتحت السعيد الندوة المنعقدة تحت عنوان"إعادة بناء عالم أفضل: تعزيز الشراكات لقيادة التكيف والمرونة في مصر" خلال فعاليات الموتمر الذي شهد انعقاد عدة ندوات تضمنت ندوة عن تنفيذ المناخ، وأخرى بعنوان "التمويل المبتكر مفتاح الاقتصاد الأخضر"، ندوة مالية، وأخرى حول البنية التحتية والمواد المتجددة، وكذلك ندوة عن الرعاية الصحية، وذلك بمشاركة عدد من الوزراء المصريين وخالد نصير رئيس الجمعية المصرية البريطانية للأعمال.
وفي مستهل كلمتها، أشارت السعيد إلى تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) التي تتحدث عن أن الاحترار في مصر وأفريقيا وكذا منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من المتوقع أن يكون أعلى من المتوسط العالمي.
وقالت السعيد "إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستستمر في المعاناة من آثار ارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع مستويات سطح البحر، التغيرات المفاجئة في هطول الأمطار، والظواهر المناخية المتطرفة".
وتابعت" أن مثل هذه التحديات المتتالية تمثل مخاطر كبيرة على العديد من جوانب الحياة، خاصة أنها تقوض الزراعة والأمن الغذائي؛ ما قد يؤدي إلى عكس مكاسب التنمية التي تم تحقيقها بشق الأنفس، مضيفة أنها تعتبر الأسباب الجذرية لظاهرة "الهجرة الناجمة عن تغير المناخ".
وأوضحت أنه على الرغم من المساهمة في 0.7٪ فقط من انبعاثات الاحتباس الحراري العالمية، إلا أن مصر لا تدخر أي جهد لتعزيز البرامج والمشروعات لتسريع زخمها نحو التحول الأخضر، واعتماد نهج تشاركي، ومشاركة جميع أصحاب المصلحة المعنيين من أجل وضع أطر السياسات لتسهيل هذا الانتقال.
ولفتت السعيد إلى إيمان الحكومة المصرية بأهمية تعزيز ودمج مفاهيم الاقتصاد الأخضر والدائري في عملية التعافي من جائحة كورونا والأزمات اللاحقة، مع النظر إلى المبادئ الأساسية والمتمثلة في "النمو الشامل والمستدام" و مبدأ " عدم ترك أحد خلف الركب ".
ونوهت السعيد إلى إطلاق مصر "الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ"، والتي تتناول جميع جوانب تغير المناخ بما في ذلك التخفيف والتكيف وآليات التنفيذ من حيث التمويل ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات، بالإضافة إلى الرصد والمتابعة، واستكشاف إمكانية إنشاء سوق كربون محلي.
واستعرضت ما اتخذته مصر من خطوات نحو التحول الأخضر، مشيرة إلى إطلاق "سندات خضراء" بقيمة 750 مليون دولار لتعبئة الموارد مشروعات خضراء خاصة في مجال النقل النظيف، مضيفة أن القطاع الخاص المصري يستعد لإطلاق "سندات خضراء خاصة" بقيمة تتراوح ما بين 120-200 مليون دولار.
وأضافت أنه من ضمن الخطوات التي اتخذتها مصر صياغة حزمة من الحوافز المالية وغير المالية لتعزيز التحول الأخضر للقطاع الخاص في مصر، مع تفعيل بعض مواد قانون الاستثمار في هذا الصدد، إلى جانب إطلاق إرشادات "معايير الاستدامة البيئية" التي تهدف إلى تخضير مشروعات الخطة الاستثمارية لتصل إلى 30٪ من إجمالي المشروعات في العام المالي الحالي 2021/2022 ، ولتصل إلى 40٪ العام المالي المقبل و50٪ بحلول السنة المالية 2024/2025، وذلك من خلال الاستثمار في النقل النظيف والطاقة المتجددة وكفاءة المياه ومشروعات الصرف الصحي، مؤكدة أن أحد أهم العناصر للتنمية المستدامة يتمثل في الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية.
وقالت الدكتورة هالة السعيد" إن الحكومة قامت بتطوير خطة وطنية لتنمية الموارد المائية، لتعلن مصر في نهاية عام 2020 عن استراتيجية للموارد المائية حتى عام 2050 بتكلفة تصل إلى 50 مليار دولار بما يقدر بنحو 900 مليار جنيه".
وتابعت السعيد أن تلك الاستراتيجية تهدف إلى تحقيق الاستخدام الرشيد للمياه الجوفية، وتحسين وتطوير واستخدام أنظمة الري الحديثة في الأراضي الزراعية، وتفعيل جمعيات مستخدمي المياه، إلى جانب تعزيز قدرات مشاركة القطاع الخاص فيما يخص إدارة وتشغيل وصيانة أجزاء من الأراضي الزراعية.
وأكدت السعيد أن التمويل يظل عنصرًا رئيسيًا في تحديد السياسات ورفع مستوى الطموح للعمل المناخي بشكل عام والبنية التحتية المستدامة للمياه بشكل خاص، مشيرة إلى ضرورة إعطاء الأولوية القصوى لتقييم الاحتياجات وتعبئة تمويل ميسور لمشروعات تغير المناخ، بما يشمل المنح أو القروض الميسرة أو ضمانات الائتمان، وقبل كل شيئ الاستثمار المباشر.
وأوضحت أن الاستثمار الخاص يسهم في تحفيز النمو الاقتصادي، من خلال خلق فرص العمل، وبناء المهارات، وتحفيز الابتكار، مع دعم التحول الأخضر، وتقليل المخاطر إلى الحد الأدنى وتوفير وضع مربح لجميع الأطراف.
وعلى مستوى الهيكل المؤسسي والحوكمة وإطار السياسات، أوضحت السعيد أن الحكومة المصرية تعمل حاليًا على تحديث رؤية مصر 2030، والتي سيتم إطلاقها قريبًا للاستجابة للتحديات الجديدة والناشئة، بما في ذلك قضايا النمو السكاني، وتغير المناخ وندرة المياه، مع مراعاة التغيرات الجيوسياسية الإقليمية مع الأخذ في الاعتبار آثار جائحة كورونا.
وأكدت السعيد أهمية مشاركة مستثمرين من القطاع الخاص لترسيخ المبادئ الخضراء في جميع الأنشطة الاقتصادية من أجل عكس الآثار المدمرة على حدود الكوكب والتي سيعاني منها الجميع، موضحة أن أفضل طريقة للمشاركة تأتي من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لاسيما من خلال صندوق مصر السيادي الذي يوفر مساحة أكبر للقطاع الخاص للمشاركة وزيادة توافر الأموال، مع إدارة المخاطر بشكل أكثر فعالية.